رئاسة الرئيس للشعب الموريتاني وما يطلبه الشعب من الرئيس (1) / محمدُّ بن البار
للإصلاح كلمة تناقش رئاسة الرئيس للشعب الموريتاني وما يطلبه الشعب من الرئيس (1) / محمدُّ بن البار
كلمة الإصلاح تحمد الله وتشكره طلبا للزيادة علي أنها لا تحمل من الموالاة ما يحجب عنها ما يصدر من الرئيس أيا كان ، ولا تحمل من المعارضة ما يستر عنها الأفعال الخيرة للرئيس عند وقوعها ، بل إنها عندما تكتب فهي تحاول دائما أن تصور الأفعال كما هي لتضعها علي صفحات بعض المواقع لعل الله جل جلاله أن ينفع بها كل من يبحث عن الحقيقة المطلوبة إسلاميا ، ولا شيء غير الحقيقة ، والحقيقة عندي هنا هي ما تضمنته رسالة هذه الآية لكل مولود من البشرية
في هذه الدنيا المنتهية سواءا كان رئيسا أو مرؤوسا وهي قوله تعالي : ((وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلي عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون )) .
ونظرا لهذه الحقائق فإن كتابتي في أي موضوع لا ألاحظ فيه قضية الموالاة ولا المعارضة ولا الانتساب لأي حزب بعينه لأني أدرك جيدا أن كل هذه المسميات ينطبق عليها تماما قوله تعالي : ((إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان )) ، وعليه فإن كلمة الإصلاح هذه سوف تكون مناقشة أو عرضا كاشفا لما يراه الجميع من معاملة هذا الرئيس الحالي للشعب الموريتاني وما يطلبه الشعب عادة من الرئيس .
وكمدخل لهذه المناقشة أو هذا العرض للواقع فلا بد من الرجوع أولا ـ ولو في كلمات قليلة ـ إلي الحالة الخاصة بالشعب الموريتاني من استقلاله حتى الآن بمعني شكل حياته الوطنية والبيئية التي نال فيها استقلاله وأصبح أبناؤه هم الذين يديرون شؤونه وكذلك شرح بيئة هذا الشعب الذي أصبح هو شعب الدولة الذي يتولي أبناءه إدارتها.
فبادئ ذي بدء ليعلم الجميع أن علينا نحن الموريتانيين خاصة وبجميع أشكالنا وألواننا ولغاتنا ومناطقنا أن نحمد الله علي أنه أولانا من نعمه طبيعة إٍسلامية ميزها جميعا بالمسالمة ، لا تعرف العنف ولا الإجرام في حياتها الطبيعية ، وأسكنها الله علي هذه الأرض الخاصة التي يمكن أن نسميها تعريفا فقط أو تمييزا لها بالشناقطة أو أرض “البيضان” التي لا تعني اللون بل تعني الطبيعة المسالمة والميزة الخيرة للحياة السعيدة أو نسميها موريتانيا كما آلت التسمية إلي بعضها فيما بعد ، ومما نحمد الله عليه أيضا أننا عندما حصلنا علي الاستقلال بالحالة التي نعرف جميعا ولا داعي لتفسيرها الآن لأن وقائع الدنيا تنتهي بنهايتها ولا فائدة من آثارها فيما بعد ، والذي يعرف الجميع في الموضوع أن من أخذ الحكم آنذاك هو من بني جلدتنا وطبيعتنا وبيئتنا كما وكيفا ، بل هو علي قمة عطاء الله لبعض عباده من دماثة الأخلاق ، وقناعة النفس وعفاف اليد هو وزملاءه ، فقد استلم الحكم أولئك الرجال الأفذاذ كلهم بيضا وسودا عربا وعجما بمعني أنهم كانوا ساسة موريتانيين خلصا حاملين معهم رؤية وطنية موريتانية لا مثيل لها فتحت أمام الموطنين الموريتانيين جميع الفرص المتاحة من العمل والتعلم بغض النظر عن الموقع واللون والجنس حتى أننا لم نحتج آنذاك لاستحداث قوانين خاصة بعمل المرأة أو انتخابها إلي غير ذلك ، بل خلقنا دولة ديمقراطية ذات حزب واحد كأسنان المشط ولكن ذلك الحزب الواحد هو الجسم الموريتاني كله وبجميع أطيافه ممثلا في شعب مسلم مسالم ومتعاطف يسير به إلي الأمام رجال لم يخذلهم حب المادة ولا الهيمنة ولا حب السلطة العمياء .
ولكن مع الأسف بينما كان قادتنا الأفذاذ آنذاك يقودون دولتنا ماسكين بقوة بزمام جميع الدول الإفريقية يقودونها بأخلاقهم وعفافهم المادي لصالح العرب والمسلمين آنذاك حتى حصلت قضية الصحراء العارضة التي كان لا مفر من الاشتراك في قضيتها علي الحالة التي اختارها القادة آنذاك نظرا للتداخل والقرب والمصلحة الداخلية للدولة لا مع باقي شعبنا الآخر ، وبناء علي الوقائع التي لابد منها فقد اضطر الجيش الوطني ـ وأقول هنا الوطني حقا ـ بمعني أن الله قد أعطانا آنذاك ضباطا من جنسنا مسلمين أعفاء يكرهون الإجرام طبيعة ويخافون الله عقيدة واستلموا الحكم من المدنيين لتلافي ما يمكن وتقليل الخسائر بين الأهالي والأقارب ، أو أقول لإنهاء ما يشبه الحرب الأهلية غير المقصودة كما وقع ولله الحمد ، وبالنظر إلي القادة الذين قاموا بالانقلاب فإن علينا نحن الموريتانيين أن نفخر ونعتز ونحمد الله علي أن جعل في ضباطنا العسكريين الذين استلموا الحكم أمثال المصطفي بن محمد السالك رحمه الله تعالي رحمة واسعة وزملاؤه مثل محمد خونه ولد هيدالة أطال الله عمره في توفيق الله والضابط احمدو ولد عبد الله والضابط جدو بن السالك رحمهما الله تعالي إلي آخر ذلك الجيل العسكري الوطني الموريتاني 100% قلبا وقالبا سواءا كانوا بيضا أو سودا إلي آخر ما وهبه الله تعالي لهذا الوطن من نوع المواطنة المسالمة الطيبة علي طول حدودنا شرقنا أم غربنا ،،،الخ
إلا أننا مع الأسف كذلك ونظرا إلي أن الله وحد لغتنا واهتمامنا أو اقول وجه عواطف قلوبنا إلي حياة سكان المشرق العربي وبالأخص إلي سكان مصر والشام (سوريا) والعراق والخليج العربي ،،الخ ، وشاء الله أن يكون أسوأ أوضاع شعوب العالم وحتى الآن هو وضع سكان هذه الأماكن ، فالحماقة التي لا نهاية لها ولاسيما إذا كانت لها صلة بالعسكر والنفاق المدني القاتل ، وعدم النخوة ، التسلط المميت على بني جلدتهم والجبن الجبان مع العدو الحقيقي إلي آخر تلك الأوصاف المذمومة في الإنسان التي ابتلي الله بها سكان مصر والشام (سوريا) والعراق والخليج ممن يسمون أنفسهم ظلما وزورا وبهتانا بالعرب ، فليس عندهم من العروبة التي أخر الله جنسها أًصلا ولغة وجهادا لآخر رسالة له علي الأرض لإيصالها لجميع البشرية ، ولكن الله مسخ هذا النوع من البشر على هذه المناطق : مصر وسوريا والعراق والخليج .
فمن نظر إلي هذه الشعوب الآن وما ابتلاها الله به من فساد أخلاقي في التفكير وأنواع النفاق والتبعية إلي آخره ، ونزع الرجولة والمروءة من القلب ما يندي له جبين الإنسان ولو كان في أسوء حالات الإنسان .
وهنا أحمد الله علي أني لا أحتاج الدليل علي ذلك فنظرة بينة علي سوريا الآن وحملة السيسي على سيناء وقتل العراقيين علي يد الشيعة وقتل الخليجيين لليمنيين ، وتخاذل الخليجيين فيما بينهم وتبعيتهم جميعا للغرب تبين أن الله تبارك وتعالي جعل سكان هذه المنطقة يشبه غير الآدميين حياتهم يلخصها قوله تعالي : ((ومنهم من يقول ربنا ءاتنا في الدنيا وماله في الآخرة من خلاق )) ، وبالرغم من هذه الأوصاف الكاشفة عن طبائع تلك السلطات المدنية والعسكرية ومعاملتها السيئة لشعوبها ولمدة قرون ، فإن علاقتي بعروبة تلك الشعوب وتعلقي بها لا مساومة فيها ، ولكن الله ـ لحكمة أرادها ـ جعلها في ذيل الانسانية الموجودة فوق هذه الأرض في وضعية لا يعبر عنها إلا قوله تعالي : ((ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين )) .
ومن هنا أعود لأقول إننا هنا في موريتانيا وأثناء حكم ضباطنا الأفذاذ الأعفاء المسلمين المسالمين جرفت شبابنا علي غير هدي علاقتنا مع المشرق العربي الموبوء بالجبن والنفاق وكان ذلك أيام حكم الرئيس محمد خونه ولد هيدالة تلك الأيام التي حاول فيها من يدعي العروبة أو يتكلم بها ناقصة ومشلولة ومعوجة أن يجرنا إلي تلك الحياة الغوغائية التي تعيش تحت ظلها شعوب فاقدة لأصلها الحقيقي وهو الإسلام الحقيقي داخل العروبة الأصلية النظيفة ، إلا أن الضابط معاوية آنذاك ظن انه بالتقرب إلي ما يسمي العروبة يمكن أن يعطي دفعا للشعب الموريتاني فقام بانقلابه علي محمد خونة ولد هيدالة مع أن معاوية نفسه ضابط ممتاز خلقا وخلقا أي موريتاني من جميع النواحي بالعفاف وعدم الحماقة العسكرية ، ولكن ضباطا موريتانيين زنوجا ظنوا أنهم بتغلغلهم في نظام ولد هيدالة يمكنهم تغيير موريتانيا من اتجاه عربي إلي اتجاه افريقي الأمر الذي اصطدم به الرئيس معاوية حتي وقع بين الجيش ما وقع دون أن يكون الشعب داخلا في الموضوع ، ونتيجة لتلك الظروف استدعي معاوية ديمقراطية كان يريدها بلسما لجميع التجاوزات التي جاءت بها الأحداث ، فلم يتقن معاوية تسيير الديمقراطية التي يريد ، وانما ظن أن الديمقراطية معناها إعطاء الدولة معنويا وماديا لأفراد من الشعب حسب ولاءهم ، وأثناء ذلك دخلت الحركات المتطرفة علي الخط إلي آخر الأمر الذي جاء بهذا الرئيس الحالي إلي السلطة بعد أن تداعت الدولة كلها إلي السقوط النهائي .
ومن هنا سوف اقتصر علي سلوك هذا الرئيس في اعتقاده على كيفية حكمه لموريتانيا ، فمن المعلوم أن هذا الرئيس كان قائدا مقربا جدا من الرئيس السابق ويعرف جيدا أين كانت توجد خيرات موريتانيا سواء من انتاجها الخام أو مساعداتها المادية ، وتبادر لهذا الرئيس أن حكم موريتانيا ينحصر في ضبط الأموال وتوجيهها إلي صالح المواطنين بغض النظر عن تسيير جميع مرافق الدولة الأخرى مثل نشر الأمن بجميع أنواعه في الدولة ، وتوفير ما يطلبه الشعب العادي من الرئيس من خدمات جميع الوزارات المكلفة بمصالح الشعب مثل الداخلية والصحة والتعليم ووزارة التجارة من خلال تموين السوق ،،،الخ ، وكان عليه أن يستدعي رافعة أعلا ولو لستة أمتار فقط حتي يكون في مكان يستطيع فيه أن يكون رئيسا لكل الموريتانيين ، بل إن هذا الرئيس أراد أن يدير الدولة من ناحيتها المالية فقط ، بمعني أنه يديرها من زاوية من زواياها ، و95% من هذا الشعب لا تصله الرعاية من تلك الزاوية وهي زاوية المال العام للدولة .
