الأخبارفضاء الرأي

رداً على مقال “جمود في الأداء الحكومي” خلال المائة يوم الأولى

طالعت على إحدى المنصات مقالًا ينتقد أداء الحكومة خلال المائة يوم الأولى من عملها.
المقال حمل لهجة ساخرة ومحبطة، وتحدث عما زعم أنه “جمود في الأداء الحكومي”، وعما وصفه ب”غياب الإنجازات الملموسة” رغم ما صاحب هذه الفترة من وعود وتصريحات…
لا شك أن النقد وحرية الرأي والتعبير حقان مقدسان محفوظان لنا جميعا كمواطنين، بل إنهما ضروريان لضمان اشتراكنا جميعا في فهم واقع بلدنا ووطننا ولتوحيد المواقف والتصورات بشأنه؛ تمهيدا لتوحيد الجهود لمعالجة اختلالاته وحماية مكتسباته..
وإذا كان ذلك حقنا جميعا، فإن الموضوعية والالتزام يشكلان واجبا مقدسا أيضا في إبداء الرأي وتوجيه النقد..
وأعتقد جازما أن النظرة الموضوعية لواقعنا لن تخطئ أبدا في رؤية إنجازات ومكتسبات بينة وجلية تستحق أن نقف عندها ونثمنها وندعوا ونعمل للبناء عليها، حتى لا يظل نقدنا مجرد جلد للذات وتثبيط للهم وسد منافذ الأنوار الساطعة التي تسمح لنا برؤية مستقبل مبشر إن شاء الله؛ دون أن يمنعنا ذلك من ملاحظة أوجه النقص والقصور والدعوة لمعالجتها وتجاوز مخلفاتها السلبية.
ولعل من أبرز المحطات والإنجازات الملموسة التي لا يمكن لأي تقييم أو نقد موضوعي أن يتجاوز ها أو يتجاهلها:
— إطلاق منصة “عين” والتي مثلت إنحازا غاية في الأهمية على طريق تقريب الإدارة من المواطن، وتسهيل تواصل هذا المواطن مع الجهات المسؤولة عن حل مشكلاته والنظر في مطالبه وتطلماته، فضلا عن تعزيز الشفافية في الحياة العامة كلها.
ويكفي هنا أن نمر بعجالة على بعض ما تنطق به الأرقام الدالة؛ حيث تلقت المنصة 1500 شكاية تم الرد على 1200 منها، بينما يجري التعامل مع البقية بالبحث والتدقيق فيه.
فمنصة “عين” هذه ليست مجرد مبادرة رمزية، بل هي ترجمة علمية وواقعية لإرادة واضحة وقوية لمعالجة قضايا المواطن بشكل مباشر.
— ثم إن الحكومة لم تكتفِ بالكلام كما يزعم بعض المثبطين عن قصد أو عن قصور فهم وإدرك، بل عبأت الموارد ووجهتها نحو مشاريع تلتمس طموحات المواطنين وتلبي حاجاتهم الواقعية. ومن الأمثلة البارزة على ذلك مشروع عصرنة نواكشوط، الذي يجسد توجهًا لتحسين جودة الحياة في العاصمة من خلال تطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات.
إن هذا المشروع ليس فقط استجابة لمطالب قديمة، بل هو خطوة استراتيجية نحو بناء مدينة تعكس تطلعات أبنائها.
— إن جهود الحكومة لم تقف عند حدود معالجة الشكاوى والمشاريع، بل شملت إنشاء لجان متابعة وزارية لضمان تنفيذ البرامج والمشاريع بفعالية. كما أن اللقاءات المستمرة مع الفاعلين الاقتصاديين تُظهر أن هناك سعيًا جادًا لخلق شراكات تخدم المواطن وتدعم الاقتصاد الوطني.
صحيح أن مائة يوم ليست بالفترة الكافية لمساءلة حكومة عن إنجازات ذات قيمة في أيام جد قليلة، لكنها كانت كافية لوضع أسس قويمة وسليمة لما يتوقع تحقيقه خلال السنة القادمة وسنوات هذه المأمورية المباركة إن شاءالله.
لقد تم فعلا وضع هذه الأسس الصلبة، وتم رسم الطريق واضحا وسالكا لبلوغ الأهداف العظيمة:
الرد على شكاوى المواطنين، تعبئة الموارد، إطلاق مشاريع كبرى مثل عصرنة نواكشوط، والانخراط في حوار مع الشركاء، كلها خطوات تدل على أن العمل جارٍ وإن كان التحدي كبيرًا.
إن الطريق نحو التغيير الحقيقي طويل وشاق، ولكن البداية مشجعة إذا ما نظرنا إليها بعين الإنصاف.
وسيظل أفضل ضمان لبلوغ الأهداف هو أن نكون جميعًا شركاء فاعلين في البناء، كما قي النقد البناء، متذكرين قول الشاعر:
وما استعصى على قومٍ منالٌ إذا الإقدام كان لهم ركابا
فلنشارك جميعا إذن في دعم الإصلاحات الجارية، والمطالبة بالمزيد، بدل الاكتفاء بالتثبيط ونشر ثقافة القنوط والإحباط، ذلك أن التغيير عمل جماعي منذ لحظة تفتقه حلما جماعيا، إلى لحظة تجسده إنجازا جماعيا أيضا..
إبراهيم سيداتي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى