مقالات و تحليلات

الفرقة أضاعت الفرصة /بقلم: المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي

معالي الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي/ كاتب ومفكر عربي ، مدير ديوان سابق للرئيس الاماراتي الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان

تفرق قوى الشعب الفلسطيني أدى إلى ضياع أكثر من ثلاثة أرباع الحقوق المعترف لهم بها دوليًا

منذ سنة ١٩٤٨م، تصدت الجيوش العربية المصرية والأردنية والعراقية والسورية واللبنانية دخلت الحرب متفرقة دون تنسيق أو استراتيجية واضحة، ولكل منهم أجندته المستقلة كما هو حال العرب اليوم، ومعرفة بريطانيا بحقيقة العلاقات بين الدول العربية التي يشوبها الشك والريبة والصراع على زعامة العالم العربي.

 

كل تلك الأسباب أدت إلى هزيمة العرب هزيمة مخزية، ولا زالت آثارها حتى اليوم دون أخذ العبرة والاستفادة من دروس النكسات المتكررة ضد العصابات الصهيونية المسلحة بدعم الحكومة البريطانية وتخطيطها منذ مؤتمر لندن سنة ١٩٠٧م، الذي عقدت فيه مؤتمرًا في لندن جمعت فيه الدول الاستعمارية الغربية وهي:

 

بريطانيا/ فرنسا/ هولندا/ بلجيكا/ إسبانيا/ إيطاليا برئاسة السير هنري كامبل بنرمان، بحجة إيجاد قومية غير عربية توجد في فلسطين لحماية قناة السويس المجرى الدولي للملاحة العالمية، وذلك بالإتفاق مع قيادات الصهيونية ليتم إصدار قرار بدعم العصابات الصهيونية للإستيلاء على فلسطين للمحافظة على استمرار الملاحة العالمية في قناة السويس.

 

دعم العصابات الصهيونية من الدول الأوروبية

ثم أعقب مؤتمر لندن «وعد بلفور» في ٢ نوفمبر ١٩١٧م موجه إلى «ليونيل روتشيلد» برسالة دعم الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومي لإسرائيل تطبيقًا لمقررات مؤتمر لندن.

 

وقد صدر ذلك الوعد بعد اتفاقية الأمير فيصل ممثل ملك الحجاز مع حاييم وايزمان التي وقعت سنة ١٩١٥م الذي كان رئيس المنظمة الصهيونية العالمية التي تعطي لليهود تسهيلات في إنشاء وطن قومي في فلسطين والإقرار بوعد بلفور حسب إتفاقية باريس سنة ١٩١٩م وكانت الاتفاقية تتضمن ما يلي:

 

إن صاحب السمو الملكي الأمير فيصل ممثل المملكة العربية الحجازية والقائم بأعمال بالعمل نيابة عنها، والدكتور حاييم وايزمان ممثل المنظمة الصهيونبة والقائم نيابة عنه، يدركان القرابة الجنسية والصلات القديمة بين العرب والشعب اليهودي، ويتحقق أن أضمن الوسائل لبلوغ غاية أهدافهما الوطنية في إتخاذ أقصى ما يمكن من التعاون في سبيل الدولة العبرية وفلسطين ولكونهما يرغبان في زيادة توطيد حسن التفاهم الذي بينهما فقد إتفقا على المواد التالية:

 

١- يجب أن يسود جميع علاقات والتزامات الدولة العربية وفلسطين أقصى النوايا الحسنة والتفاهم المخلص وللوصول إلى هذه الغاية تؤسس ويحتفظ بوكالات عربية ويهودية معتمدة حسب الأصول في بلد كل منهما.

 

٢- تحدد إتمام مشاورات مؤتمر السلام مباشرةً الحدود النهائية بين الدول العربية وفلسطين من قبل لجنة يتفق على تعيينها من قبل الطرفين المتعاقدين.

 

٣- عند إنشاء دستور إدارة فلسطين تتخذ جميع الإجراءات التي من شأنها تقديم الضمانات لتنفيذ وعد الحكومة البريطانية المؤرخ من شهر نوفمبر ١٩١٧م.

 

٤- يجب أن تتخذ جميع الإجراءات لتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين على مدى واسع والحث عليها بأقصى ما يمكن من السرعة لاستقرار المهاجرين في الأرض عن طريق الزراعة الواسعة والكثيفة؛ ولدى اتخاذ هذه الإجراءات يجب أن تحفظ حقوق الفلاحين والمزارعين المستأجرين العرب ويجب أن يساعدوهم في سيرهم نحو التقدم الاقتصادي.

 

٥- يجب أن لا يسن نظام أو قانون يمنع أو يتدخل بأي طريقة ما في ممارسة الحرية الدينية، ويجب أن يسمح على الدوام أيضًا بحرية ممارسة العقيدة الدينية والقيام بالعبادات دون تمييز أو تفضيل ويجب ألا يطالب قط بشروط دينية لممارسة الحقوق المدنية أو السياسية.

 

٦- أن الأماكن المقدسة يجب أن توضع تحت رقابة المسلمين.

 

يوافق الفريقان المتعاقدان أن يعملا بالإتفاق والتفاهم لتأمين جميع الأمور التي شملتها الإتفاقية لدى مؤتمر الصلح.

 

كل نزاع قد يثار بين الفريقين المتنازعين يجب أن يحال إلى الحكومة البريطانية للتحكيم.

 

وقع في لندن اليوم الثالث من شهر يناير ١٩١٩م.

 

كيف اعترف العرب بالصهيونية؟

فلينظر الواهمون والحالمون بشعارات العروبة ووحدة المصير العربي أن العرب تعاونوا مع الصهيونية منذ سنة ١٩١٩م واعترفوا بحقهم في فلسطين بل وأكثر من ذلك ما أقرته إتفاقية ١٩١٩م المذكورة أعلاه من ضرورة تعاون الدول العربية في مساعدة الصهاينه وتذليل العقبات للمهاجرين اليهود وتقديم كل الدعم لهم ليستقروا في فلسطين.

 

فإلى أين نحن ذاهبون؟

أليس من المنطق أن يتوحد الفلسطينيون؟

فليس هناك مبرر وطني أو سياسي يخدم الحقوق الفلسطينية في تفرق قوى الشعب الفلسطيني الذي أدى إلى ضياع أكثر من ثلاثة أرباع الحقوق المعترف لهم بها دوليًا.

 

لماذا لا يحشدون الدول العربية ودول العالم بطلب واحد لا ثاني له؟ تدعمه وحدة الشعب الفلسطيني وتكليف الدول العربية بمطالبة مجلس الأمن بتطبيق جميع قراراته على أرض الواقع وخاصة قرار ه رقم ٢٤٢ وقرارات الأمم المتحدة الخاصة باللاجئين ليتحقق السلام الحقيقي.

 

وهذه فرصة يجب التركيز عليها حتى لا تضيع كما ضاع غيرها من الفرص الكثيرة نتيجة للخلافات الفلسطينية وعدم وضوح الرؤية لديهم، ويعقد المشكلة لديهم تفرقهم وصراعهم فيما بينهم بما يحقق لإسرائيل توظيف خلافاتهم في سبيل أمنها واستغلالها أمام العالم بأن الفلسطينين يشكلون خطرًا على أمن إسرائيل ومستقبل أجيالهم فلا يجب إعطائهم الوسائل ليستغلوها ضد حق الشعب الفلسطيني.

 

وعليهم الانتباه لتحذير الله جل جلاله  في قوله سبحانه وتعالى : «..وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ ..» (الأنفال: 46).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى