انفجار قادم سيغير المشهد في الضفة / أحمد أبو زهري
تشهد الأراضي الفلسطينية تصعيدا خطيرا شمل أعمال القتل، والاغتيالات المنظمة، وأعمال القصف، والاجتياحات والتوغلات المستمرة داخل المدن والقرى الفلسطينية، إضافة إلى تشديد الحصار، واستمرار الإغلاق، والعقاب الجماعي، وتصاعد الاعتقالات، والتدمير المنهجي للمنازل والبنى التحتية، وارتفاع وتيرة التهويد في مدينة القدس، ومواصلة البناء الاستيطاني الذي يقضم مزيدًا من الأراضي الفلسطينية.
إضافة إلى برنامج الإهانة والإذلال اليومي على الحواجز الإسرائيلية، وفق سياسة منظمة وممنهجة تهدف إلى ضرب كل مكامن القوة للفلسطينيين، وممارسة مزيد من الضغوط لإجبارهم على الاستسلام، ودفعهم للرحيل وقتل روح المواجهة لديهم وكسر شوكتهم، وتجريدهم من أي وسيلة يمكن أن تكون عاملا مساعدا في الصمود أمام العنجهية الإسرائيلية، وليس آخرًا ضمان التمدد الاستيطاني الاحتلالي لوجودهم على حساب الحق الفلسطيني وإبقاء الفلسطيني جريحا مشغولا بتطبيب جراحه.
وأمام واقع الحال لا يجد الفلسطيني أمامه سوى لملمة جراحه واستعادة قواه وتبني خيار المواجهة وتصعيد العمليات، لدفع العدوان والتمرد على واقع الظلم والاضطهاد، والوقوف في وجه سياسة القمع والإبادة التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي.
والتي شكلت بيئة خصبة لاستعادة مكامن القوة في الضفة الغربية، على عكس ما يتوقع الاحتلال وأعوانه؛ أن الاستنزاف المتواصل يمكن أن يؤدي لإنهاك الضفة الغربية ويقتل روح التحدي لديها، وبالتالي فإنه ومع كل خطوة إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية تنطلق شرارة جديدة لإشعال فتيل العمليات في وجه العدو الإسرائيلي.
ليس هذا فحسب فإن بيئة الضفة تتشكل شيئا فشيئا، لاستعادة المشاهد الأولى حين ضربت الأمن الإسرائيلي في مقتل؛ في عمليات بالغة الخطورة والتعقيد، حين حصدت أرواح العشرات من جنوده ومستوطنيه المسلحين، فبات من الواضح أن مشهد السكين والعمل الفردي لم يعد التحدي الوحيد الآن.
والحقيقة أنه ليس هناك ما يمنع من مفاجأة الاحتلال الإسرائيلي بأعمال منظمة عبر مجموعات تتشكل تلقائيا في ميادين الضفة الغربية دون توجيه الغير؛ لأن الظروف بدت مواتية والبيئة المحرضة حاضرة بفعل ممارسات الاحتلال، وبدت بوصلة التوجيه واضحة، وشظايا الانفجار ستطال كل أهداف الاحتلال.
والاحتلال بدا يفصح عن مخاوفه في ظل تنامى العمليات واستمرار الإنذارات الساخنة التي تصل تباعا من أجهزته أو من المتعاونين معه، والذى بدوره يدفع قيادة الأمن الإسرائيلي لإيجاد مبررات لإخفاقاتها المتكررة وفشلها الذريع في مواجهة العمليات، فبعد أن تلقوا ضربة نوعية في عملية (غوش عتصيون) والتي أدت إلى مقتل الجندي الإسرائيلي سوريك، وأمام خيبة الأمل وهول الصدمة حاولوا الاختباء خلف ألواح من الزجاج لكن العار يلاحقهم حتى هذه اللحظة، وخصوصا بعد الفشل في اعتقال المنفذين أو معرفة هويتهم، بعد مرور كل هذا الوقت، وعجزهم عن منع وقوع هذه العملية أو التنبؤ بها بالأساس.
لتنطلق تصريحاتهم وتحليلاتهم بعيدا عن حقيقة الواقع، نحو اتهام قطاع غزة بالوقوف خلف العملية، واستخدام مصطلح (قطاع غزة يحوي مقرا لقيادة العمليات العسكرية في الضفة) في إشارة إلى بعض محرري “صفقة شاليط”، الذين ذكرت أسماءهم في وسائلها المختلفة، والتي تثير السخرية، وتعكس مدى التخبط والارتباك الإسرائيلي.
خصوصا أن العمليات كانت في ذروتها قبل الإفراج عن محرري الصفقة وإبعاد بعضهم إلى قطاع غزة، وهذا ما يثبت كذب الدعاية الأمنية الإسرائيلية، ومحاولتها الهروب إلى الأمام لشن عدوان جديد ضد القطاع، أو محاولة استهداف بعض نشطاء المقاومة.
وفى الوقت ذاته بات من الواضح أن برميل البارود في الضفة لن يمنعه شيء، وأنهم قريبون جدا من جولات أشد فتكا من ذي قبل، لكن عوامل مختلفة تؤخر وصول شحنات هذا الصاعق إلى الكتلة الكبرى التي تغلي أسفل قشور الصخر، والتي إذا ما حدثت ستغير مجمل المشهد في الضفة الغربية وتعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، وصدق من قال: إن الأمن الإسرائيلي هشّ، ويسير على أرجل دجاجة.