افتتاحية الصدىالأخبارمقالات و تحليلات

الرئيس غزواني في ضيافة محمد السادس .. زيارة خاصة بنكهة زيارة دولة (افتتاحية) / بقلم محمد عبد الرحمن المجتبى

محمد عبد الرحمن المجتبى / المدير الناشر رئيس التحرير لمجموعة الصدى للاعلام

رغم أنها زيارة خاصة وغير رسمية، تلك التي أدى الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مؤخرا للمملكة المغربية للإطمئنان على صحة حرمه الدكتورة مريم منت الداه التي تخضع لعملية جراحية في المستشفى الملكي الخاص ، إلا أن استقباله الرسمي من طرف العاهل المغربي محمد السادس الذي يخضع لفترة نقاهة صحية بعد عملية الكتف التي خضع لها مؤخرا ، شكل حدثا استثنائيا سيطر على إهتمامات الإعلام والسياسية في البلدين والمنطقة، مع تباين شديد في قراءة مابين سطور ذلك البلاغ الصادر عن الديوان الملكي المغربي بخصوص هذه الزيارة التي تجمع الرجلين لأول مرة ولو في لقاء غير رسمي.

الواقع أنني لا أفهم حتى اللحظة استغراب البعض لهذا اللقاء ، حتى ولو كانت الزيارة خاصة وغير رسمية ، لأنه من المتوقع والطبيعي جدا أن يتم هذا اللقاء بين القائدين والعكس هو الصحيح ، خاصة أن زيارة الرئيس غزواني للسيدة حرمه تتزامن مع وجود الملك محمد السادس  في حالة صحية تستدعي الإطمئنان على صحته ولو بعيدا عن الاعلام وعدساته ، خاصة أن غزواني أبرق قبل أيام رسالة معايدة للملك

غلاف العدد

ثم أن ما لا يعلمه الكثيرون ربما أن اللقاءات الرسمية وزيارات العمل بين الدول يتم التمهيد لها بلقاءات خاصة سرية على مستوى اللجان المشتركة المتخصصة وحتى على مستوى القادة إذا تطلب الأمر ذلك.

ويبدو أن الاستقبال الباذخ الذي حرص الملك محمد السادس على تخصيصه لضيفه محمد ولد الشيخ الغزواني ، وما يقرأ من ملامح الرجلين خلال حديثهما الودي والعفوي كان مفاجئا للجميع ، ولا أدري ما هي أسباب ذلك ، فهل كانت علاقتنا مع المغرب سيئة لهذه الدرجة ، أم ان هناك من بيننا في موريتانيا قبل الآخرين من يريد لها ذلك ؟ صحيح أن الرئيس الغزواني لم يقم بزيارة رسمية للمغرب خلال مأموريته المنصرمة  ، رغم زيارته للشقيقة الجزائر ثلاث مرات في هذه السنة وحدها ، وصحيح أن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز فشل فشلا ذريعا في تطوير العلاقات مع المغرب بل كاد يدمرها ، وصحيح أن آخر رئيس موريتاني زار المغرب هو العقيد إعلي ولد محمد فال طيب الله ثراه في نوفمبر 2005م

كل ذلك صحيح وصحيح أيضا أن الملك محمد السادس زار موريتانيا مرة واحدة سنة 2001م رغم زياراته المكثفة للدول الافريقية من حولنا!

لكن السؤال الأهم هو هل تعطلت وتيرة التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين موريتانيا والمغرب بسبب عدم تبادل  الزيارات الرسمية على مستوى القادة في البلدين  ؟

أعتقد أن إلقاء نظرة سريعة على حجم التبادل الاقتصادي بين موريتانيا والمغرب  توضح لنا بلغة الأرقام حسب إحصائيات رسمية أن المغرب يستقطب 19 في المائة من حصة إفريقيا من التبادل التجاري مع موريتانيا، وفي سنة 2022م قدر حجم التبادل التجاري بين المغرب موريتانيا ب 300مليون دولار ، هذا مع أن المغرب تعتبر الوجهة الأولى للموريتانيين خلال فترات العطلات وحتى الاستطباب ، اما على المستوى الثقافي فما تقدمه المغرب من مقاعد للطلاب الموريتانيين في الجامعات المغربية في مختلف التخصصات يشي بعمق ومتانة العلاقات بين البلدين وحتى على المستوى السياسي والأمني فالتنسيق دائم ومستمر عبر القنوات والجهات الخاصة ولم تتحدث أي جهة رسمية موريتانية أو مغربية عن خلاف حاد في وجهات النظر حتى في القضايا الحساسة المتعلقة بملف الصحراء

وبالعودة للقاء “الخاص” بين القائدين الغزواني ومحمد السادس والذي يبدو أنه أزعج “البعض” نعتقد أنها بالفعل  كانت زيارة خاصة لكنها بنكهة زيارة رسمية ،  وستشكل  قفزة نوعية في تاريخ العلاقات بين البلدين الشقيقين ، لكن ذلك لا يجب أن يكون مؤشرا على تدهور علاقات موريتانيا مع أي دولة أخرى ، وقد آن الأوان لنا كموريتانيين أولا وكأشقاء ثانيا أن نفهم أن علاقات الدول يجب أن تنطلق من محددات مصالحها الخاصة وسيادتها المقدسة ، وعلى الأقلام “غير النزيهة” هنا وهناك أن تتوقف عن دق الأسفين بين موريتانيا ومحيطها الحضاري وعمقها الاستراتيجي ، وعلينا كإعلاميين أن ندفع في اتجاه تعزيز علاقات موريتانيا مع كل الدول خاصة تلك التي تدعم بصدق، ولديها تجارب ملهمة يمكننا الاستفادة منها في مشروعنا التنموي الواعد.

 

المصدر : أفتتاحية “صحيفة” الصدى الأسبوعية الصادرة الاثنين 21جمادي الثانية 1446هـ الموافق 23/12/2024م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى