الأحزاب اليمينية المتطرفة واليسارية تقدم مقترحات لحجب الثقة عن الحكومة الفرنسية
تواجه الحكومة الفرنسية برئاسة ميشيل بارنييه خطر الانهيار هذا الأسبوع، بعد أن قدمت الأحزاب اليمينية المتطرفة واليسارية مقترحات لحجب الثقة ضد حكومته يوم أمس الاثنين. وتأتي هذه التطورات في وقت حساس، حيث أثرت سلبًا على الأسواق المالية، مع انخفاض حاد في قيمة الأصول الفرنسية وزيادة الشكوك حول ما إذا كان سيتم تمرير الميزانية السنوية للعام 2025.
وحسب وكالة رويترز للأنباء، قالت زعيمة حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف، مارين لوبان، في تصريحات صحفية بالبرلمان: “لقد سئم الفرنسيون من هذه الحكومة”، مشيرة إلى أن بارنييه، الذي تولى رئاسة الحكومة في بداية سبتمبر، قد فاقم الوضع السياسي في البلاد، وأنه يجب إبعاده عن منصبه. وأضافت: “نحن نطالب بتقديم اقتراح لحجب الثقة ضد الحكومة”.
وفي حال عدم حدوث مفاجأة في اللحظات الأخيرة، فإن هذه الحكومة ستكون أول حكومة فرنسية يتم الإطاحة بها عبر اقتراح لحجب الثقة منذ عام 1962.
وسيترك انهيار الحكومة الفرنسية فراغًا سياسيًا في قلب أوروبا، وذلك في وقت تستعد فيه ألمانيا أيضًا للانتخابات، قبل أسابيع من عودة الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض. ووفقًا لتصريحات لوبان، يمتلك حزب “التجمع الوطني” والائتلاف اليساري بما فيه “فرنسا غير المكسورة” ما يكفي من الأصوات لإسقاط حكومة بارنييه، مع توقع عقد التصويت يوم غد الأربعاء.
وتقدمت الأحزاب اليمينية واليسارية بمقترحات حجب الثقة بعدما أعلن بارنييه أنه سيسعى لتمرير مشروع قانون الضمان الاجتماعي في البرلمان دون التصويت عليه، وهو ما اعتُبر محاولة للضغط على النواب في اللحظة الأخيرة بعد أن فشلت التنازلات المقدمة في كسب دعم حزب “التجمع الوطني”.
وقالت ماتيلد بانو، النائبة عن حزب “فرنسا المتمردة” اليساري: “في مواجهة هذا الرفض الجديد للديمقراطية، سنقاطع الحكومة”، مضيفة أن الحكومة الحالية مسؤولة عن حالة الفوضى السياسية التي تعيشها فرنسا.
وعلى المستوى المالي، تسببت هذه الأزمة السياسية في زيادة الفجوة بين السندات الفرنسية والسندات الألمانية، مما أدى إلى بيع مكثف لليورو في الأسواق. ومنذ الدعوة إلى الانتخابات التشريعية المبكرة في جويلية الماضي، انخفض مؤشر “CAC 40” الفرنسي بنسبة تقارب 10%، ليكون الأضعف بين أكبر اقتصادات الاتحاد الأوروبي.
وتبادل معسكر بارنييه ومعسكر لوبان اللوم حول المسؤولية، حيث قال كل طرف إنه قدم كل التنازلات الممكنة وكان منفتحًا على الحوار. وأشار مصدر مقرب من بارنييه إلى أن رئيس الوزراء قدّم تنازلات كبيرة لحزب “التجمع الوطني”، محذرًا من أن التصويت لحجب الثقة يعني خسارة هذه المكاسب.
وإذا تم تمرير اقتراح حجب الثقة، سيتعين على بارنييه تقديم استقالته، لكن من المحتمل أن يطلب منه الرئيس إيمانويل ماكرون البقاء في منصبه على رأس حكومة تصريف الأعمال حتى يتم اختيار رئيس وزراء جديد، وهو أمر قد يستغرق حتى العام المقبل.
وفي حال انهيار الحكومة، يُتوقع أن يعين ماكرون حكومة مؤقتة من التكنوقراط، دون برنامج سياسي واضح، في محاولة للبقاء في السلطة وتجاوز الأزمة الحالية. ولكن هذا الخيار يبقى محفوفًا بالمخاطر، حيث لا يمكن إجراء انتخابات برلمانية جديدة قبل جويلية المقبل.
وإذا لم تتمكن الحكومة من تمرير ميزانية العام 2025 قبل 20 ديسمبر، يمكن لحكومة تصريف الأعمال استخدام صلاحياتها الدستورية لتمرير الميزانية عبر مرسوم. لكن هذا الخيار قد يثير جدلاً قانونيًا واسعًا ويؤدي إلى احتجاجات من المعارضة. ومن المتوقع أن تقدم الحكومة تشريعًا طارئًا لتمديد أحكام الميزانية الحالية، مما قد يعني إلغاء العديد من تدابير التقشف التي خطط لها بارنييه.
وإذا سقطت الحكومة، فإن الوضع السياسي والاقتصادي في فرنسا سيزداد تعقيدًا، ما يهدد بزيادة التوترات الداخلية وتأخير التصديق على الميزانية. في أسوأ الحالات، قد تضطر الحكومة إلى الاعتماد على الميزانية السابقة لعام 2024 أو استخدام المراسيم الحكومية لإقرار مشاريع مالية جديدة، وهو ما قد ينعكس سلبًا على الاقتصاد الفرنسي ويؤثر على الشركات والمشروعات العامة.
ا