وقبل مناقشة هذه الرئاسة أود أن أقول كلمة عن طبيعة هذا الرئيس مع أني لم أر شخصه الا في شاشة التلفاز ، ولكن يظهر أنه عنده نرفزة حادة في طبيعته أصلا ، وقد زادتها نرفزة عسكرية تساعدها علي الحدة والارتفاع ، ولكن من فضل الله عليه أن أعطاه مسحة إسلامية في قلبه ، يغذيها نوع من الإباء والنخوة ، جعله ذلك رجاعا للبحث عن الطريق المستقيم في أي مشكلة تعرضت له ليراجعها بعقله السليم العادي .
وبالرجوع إلي بداية حكمه فإنه من المعلوم أن انقلابه علي معاوية كان بداية حكمه الفعلي لأن الرئيسين بعد ذاك جاءا عرضا فقط ، وشاء الله أن العالم في ذلك الوقت يتخبط في خزعبلات من الديمقراطية وأغنية الانتخابات النزيهة إلي آخر ذلك من مسميات أهل الدنيا التي لا معني لها فوق الطاولة ، فديمقراطية الأوربيين أصبحت واقعة في حياتهم لا يعرفون غيرها ، أما العالم الثالث فإن ديمقراطيته لا تتجاوز أبدا مكبرات الصوت والتقارير المسندة لكتابة القلم فقط .
وهذه الصورة الكاشفة عن طبيعة ديمقراطية العالم الثالث هي التي منحها هذا الرئيس حق الفهم ، وشق طريقه حتي وصل الرئاسة بالانتخابات المتقدمة ، ولكنه مع الأسف كان يمكنه أن ينتهج المسار الصحيح نحو الحكم الذي سوف يسأل عنه يوم القيامة لا محالة ، إلا أنه فضل أن تسمع أذنه من المقربين الراضين عن إدارته ، ولاسيما أنه كان من قدر الله أن قيض له بطانة تعرف كيف تتكلم ، وقولها يعجب السامعين من أهل الدنيا ، ولكنها لا تقدم ولا تؤخر في الإصلاحات العامة المطلوبة من الشعب ، ولا تنتج خيرا يمكن اعتماده لبناء الدولة للجميع ، بل هم أعوان بالكلام فقط مستهلكون للمادة بنهم واسع لا حدود له .
والآن سوف نعرض صفحا عن واقع الدولة من تدهور حياة عامة نتيجة اقتصار رئاستها على إدارة زاوية المال فقط ، وإدارة سياستها بالجمل الرنانة ذات الفصل والوصل والتوقف الموزون لا غير ، لأكتب مكان ذلك ماذا على الرئيس أن يتدارك به رئاسته لجميع الشعب ، وماذا يريد الشعب من رئاسته فيما بقي من مدته ؟
فمن المعلوم أن الدولة يتحكم في مصالحها المؤسسات التالية :
– أولا : وزارة الداخلية من خلال توفير الأمن العام للمواطنين
– ثانيا : وزارة الصحة من خلال الوقاية وتوفير الدواء لجميع المواطنين
– ثالثا : وزارة التعليم بمعني سيادتها علي جميع المدارس في الدولة
– رابعا : وزارة التموين : التجارة والبيطرة والتنمية ،،،الخ
جميع هذه المرافق لم تكن الدولة عندها فيها رئيس ، وإنما الشعب يسكن فوق هذه الأرض ، فاقدا للأمن ، فبعضه يصيبه أهل الإجرام ، وبعضه تقتله الأدوية المزورة ، وبعضه يرسب في المدارس العمومية ، وبعضه يموت جوعا ، فالأسعار والمواد الغذائية والأمن العام لا تتبع الآن لأي رئيس ولا وزير ولا مدير
وللكلام بقية في الحلقة الثانية