الأخبارفضاء الرأي

“المؤثرون” واقع يجب إدارته بدل التفرج عليه/ محمدو الدوه

نعلم جميعا حجم التأثير الذي تفرضه وسائل التواصل الاجتماعي علينا جميعا كبار وصغارا، سواء من حيث المحتوى الذي نشاهده، أو مقدار الوقت الذي نقضيه في تصفحها.

وفي الآونة الأخيرة ظهرت فئة، تسمى “المؤثرين”، وهم أشخاص لديهم أكبر قدر من المتابعين والمتفاعلين على حساباتهم.

ويعتمد هؤلاء المؤثرون في محتواهم، على نشر نشاطاتهم اليومية، أو مايريدون من متابعيهم أن يعتقدوا أنه نشاطاتهم اليومية، يظهرون جوانب من نشاطاتهم، في أماكن مختلفة، وفترات مختلفة، من الاستيقاظ وحتى النوم.

هذه الأنشطة والممارسات التي تختار بعناية، يخيل للمتلقي أنها تلقائية، ف “المؤثر” يستيقظ وينظم جميع الأمور ويتجهز للتصوير، وبعدها تبدأ مرحلة الاستيقاظ المصوَّر، وهكذا دواليك،في المعاملات والتحرك و التسوق الخ، والمشكلة أنه ينقل واقعا مزيفا، خيالي، مثالي، بعيدا عن الواقع الحقيقي، وطبعا لا ننسى تأثير المسوقين والشركات والهيئات التي تسوق منتجاتها وأفكارها، خلال هذا المشهد اليومي المزيف.

ومع انتشار هذا النوع من المؤثرين، ورواج ما ينشرونه، وكثرة التفاعل معه، بدأت تأثيراته تظهر على مختلف جوانب الحياة، خاصة على الصغار والمراهقين، والفئات الأقل تعليما.

ومع توسع التأثير، بدأت هذه الفئة، تظهر في عمليات التسويق المعلن، للمحلات والبضائع، وظهرت مؤخرا حتى في البرامج،واللقاءات، والتعيينات الحكومية.

ومع التأثير السلبي لهذا المحتوى المزيف، على التعليم و العلاقات الأسرية وغيرها، بدأ آخرون في محاولة صناعة محتوى هادف، في تخصصاتهم، ورغم محاولات بعض الغيورين على المجتمع، تسويق هذا المحتوى والإشادة به، إلا أنه بقي محصورا في فئات معينة، مقارنة بالمحتوى الآخر، واسع الانتشار.

من هنا تقع المسئولية على الحكومة، خاصة الوزارة المكلفة بالتمكين للشباب، وكذلك المؤسسات الفاعلة في المجتمع، لإدارة هذا الواقع الذي فرضته العولمة المعاصرة، ومحاولة تغليب نفعه على ضره، وتوجيهه لما يخدم مصلحة المجتمع، وتنميته.

ومن وجهة نظري فإن إنشاء مؤسسة خاصة بمراقبة هذا المحتوى، وتوجيهه، ينبغي العمل عليه عاجلا غير آجل، لأن الحاجة دعت إليها.

وتعمل هذه المؤسسة على:
– إنشاء محتوى تعليمي هادف، وتشجيع المنشغلين بهذا المجال المفيد، وإبرازهم كقدوة للأجيال، واستضافتهم، والإشادة بهم، ودعمهم ماديا ومعنويا.

– تكليف لجنة خاصة، تضم كفاءات وطنية في مختلف المجالات العلمية، لتنظيم عمل المؤسسة، وتطويره، ورصد جائزة سنوية لأفضل محتوى علمي.

ختاما لا ننسى أن وسائل التواصل الاجتماعي، تُشغلها مؤسسات لها أجندتها، وأهدافها الفكرية والربحية، لهذا صممت خوارزمياتها، على أن تقدم لكل شخص ما يهتم به وما يشاهده، لتجذبه، من ثم تعرض له، أجندتها، وما يُدفع لها من أجل تسويقه، إلا إذا تعارض مع أجندتها، وحصار افيس بوك للمنشورات الفاضحة للصه-يونية خير مثال على ذلك.

لذلك على المعنيين بتسيير المجتمع، تحمل مسؤولياتهم تجاه هذا الواقع، الذي فرض نفسه، بدل التفرج، ومشاهدة المجتمع تفسد ثقافته، وأفكاره ومعتقداته، أما مسايرة هذا الواقع، وتشجعيه فهو أشد أنواع السفه والإهمال.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى