مقالات و تحليلات

الإسراء والمعراج.. والعلم الحديث / د. محمد عبده يماني

المفكر الاسلامي البارز وزير الاعلام السعودي الراحل محمد عبده يماني

إن من ينظر إلى قضية الإسراء والمعراج على ضوء العلم الحديث والتطورات الكبيرة في مجال علوم الفيزياء والفضاء على وجه الخصوص يجد أن هناك إجابات عديدة على كل التساؤلات التي اثارتها قريش يوم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث عن قصة الإسراء والمعراج. فلقد هز الحدث مكة المكرمة بكاملها واذهل قريشا واربكها ودفعها الى تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم وهم يعلمون انه الصادق الأمين والصادق المصدوق الذي لم يجربوا عليه كذبا ولا خيانة قط ولكن الحدث اذهلهم وكان اكبر من قدرتهم على الاستيعاب، ولهذا عندما قص عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم القصة كان جوابهم الاستغراب وقالوا قولتهم المشهورة: يا محمد انضرب لها اكباد الإبل شهرا وتقول بلغتها في ليلة. أي انهم استغربوا حدث الإسراء فضلا عن حدث المعراج، فقد كانت أسرع وسيلة معروفة لديهم هي الإبل تسافر من مكة المكرمة إلى بيت المقدس في شهر فكيف يقول رسول الله صلى الله عليهم وسلم إنه ذهب إلى بيت المقدس ثم عرج به إلى السماء وعاد وفراشه دافئ.

 

والقصة من الأساس كان فيها سوء فهم وخطأ عظيم من قبل قريش الذين نسبوا الحدث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى قدرته وامكاناته مع انه لم يدع ولم يقل عليه الصلاة والسلام بأنه سرى إلى بيت المقدس او انه عرج إلى السماء بقدرته او بتفكيره او امكاناته وانما نسب الحدث إلى الله عز وجل مسبب الأسباب والقادر على كل شئ، وجاء القرآن ليوضح هذه القضية فكانت آية الإسراء أعظم دليل على كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد إبتدأت بكلمة سبحان وهي كلمة عظيمة افتتحت بها هذه السورة ونسبت كل قضية الإسراء والمعراج إلى الله عز وجل ولم تنسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تربطه بقدرته او بتدبيره وإنما كانت بتدبير العلي القدير.

 

ومن هنا حدث الخلط على قريش فقد رأت أن مثل هذا الحدث لايمكن أن يأتيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس من المعقول أن يتم ولو أدركوا ان نسبة الحدث إلى الله وتفهموه لما كان هناك أي موجب للإستغراب.

 

ثم إنهم من ناحية أخرى كانت أعظم سرعة يعرفونها هي سرعة الإبل فلو كانت قريش في عصرنا هذا ورأت السرعات المختلفة التي مكننا الله سبحانه وتعالى منها ودلنا عليها وبدأنا بإستعمالها كسرعة السيارات والطائرات والصواريخ إلى غير ذلك من السرعات التي نعرفها اليوم وكانت مجهولة عند قريش في ذلك الوقت فهل كانوا يستغربون؟.. إننا في هذا العصر نستطيع أن نذهب إلى بيت المقدس ونعود في الليلة الواحدة أكثر من مرة بإستخدام أي وسيلة من وسائل النقل السريعة في عصرنا هذا فلو عاشت قريش في هذا العصر الذي نحن فيه لما استغربت قصة الإسراء ولأدركت أن في علم الله عز وجلوفي قدرة الله عز وجل سرعات يجهلونها كسرعة الصوت وسرعة الضوء وفي عصرنا الحاضر اليوم نعلم سرعات كثيرة ولكننا مانزال نجهل الكثير من السرعات التي في علم الله عز وجل والتي لم نتوصل إليها ولم نستخدمها وإن كنا نعرف بعضها كالتي ذكرتها.

 

إذا فكل مانظرنا إلى قصة الإسراء والمعراج بعمق أدركنا ن نسبة الحدث إلى الله عز وجل تجعله يسيرا سهلا لأنه الفعال سبحانه لما يريد وقد نسب الحدث كله إلى نفسه عز وجل وإلى قدرته وقال: “سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله” .

 

واما قصة المعراج والتي قصها علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة فإن من ينظر بعمق أيضا إلى الوسيلة التي هيأها الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم بقدرته وامره وبتدبره وهي البراق لانعرف سرعتها حتى اليوم ولكنها دون شك كانت سرعة عظيمة فهي دابة تضع حافرها حيث ينتهي نظرها فهي إذا سرعة غير السرعات التي نعرفها ووسيلة غير الوسائل التي عرفتها قريش في ذلك الوقت وما تزال سرعة البراق وإمكاناته غير محسوسة بالنسبة لنا وكل ما علينا إننا وثقنا أن الخبر قد صدر عن الله عز وجل ووثقنا بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الصحيحة فصدقنا وامتثلنا تماما كما فعل ابوبكر الصديق رضي الله عنه عندما قال قولته الشهيرة: “إن كان قالها فقد صدق” فكان كل همه أن يوثق الحدث ويتأكد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال هذا فلما علم أنه قال يم يتردد هذا الصديق العظيم بل آمن وصدق لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده صادق أمين مصدوق فقبل الرواية وآمن بها ووقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يصدقه ويؤيده ولهذا سمي الصديق رضي الله عنه.

 

وإذا ماعدنا إلى قضية السرعات التي بدأنا نعرفها اليوم ونظرنا إلى قصة الإسراء والمعراج على ضوء العلم الحديث وكيف أن عالما من علماء الفيزياء عالج قضية السرعات وعلاقتها بالزمن وهو العالم إينشتاين الذي رأى أنه كلما ازدادت السرعة نقص الزمن حتى اذا وصلنا إلى سرعة اللانهائية أصبح الزمن صفرا او تلاشى الزمن كما قال. فاذا السرعة تزداد والزمن يتناقص مع سرعة الزمن، وهكذا اذا نظرنا إلى قصة الإسراء وقصة المعراج نجد أن هناك اليوم مايقرب لنا المسألة وما يجعلنا نلمس جوانبها المادية التي كانت تخفى على قريش بسبب جهلها بوجود سرعات أخرى غير سرعات الإبل التي كانوا يعرفونها فجاء العلم الحديث ليكشف لنا أن هناك سرعات كبيرة وعظيمة استخدمنا بعضها ولمسنا البعض الآخر تفوق الآف المرات السرعات التي كانت متاحة لقريش في ذلك الوقت ثم أن العلم الحديث كشف لنا حقيقة تزايد السرعة وأنها قد تصل إلى أعظم بكثير من السرعات التي نعرفها اليوم بل إنها قد تصل إلى السرعة اللانهائية وعندها يصبح الزمن صفرا.

 

فمن ينظر إلى قصة الإسراء والمعراج في هذا الزمن الذي نعيش فيه ويناقشها على ضوء المعلومات العلمية المتوفرة لايستغرب الحدث بل يجده حدثا معقولا خصوصا اذا ما نسب إلى قدرة الله عز وجل إلى قدرت هذا الرب العظيم خالق الكون وصانع معجزاته التي لاتحصى الذي يعلم مالا نعلم والذي اوضح لنا في اكثر من مناسبة في القرآن الكريم بأن فوق كل ذي علم عليم وأن في علم الله وقدراته ما لانعلمه وما لانعرفه وإنما هو رهين بما يعلمه الله سبحانه وتعالى لنا وبما يسمح بكشفه من حقائق يدلنا عليها ويثبت بها أفئدتنا هو الله خالق كل شئ ومن نظر في خلق الله ودلائل قدرته علم يقينا أنه على كل شئ قدير.

 

وهكذا كان الإسراء والمعراج تلك المعجزة العظمى والحدث الكبير قد تم بفعل الله وجاء النص من القرآن الكريم منذ الكلمة الأولى “سبحان” إعلانا واضحا بان خبر الإسراء والمعراج منسوب إلى قدرة الله وحده المنزه في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله عن المشابهة للخلق فالخلق خاضعون لنواميس الكون وقوانين الطبيعة التي هي من صنعه اما هو فإنه فوق النواميس والقوانين كلها لأنها من صنعه وهي خاضعة له، فمحال على الله أن تخضع أفعاله وإرادته لها، وهذا هو الأمر المنطقي الذي يشهد به الواقع المحسوس أن من يملك القدرة على وضع القانون يملك القدرة على الغائه او تعديله حسبما يشاء، ومن باب أولى أن الله تعالى منزه عن أن تكون أفعاله مشابهه لافعال المخلوقين او ان تقاس بما تقاس به افعال خلقه.. النار تحرق والسكين تقطع والماء ينحدر إلى أسفل ويكون مستويا والعصا جامدة ليس بها حياة والعجوز العقيم لاتلد والجنين لايتكون إلا بإجتماع نصفي خلية أحداهما من الرجل والأخرى من الأنثى والسماء لا تمطر حجارة بل ماء فراتا، وليس بمقدور أحد من الخلق سواء كان بشرا أو ملكا أو جنا ان يغير سنة من هذه السنن مهما ارتقى بعلمه، او عظم بخلقه، او تفنن في اختراعه. كل هذه امور معقولة لا يتطرق إليها الشك، ولا يعدل العقل عنها إلى نقيض لماذا؟ لأنها نواميس ثابتة، وحقائق مسلمة بدأ العلم فيها واعاد فما وجد إلى تغييرها من سبيل، ولا إلى الغائها او تجاوزها من مسلك: “ولن تجد لسنة الله تبديلا” .

 

والتحدي قائم إلى قيام الساعة ولكن الله وحده هو الذي يملك ان يغير هذه السنن او يبدلها او يلغيها فارادته مطلقة وأمره نافذ: “اذا قضى امرا فانما يقول له كن فيكون” . قدرة الله هذه سلبت النار قدرتها على الاحراق فكانت بردا وسلاما على ابراهيم، وجعلت ماء البحر يرتفع جبلين من الماء على جانبي الطريق في البحر اللجي لموسى وقومه وسلبت من السكين قدرتها على القطع في ذبح اسماعيل، وقلبت العصا حية تسعى تبتلع عشرات القناطير من العصي والحبال، وجعلت العجوز العقيم تنجب يحيى، ومريم الطاهرة تلد عيسى بن مريم من غير أب، والسماء تمطر حجارة على قوم لوط والناقة تخرج من الصخرة لنبي الله صالح، وهكذا سائر معجزات الأنبياء، لاتخضع لسلطان المادة، ولاتحدها نواميس الكون، تجري بقدرة الله تعالى اثباتا لصدق رسله إلى خلقه ورحمة بعباده ليؤمنوا به ويعبدوه ويسبحوه بكرة واصيلا.

 

كل هذه المعجزات قامت وتواترت الأخبار بوقوعها وشهدها اصحابها حين وقوعها فمنهم من آمن ومنهم من كفر رغم وقوع المعجزة وشهادة العين. وهذا هو الشأن في معجزة الاسراء والمعراج التي أكرم الله بها محمد صلى الله عليه وسلم رحمة به ومواساة له، وتسرية عنه، وتجديدا لعزيمته وصبره بعد أن إشتد أذى قومه وجرأتهم عليه، وبلغت الأذية غايتها والفرورو مداه، وبعد أن تضاعف حزنه وألمه بوفاة عمه أبي طالب الذي حماه ودافع عنه حتى آخر لحظة في حياته، وبعد وفاة السيدة العظيمة والزوجة الكريمة خديجة ورضي الله عنها التي وجد فيها الأنيس والصديق والنصير تثبته وتشد أزره وتكفيه مؤونة السعي للمعاش، وبعد أن أشفق على الدعوة التي صمت الآذان عن سماعها، وبعد خيبة الأمل في استجابة ثقيف في الطائف، وبعد عودته إلى مكة في جوار المطعم بن عدي أحد سادات قريش. جاءت معجزة الإسراء والمعراج في هذه الظروف العصيبة، لتري رسول الله صلى الله عليه وسلم انه ليس وحده وأنه يستمد قوته من العلي القدير الذي بيده مقاليد السموات والأرض وأن دعوته منتصرة لامحالة، ولتريه ان قدرة الله تعالي لاتخضع لقيود الزمان والمكان والمادة، ولتريه من آيات الله الكبري في السماوات العلا مالم تره عين مخلوق قبله ولترفعه إلى منزلة رفيعة لم يبلغها أحد قبله ولن يبلغها أحد أبداً.

 

وجاءت معجزة الإسراء والمعراج لتفاجئ حس المؤمن كلما رانت على قلبه قيود المادة إن وراء هذا الكون إلها لايعجزه شئ في الأرض ولا في السماء، ولتقول للعلم والعلماء سيروا في الأرض وتأملوا في السموات لتروا أن الله على كل شئ قدير، وأن قانون الله في الفعل غير قانون المخلوقين في الفعل، وجاءت الآيات لترسخ هذا المفهوم وان فوق كل ذي علم عليم وان منزلة العلماء عند الله رفيعة: “قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون”  : “يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات “.

 

وبصرف النظر عن قدرة قريش على الاستيعاب وجهلها في ذلك الوقت لاسرار رحلة الإسراء والمعراج ونسبتها إلى الله عز وجل فإن هناك من الأحداث مارواه الرسول صلى الله عليه وسلم وماكان دليلا واضحا على صدقه ولكن غطرسة قريش وكبريائها ادت إلى عدم قبول الحدث ورفضه رغم كل ماحدث به رسول الله صلى الله عليه وسلم من احاديث صادقة يعرفونها كوصفه لبيت المقدس ورؤيته للإبل التي شاهدها في الطريق ونحو ذلك كل هذه الأمور رفضتها قريش وظلت في جحودها وانكارها وغطرستها وكبريائها ورفضها للحدث جملة وتفصيلا وعندما تحدث صلى الله عليه وسلم بقصة الإسراء والمعراج ذهب صناديق قريش إلى سيدنا أبي بكر الصديق وقالوا له: إن محمدا زعم أنه قد ذهب الليلة إلى بيت المقدس وصعد إلى السماء. فقال قولته الشهيرة: والله لئن كان قاله لقد صدق ثم ذهب هذا الحبيب الصديق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسأله ويتوثق منه ثم طلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يصف له بيت المقدس فوصفه له بتلك الدقة المتناهية وقال صلى الله عليه وسلم: فرفع لي حتى نظرت اليه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفه لأبي بكر ويقول ابوبكر: صدقت، أشهد أنك رسول الله حتى إذا انتهى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: وأنت يا أبابكر الصديق فيومئذ سماه الصديق.

 

ثم إنه صلى الله عليه وسلم ذكر لهم الطريق التي سلكها إلى بيت المقدس وقالوا له: ما آية ذلك يا محمد فإنا لم نسمع بمثل هذا قط قال: “آية ذلك إني مررت بعير بني فلان بوادي كذا وكذا فأنفرهم حس الدابة فند لهم بعير فدللتهم عليه، وانا موجه إلى الشام ثم أقبلت حتى إذا كنت بضجنان مررت بعير بني فلان فوجدت القوم نياما ولم إناء فيه ماء غطوا عليه بشئ، وشربت مافيه ثم غطيت عليه كما كان، وآية ذلك أن عيرهم الآن يصوب من البيضاء ثنية التنعيم يقدمها جمل أورق عليه غرارتان، إحداهما سوداء والأخرى برقاء. قال فابتدر القوم الثنية فلم يلقهم أول من الجمل كما وصف لهم وسألوهم عن الاناء فأخبروهم انهم وضعوه مملؤا ماء ثم غطوه وانهم هبوا فوجدوه مغطى كما غطوه ولم يجدوا فيه ماء. وسألوا الأخرين وهم بمكة فقالوا صدق والله، لقد انفرنا في الوادي الذي ذكر وند لنا بعير فسمعنا صوت رجل يدعونا إليه حتى أخذناه.

 

هذه هي إذن قصة الإسراء والمعراج عندما ننظر لها في ضوء العلم الحديث نجد أن العلم يكشف لنا الكثير من اسرار هذه الرحلة التي ماتزال زاخرة بالاحداث العظيمة ولكننا نؤمن بأن الله عز وجل هو الذي هيأ لنبيه صلى الله عليه وسلم هذه الرحلة المباركة والمعجزة العظمي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم محمولا بقدرة الله في اسرائه وعروجه ولم يدع انه هو الذي فعل ذلك، ولم ينسب الفعل إلى جبريل عليه السلام، وانما كان جبريل رفيق النبي صلى الله عليه وسلم خلال هذه الرحلة ولا إلى أي مخلوق آخر، وقد جاء النص في ذلك صريحا واضحا: : “سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير”.

 

ومن ينظر من ناحية أخرى في قصة الإسراء والمعراج والسرعة التي تمت فيها ثم يربط ذلك بما حدث مع سيدنا سليمان في قصة بلقيس وعرشها وكيف ان عفريتا من الجن قال لسيدنا سليمان عليه السلام انه يستطيع ان ينقل عرش بلقيس من مكانه في اليمن ثم يأتي به إلى سيدنا سليمان في القدس عبر هذه المسافات الطويلة قبل ان يقوم من مقامه ثم جاء الذي عنده علم من الكتاب لينقل هذا العرش في جزء من الثانية بما علمه الله عز وجل فالسرعة التي تحققت في ذلك هي سرعة كبيرة عظيمة لانعرفها حتى اليوم وليست بقدرة العلم الحديث ما يسمح بنقل هذه الكتلة وبهذه السرعة ولكنها تمت بعلم الله عز وجل الذي علمه لمخلوق من خلقه فلم ينسب الحدث إلى الرجل نفسه ولا إلى سيدنا سليمان وغنما نسبه إلى الله عز وجل بما علمه لهذا المخلوق: : “قال الذي عنده علم من الكتاب أنا أتيك به قبل ان يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربى..” فالعمل منسوب إلى علم الله الذي علم ذلك المخلوق صنع هذا الإنجاز العظيم فهو لم يصنعه بعلمه ولا بقدرته وقد نسب سليمان عليه السلام هذا العمل إلى الله حين قال: : “إن هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم اكفر”.

 

وهكذا كلما سرنا مع هذه الرحلة العظيمة التي درسها الكثير من العلماء والفقهاء والأدباء على مر العصور وجدنا فيها معينا صافيا وثروة زاخرة من المعلومات تستحق أن تناقش وتعلم لنا ولاولادنا على مر الزمان وكم من العلماء الذين القوا الضوء وحاولوا شرح هذه المعجزة والقصة العظيمة ولكن مايقال ومايشار يظل دون عظمة هذه المعجزة التي تمت بفعل الله وبقدرة الله وبعلم الله تأييدا لهذا الحبيب صلى الله عليه وسلم وتثبيتا له عليه أفضل الصلاة والسلام، اللهم علمنا ماينفعنا وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما وثبتنا اللهم على الإيمان والعمل الصالح، وارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه وعلى وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

المصدر : موقع الدكتور محمد عبده يماني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى