الوزيرة السابقة مهلة بنت أحمد تكتب للسيدة كامْلاَ هاريس: ينبغي انتخابك رئيسة إذا كان الأمريكيون يريدون فعلا تطوير مستقبل امريكا
إلى السيدة كامْلاَ هاريس، نائبة الرئيس الأميركي المترشحة للانتخابات الرئاسية ؛
سيدتي الفاضلة؛
تابعت مساركِ منذ ترشحك للانتخابات التمهيدية في أواخر عام 2019، حيث كان شعار حملتك وأظنه ماز « Kamala for people » أي “كاملا للشعب”. وبعد أن اختارك بايدن نائبة له قلتِ انكِ أول امرأة تدخل البيت الأبيض، لكنك لن تكوني الأخيرة؛ لأن هناك الكثير من الفتيات سينظرون إليكِ ويرون فيكِ مثلهم الأعلى للوصول إلى أهدافهن.
سيدتي، قرأت صفحات من كتابك “… The truth we hold ” وعرفت أصولك وتربيتك وكيف رفع العلم بيتكِ وشأنكِ حتى أصبحت أول سيدة وشخص أسمر اللون يصبح قاضيا ومدعيا عاما في ولاية كاليفورنيا؛ وأول امرأة تشغل منصب نائب رئيس أمريكا؛ فمنذ ذاك الوقت وأنا أراقبك وكل امرأة متمكنة وطموحة مثلك.
لا شك انكِ امرأة متمكنة ولديك كل ما يحتاجه المسؤول ليحكم بلده وفقا لدستور بلدك وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان!! ولعلك ستكونين الرئيسة المناسبة لأمريكا إذا كانت امريكا تريد حقا شخصية قوية ومستقيمة وذات كفاءة عالية وهيبة كبيرة مثلك ومثل السيدات ميشل اوباما ونانسي بلوسي… لتكون أمريكا كما أراد لها الآباء المؤسسون أن تكون: أرض الأحلام والحريات والمعجزات… ينبغي انتخابك رئيسة إذا كان الأمريكيون يريدون فعلا تطوير مستقبل امريكا الذي يعتقد البعض أنها قد بدأت في الانهيار بسبب ظلمها للعالم وسوء تدبير رؤسائها للشأن العام الداخلي والخارجي ؛ عكس منافسك الذي يقال إنه يرمز إلى ضعف الكفاءة وعدم المصداقية وسلطة الرجال البيض المسنين!! لاشك انك انتِ اليوم الأقدر والأكفأ من بين النخبة السياسية الحالية ؛ كما حان لأمريكا ان تجرب وتنتخب امرأة مثلك لإعطاء فرصة لقيادة نسائية عالمية لنرى إذا كانت أكثر عدلا من جميع الرجال الذين حكموا هذه الدولة العظيمة وعاثوا في أرض الله فسادا وظلموا وكالوا بمكيالين ورفضوا أبسط الحقوق الإنسانية للبشر مثل ما يفعلون الآن في فلسطين وغزة وقبل ذلك في فيتنام والعراق وسوريا وصوماليا وغيرهم …
سيدتي، لانريدك مثل بعض النساء اللاتي يقلدن بل ينافسن الرجال في القسوة وظلم الإنسان وخاصة المرأة والأطفال وسوء التدبير!! أنت تمثلين المرأة العاقلة ذات الرؤى الواضحة ؛
لذا نريدك أن تكوني الأقوى والأكثر إنسانية والأعدل من جميع الرؤساء الذين سبقوك!! انت الأقدر على الحكم وتحكيم العقل والمزج بين القساوة في محلها واللطف بالبشر وكذا الجد واللعب، والخطابة والعمل !! رجاء، أحكمي وأعملي واضحكي وارقصي… ولا تكترثي لحملة التشويش التي سينتهجها منافسك الذي لن يجد ما سيقوله سلبا عن سجلك الذهبي المهني والأخلاقي؛ وسيكتفي بمحاولة السخرية من قوامك الرشيق وضحكتك الجميلة و قهقهتك المشرقة!! ذلك لا يهم ابقي كما انت be yourself.
سيدتي ، نريد منك العدالة في تطبيق القوانين الدولية في حل النزاعات ومظلمة القرن القضية الفلسطينية من خلال حل سلمي وعادل وشامل واعتماد مشروع الدولتين المتجاورتين؛ كما نريدك ان لا تواصلي دعم الدول التي تعتمد الفساد والرشوة كنهج والوسيلة الوحيدة لتسيير الدول من خلال مواصلة تعزيز وتمكين المتنفذين واضعاف المستضعفين ؛ نريدك ان تساعدي الدول على تطوير تعليم البنات ورفض العادات والتقاليد السلبية كخفاض البنات وزواج القاصرات إلا في حالات استثنائية؛ كما نريدك ان تدعمي سياسة إشراك النساء في تدبير الشأن العام وتساعدينا على احترام مبادئنا وموروثنا الثقافي والتعاون بيننا على أساس قيمنا المشتركة.
وبالمناسبة وقبل الختام، أود الإشارة إلى أهمية دور زوجك وسندك في نجاحك. كما يعلم الجميع، لا بد للمرء، رجل كان او امرأة، من سند بجانبه يثق به ويحميه ويعتمد عليه ويدعمه؛ تماماً كما يفعل زوجك Doug Emnoff الذي يبدو أنه متواضع ومتصالح مع نفسه “ولا فيه لعظام”؛ والذي قرر بمحض إرادته أن يتنازل عن أعماله الكبيرة ليحميك ويكون بجنبك دائماً فكان السكن والسند؛ وذلك من أجل سواد عينيك و من أجل كذلك المصلحة العليا لوطنكم . فهنيئا له وله مني كل التحية والتقدير وكثر الله من امثاله.
في الحقيقة إن قرار بايدن الشجاع في التراجع عن الترشح لمأمورية ثانية نظرا للأسباب المعروفة ودعمه لكِ انت بالذات لأسباب موضوعية وعقلانية كذلك وقرار الحزب الديمقراطي الأمريكي 2008 بترشيح أوباما؛ وحتى قرار بايدن لاختيارك كأول امرأة نائبة للرئيس؛ كل هذه القرارات تؤكد عظمة امريكا وقدرتها على التجاوب مع متطلبات عصر الديمقراطية وإبهار العالم.
سيدتي، إنني ارجو لك النجاح الباهر ضد قوى الظلام والعنصرية والتمييز على أساس الجنس واللون والعرق لتتأكد وتتعزز قدرة امريكا على الإبداع والتجديد المستدام. فالفرق بينك وخصمك السياسي هو الفرق بين السماء والأرض؛ وبين العلم والجهل؛ وبين التليد والجديد؛ وفوزه لا قدر الله سيكون بداية كارثة كبيرة وسيؤكد لنا تراجع أمريكا بل بداية انهيارها ؛ وأن قضية العدالة والمساواة بين الجنسين لم تكن إلا تهريجا وحقا أريد به باطل.
المصدر : الكاتبة