الأخبارمقالات و تحليلات

دولة الوزير الأول : إما دخول التاريخ من أوسع أبوابه أو الخروج منه من أضيق نوافذه / أحمد سالم ولد أحمد

احمد سالم ولد أحمد / رئيس دائرة العلاقات الدولية بالمنظمة العربية للتنمية والزراعة

معالي الوزير الأول؛
‎لقد تابعت كباق المهتمين بالشأن العام في هذا البلد المنكوب تقديم برنامج عمل حكومتكم أمام البرلمان، فوجدته وثيقة غاية في ثراء المضمون و حسن السبك والحبك، شأنها في ذلك شأن كل الوثائق التي كان يقدمها أسلافكم أمام هذه الغرفة، وقد كنت في إحدى الحقب أشارك في إعداد بعض محاورها.

‎و لا شك أنكم وفقتم إلى حد كبير في الدفاع عن هذا البرنامج الرائع، فهنيئا لكم على ذلك و هنيئا لكم على نيل حكومتكم ثقة برلماننا .
‎لكن تهنئتي لكم ستكون أكبر وأكثر تحمسا يا صاحب المعالي، يوم ١٦ نوفمبر ٢٠٢٤، وهو اليوم الذي يصادف مضي مائة يوم على تقلدكم ثاني أسمى منصب في الدولة، وأتطلع إلى أن ألمس فعلا مع بزوغ شمس ذلك اليوم بدء إجراءات جادة تحمل بشائر مفادها أنكم ستشكلون استثناء من بين أسلافكم وتقرنون القول بالفعل.

‎وفي حالة تحقق ذلك، وهو ما أتمنى من أعماق قلبي، وسلكتم نهج الإصلاح و ثبتم عليه و جسدتم مثل التغيير والتجديد و أعلنتم قطيعة فعلية مع أساليب الحكم المقيتة التي ظلت تساس بها البلاد منذ فترات طويلة، ستدخلون، ولا شك في ذلك، التاريخ من اوسع ابوابه وستخلدون ذكركم عبر الأجيال.

‎و مما يدعو للبشر أن مؤشرين يبعثان على التفاؤل بامكانية نجاحكم في هذه المهمة رغم صعوبتها و وعر الطرق المؤدية لها التي هي بعيدة كل البعد من أن تكون مفروشة بالورود.

– المؤشر الاول: هو انكم فيما يبدو تحظون بثقة كبيرة لدى فخامة رئيس الجمهورية ويقال إنه منحكم بطاقة بيضاء لإدخال الإصلاحات المطلوبة في منظومة الحكم، وهذه الثقة تسقط أي عذر بأنكم لستم صاحب القرار الفعلي .
‎المؤشر الثاني: هو أن تتبع مساركم المهني يؤكد أنكم حققتم في وقت وجيز نجاحات مهنية مذهلة جعلتكم تحرقون المراحل في سلم إدارة ظلت معايير الوساطة القبلية هي من يتحكم في ترقية الموظف، وها أنتم تصلون إلى ما وصلتم اليه دون تسلق احدى هذه السلم البغيضة، وهذا ما يؤكد أن لديكم قدرات كبيرة على شق الطرق الوعرة.

‎وعلى كل حال فإذا أنتم نجحتم في مهمة الإصلاح،فتأكدوا أن طريق ما فوق الوزارة الأولى أصبح سالكا أمامكم .
‎أما إذا، لا قدر الله لم توفقوا في أن تكونوا بطل الاصلاح، فسيكون السقوط الحر من التاريخ ومن أضيق نوافذه هو مآلكم، حيث سيسجل التاريخ أنه خاب على أيديكم وميض الأمل في الإصلاح الذي لاح في الأفق في مطلع المأمورية الثانية و يستدل المشككون في إمكانية أن يأتي الإصلاح على ايديكم بكون ماضيكم في التسيير ليس مشرفا، و لهم نقول “ما أنكرنا لله قدرة، أليس الصبح بقريب.
‎أحمد سالم ولد أحمد
‎دكار ٨ سبتمبر ٢٠٢٤

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى