الأخبارفضاء الرأي

الدكتور الشيخ ولد الزين يكتب عن حكم المصافحة وفق الفقه المقاصدي

الدكتور الشيخ ولد الزين ولد الامام. عضو المجلس الاسلامي الأعلى سابقا

بنيت شريعة الاسلام على تراتبية فى أحكامها وفى أوامرها وفى نواهيها وقد عبر عن ذلك علماء المقاصد الشرعية بكليات الشريعة وقسموها الى ضروريات وحاجيات وتحسينيات ..
وقد قالوا بترك التحسينيات إذا كان الوقوف عندها يؤدي الى المساس بالحاجيات كما قالوا بترك الحاجيات إذا كان فعلها يؤدي الى هدر الضروريات ..
و من تلك التحسينيات ترك المصافحة للنساء لما قد يفضى اليه من ارتكاب المحرمات. ..
قال محمد بن أحمد (عليش):
(ولا يجوز للأجنبي لمس وجه الأجنبية ولا كفيها، فلا يجوز لهما وضع كفه على كفها بلا حائل، قالت عائشة رضي الله تعالى عنها “ما بايع النبي صلى الله عليه وسلم امرأة بصفحة اليد قط إنما كانت مبايعته صلى الله عليه وسلم النساء بالكلام “، وفي رواية “ما مست يده يد امرأة وإنما كان يبايعهن بالكلام. ” “منح الجليل شرح مختصر خليل” (1 / 223)
والحقيقة أن المصافحة توضع فى باب اللمم وقد قال تعالى : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ۚ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ۖ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾ [ سورة النجم: 32)
ولأن كل إنسان يصعب عليه التحرز من ذلك، فمن رحمة الله سبحانه أن وعد المؤمنين بغفران ذلك لهم إذا اجتنبوا الكبائر ولم يصروا على الصغائر.
وأحسن ما قيل في حد الكبائر: إنها المعاصي التي فيها حد في الدنيا؛ كالسرقة، والزنا ، والقذف، وشرب المسكر، أو فيها وعيد في الآخرة بغضب من الله أو لعنة أو نار؛ كالربا، والغيبة، والنميمة، وعقوق الوالدين.
والحقيقة أنه فى عصرنا هذا وقع انقلاب خطير فى تراتبية الأحكام الشرعية فتراهم يهتمون بالصغائر ويخففون من أمر الكبائر مما أوقع إرباكا فى منظومة الفكر الفقهي وتراتبية الأحكام الشرعية ..
من الإجماعيات المشهورة أن قتل النفس المعصومة والزنا واستحلال الربا وأكل أموال الناس بالباطل والغيبة والنميمة والرشوة والغلول من الكبائر إذ جاء الوعيد بحقها وذاك هو حد الكبيرة .
أما المصافحة وإن كانت من اللمم فإنها من الصغائر التى يكفرها الوضوء خمس مرات فى اليوم والجمعة الى الجمعة ورمضان الى رمضان فإنها مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ..
هناك مندوحة أخرى بأنها قد تكون ضرورة والضرورات تقدر بقدرها ..
أما من لم تلجئه الضرورة فيبقى الحكم على أصله ..
والحقيقة أن غياب الفقه المقاصدي جعل الأمة تستبيح دم الحسين وتسأل عن حكم قتل البراغيث !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى