الأخبارمقالات و تحليلات

بورقيبة سياسي وزعيم لا ينسى / ا.د كريم فرمان

ا.د كريم فرمان / كاتب واكاديمي من العراق

في تونس  الخضراء كما تلقب كان الرئيس التونسي الحبيب بورقيية او مثلما كان يطلق عليه الاعلام التونسي بالمجاهد الاكبر  استنادا إلى تاريخه المعروف في جميع اشكال الكفاح ضد المستعمر الفرنسي، يوم عرضت عليه كرئيس مشكلة تحصل في كل البلدان الا وهي كيفية معالجة ملف الاطفال مجهولي النسب او اللقطاء وهم أرواح بريئة لا ذنب لها،  المعالجة  اي من حيث التسميات والايواء والرعاية فاصدر فرارا بانشاء قرى الايتام في تونس واطلق عليها قرى ابناء بورقيبة وفعلا تضمن المرسوم الرئاسي بان يسمى رسميا في سجلات الاحوال المدنية كل الاطفال من فئة مجهولي النسب بابناء بورقيبة الرئيس بمعنى يكتب في حقل اسم الوالد( الحبيب بورقيبة) .

وعندما يكبر هؤلاء سوف يلحقهم في الحرس الرئاسي او الاجهزة المهمة والجيش ومن الطبيعي ان يكون  ولائهم للرئيس والدولة التي تولت

تربيتهم واعدادهم والعناية بهم اضافة الى حنان وعطف الوالد عليهم رئيس الجمهورية!!!

و يذكر الدكتور فاضل الجمالي المولود عام 1903 اخر رئيس وزراء للعراق في العهد الملكي بانه ذهب في مطلع الخمسينات من القرن المنصرم لحضور اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها العادية بصفته وزيرا للخارجية ورئيسا للوفد العراقي وكان مقررا لها ان تناقش موضوع حق تقرير المصير للشعوب المستعمرة يقول وعند باب المنظمة الدولية  وجدت  الحبيب بورقيبة المناضل التونسي وقد منعه الحرس من الدخول لكونه لا يحمل باج الولوج الى مقر المنظمة الدولية وهنا قام د. الجمالي بنزع باجه الخاص ووضعه ع صدر بورقيبه وادخله معه إلى قاعة الاجتماع وعندما انهى الجمالي كلمة العراق قال للحضور اسمحوا لي ان اقدم لكم المناضل التونسي والمطالب باستقلال بلده من الاستعمار الحبيب بورقيبة فارتقى بورقيبة المنصة وسط ذهول الحضور وألقى خطبة تاريخبة مؤثرة بينما كان المندوب الفرنسي هائجا بالصراخ والاحتجاج.!!!!

ولكن

عندما استدار الزمن  كعادته وقلب  ظهر المجن للجمالي رئيس الوزارة بعد سقوط الحكم الملكي في العراق عام ١٩٥٨م وحكم عليه بالاعدام  في المحكمة الهزلية المسماة محكمة المهداوي  نسبة إلى العقيد فاضل عباس المهداوي رئيس المحكمة والذي وجه للجمالي المتحصل على الماجستير والدكتوراة من جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية سيلا من السباب والشتائم  ذهب الرئيس بورقيبة بنفسه إلى بغداد وتوسط لدى عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء في العهد الجمهوري واطلق سراح الجمالي من السجن واصطحبه معه في الطائرة إلى تونس 🇹🇳 ليقضي كل حياته في تونس حتى وفاته معززا مكرما في عام 1997م .

وهكذا ضرب بورقيبة مثلا في الوفاء.

واتذكر انه عندما قام  النائب صدام حسين رحمه الله بزيارة تونس عام ٧٨ قبل أن يصبح رئيسا للعراق ، وكان مقررا بحسب البروتوكول حينها ان يستقبله محمد مزالي رئيس وزراء تونس الا انه فوجيء صدام حسين بان من يقف على سجادة الاستقبال الموضوعة عند سلم الطائرة هو الرئيس بورقيبه بنفسه وسره  كثيرا ذلك الموقف مما اضفى على العلاقة بينهما لاحقا مساحة في غاية الود والاحترام سهلت الاستجابة لطلبات تونس من العراق وخصوصا قيام العراق بطباعة جميع مناهج الدراسة في تونس وكتبها لسنوات عديدة.

وكنت سمعت من مسؤول تونسي سابق بان مزالي فوجيء بقدوم الرئيس بورقيبة الى المطار قبل دقائق من هبوط طائرة صدام   فقال لا داع لحضوركم سيادة الرئيس فأنا نظيرا للضيف الكريم من العراق الشقيق  فرد عليه بورقيبة قيمة الرجال في مستقبلهم وليس حاضرهم!!!

  وفعلا لم يمر عام الا وصدام أصبح  رئيس العراق القوي.

ويذكر التونسيون ان نقاشات حادة جرت عقب اصدار بورقيبة مجلة الاحوال الشخصية وهي عبارة عن قوانين تضمنت حقوقا للمرأة  اعتقد البعض انه بالغ فيها فما كان من الرئيس الا ان يخاطبهم نحن جميعا ممن نحكم هذه البلاد أبناء التاقصات!!

في إشارة خفية إلى مضمون الحديث النبوي الشريف..

ولا ينسى المؤرخون بان بورقيبة كانت له نبوءة عندما طلب من العرب القبول بقرار تقسيم فلسطين الى دولتين عام ٤٨ وتكون عاصمة فلسطين القدس كاملة وكل الضفة الغربية وغزة لكن للأسف  هاجمه الكثير واتهموه بخيانة القضية الفلسطينية لكنه اكتفى بالرد عليهم سوف ياتي يوما تتمنون فيه الحصول على ربع فلسطين ولن تفلحوا.

رحم الله بورقيبة صاحب المبدأ الشهير في ممارسة السياسة ( خذ وطالب !)  وهو صحيح جدا فالسياسة كما قال عنها الملك الحسن الثاني رحمه الله ليست فن الممكن فحسب انما ايضا هي فن التوقع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى