الأخبارفضاء الرأي

خطاب النعمة.. والرهان الأمني / محمد محمود أبو المعالي

تحدث رئيس الجمهورية المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني في مهرجان مدينة النعمة التي استهل منها جولته الانتخابية في ولايات الوطن، عن الأمن وحماية الحدود وسلامة المواطنين، بأسلوب صارم وحازم، أسفر خلاله عن صلابة شكيمة وثقة مطلقة فيما يراهن عليه، وصلت حد ربط مصيره كرئيس للبلاد ومرشح لمأمورية ثانية، بقدرته على حفظ الأمن والأمان في البلد، حين قال ما معناه “إن لم أحفظ أمنكم وأمن البلاد فلا فائدة ترجى مني”.
ويمضي ولد الغزواني في تصعيد خطاب الصرامة الحازم حيال الهاجس الأمني، ليرفع العقيرة بالتحدي لكل من تحدثه نفسه باختراق الحدود ولو قيد متر واحد داخل أرض الوطن، بنية مبيتة أوشر مستطير، متوعدا برد الصاع صِيعانا، والشبر ذراعا، وذلك جزاء وفاقا لكل من تسول له نفسه المجازفة واختبار صلابتنا، بخدش أمننا، والمس من سكينة وطننا.
كان الرجل يتحدث وهو يدرك موقفه المكاني، هنا في مدينة النعمة حاضرة ولاية الحوض الشرق، على مرمى حجر من الحدود المضطربة مع جمهورية مالي، وأمام الآلاف من السكان الذين درجوا على الانتجاع وتتبع مساقط الغيث ومنابت الكلأ في الأراضي المالية، وقد أتى عليهم حين من الدهر سلكوا فيها سبلا فجاجا يمشون في أسواقها ويميرون أهلهم منها ويرعون أنعامهم، قبل أن تعصف بها عاصفة الاضطرابات وتغزوها عصابات فاغنير ويصلها الجيش المالي المثخن بسنوات من الحرب الضروس والقتل والقتال، في مواجهة جماعات التمرد والتطرف والفوضى الهدامة.
وإنصافا للتاريخ، ولكي نضع تصريحات الرئيس ولد الغزواني في سياقها الأنسب، لا مندوحة عن العودة إلى قريب التاريخ والسنوات الخوالي، لنتذكر أن مسؤولية الرجل ورؤيته في تأمين البلاد وحماية الحوزة الترابية، ليست وليدة خطاب النعمة، ولا بدعة برنامجه الانتخابي، فقد تولى الرجل قيادة الجيش قبل عقد ونيف من الزمن، فاستلمه حينها بقايا كتائب مجهزة بخردة السلاح وحطام المركبات، عاجزة عن صد سطوة جماعات الإرهاب التي تصول وتجول في أرجاء الوطن قتلا وخطفا وتفجيرا، من لمغيطي إلى تورين إلى الغلاوية إلى ضواحي العاصمة، وحتى آخر نقطة من حدودنا غربا على شاطئ المحيط الأطلسي حيث يُسطى على الرعايا الأجانب ويختطفون، وعلى مدى عشر سنوات حول الرجل الجيش الوطني من جيش مرتبك ضعيف بلا وسائل ولا معدات، إلى جيوش برية وبحرية وجوية، مجهزة بالعدة والعتاد، وبسط سيطرته على أجزاء كبيرة من فلوات وصحاري شمال وشمال شرق البلاد كانت مسرحا لعصابات تهريب المخدرات والجريمة المنظمة، ودحر سرايا الإرهابيين وكتائبهم وأعادهم إلى جحورهم خارج الحدود مذمومين مدحورين لا يلوون على شيء، وأصبح المواطن يجوب أحقاف الوطن ووهاده وسهوله ووديانه، بالعشي والإبكار، أمنا مطمئنا “لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه”.
وباتت كبريات هيئات التصنيف والتقييم العسكرية العالمية، تصنف الجيش الموريتاني كواحد من أقوى جيوش منطقة الساحل.
تلكم هي الخلفية التي تحدث منها الرئيس ولد الغزواني بكل ثقة وصلابة، حين أعلن أمام سكان النعمة التحدي لمن يخترق الحدود ويعيث في الأرض فسادا، فلم يكن ربطه لمصيره كرئيس للبلاد ومرشح لمأمورية جديدة، بالقدرة على حماية أمن البلد والمواطن، مغامرة غير محسوبة، ولا مراهنة على جواد حَرون، بل كانت حديث العارف بما له وما عليه، وبما حوله من تهديدات وتحديات، وما أعد لها من قوة ورهانات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى