الأخبارفضاء الرأي

سؤال التجديد / السيد محمد حماه الله 

السيد محمد حماه الله

عندما طرح سؤال لماذا تخلف المسلمون وتقدم غيرهم تباينت اﻹجابات لكنها لم تبارح فرضية إتباع المتقدم الغربي حذو القذة بالقذة وإن تباين هذا اﻹقتداء من تنكر للقديم وإلتماس الخلاص الذي لا نجاة بعده في سبل الغرب تأسيا في المقدمات رغبا في التشبث بنتائج يرفل تحتها انسان تلك البلاد في مقابل هذا الإتجاه برز اخرون أخذتهم العزة بما اورثهم اﻷقدمون إلا أن نهمهم تطلعا لواقع أفضل هداهم ﻹعادة تبيئة القديم حتي يتناسب مع منتوج اﻷخر المتفوق 

 

لذلك ما فتئت إجابات رواد النهضة تتراوح بين الإغتراب والتلفيق وما زالت الذات تبحث عن ذاتها التي وبيقين يتجاوز اليقين لن تدركها في أي من السبيلين

 

فلابد لنا من استئناف لحظة التفكير في الدين طلبا لإصلاح الواقع بإستيلاد مقولات دينية تخاطب وتعالج أزمات العصر لا بوسائل القدماء وكسبهم وتفاعلهم مع الخطاب الديني وإنما بإنفعالنا وتجاوبنا مع مضمون الدين وجوهره الدين بمعناه القيمي الإيماني هذا هو المحك 

لابد من إبداع وإجتراح وسائل وآليات جديدة تتناول الدرس الديني إستخلاصا للترياق الرباني 

لا بد من تجديد يسدد مواطن الخلل في أدواتنا المعرفية والمفاهيمية في عالم اليوم تصل ما انفصل بيننا ومثالات الدين وتعاليمه العليا 

 

لابد من تجديد 

 

والتجديد الديني الذي نحتاجه هو ذلك الذي يسهم في تكوين ذهنية تفكير منفتحة ناقدة قادرة علي مناقشة ومراجعة المسلمات بإستجابة ديناميكية دائمة بدون توقف ولا جمود وتكلس بتقديس القديم

 

والتجديد ليس ﻷصل الدين ﻷن أصل الدين ثابت منذ أن خلق الله الخلق لم يزاد ولن ينقص وإنما التجديد في طريقة التعاطي مع مستجدات الحياة وهو امر راعته حتي الرسالات السماوية وهو درج الناس منذ عهد النبوة اﻷولي كل جيل يدلي بدلوه إكتناها لمراد الله وهو حقيقة شاخصة طبعت تاريخنا الفكري والسياسي حتي وان تنطع المتنطعون بالثبات فالتابعين لم يكونو أتباعا عميانا للصحابة الذين بدورهم ايضا لم يكونو أتباعا عميانا للنبي عليه افضل الصلاة والسلام بل كانت لهم إجتهاداتهم وجهادهم في سبيل إسقاط المثال وتحققه على أرض الواقع وليس أدل على ذلك من إجتهادات الفاروق رضي الله عنه فيما يخص حد السرقة وزواج المتعة وسهم المؤلفة قلوبهم وأيضا اضافات الكرار رضي الله عنه في علم المواريث حين أدخل العول ووضع أساس المنظومة القضائية بل وأنفرد بإنشاء الحبس الذي لم يعهده المسلمون إذ أن كل العقوبات كانت وقتية جلدا او ايلاما (يصل احيانا للقتل كما بعض الحدود) ولم يكن هناك أي شكل من التحفظ يستدعي السجن وهو أمر طارئ علي النظام القضائي للإسلام 

كذلك لم يركن التابعين لما ورثوه من الصحابة وانكفئو عليه بل ضبطو المعارف وبوبو العلوم تبويبا لم يعهده اﻷوائل تقعيدا للغة والفقه وهو أمر لم يكن عند سابقيهم بل تعدت يد التابعين الي ضبط المصحف الشريف نفسه والذي ضبط ونقط علي غير ما تركه النبي عليه أفضل الصلاة والسلام الي أن أتى اﻹمام الشافعي ورتب اﻷصول الفقهية تقاسما بين النص (القران والسنة) والمجتمع (القياس واﻹجماع) وهو أمر فيه ما فيه من تحجيم لسلطة اﻷثر لصالح اﻹجتهاد “المجتمع” والتعاطي مع مستجدات الحياة وهكذا دارت عجلة تفاعل المسلمين بالخطاب اﻷزلي المقدس يستجيبون لما يحصلونه من تجارب ومعارف تطويعا لخدمة النص المقدس بشقيه القرآني والنبوي بما كانو يسمونه قديما آجتهاد ونحن اليوم أصطلحنا عليه بوسم التجديد تجديد الآليات والوسائل صيانة وتفعيلا للغايات والمقاصد والنفرة في أساسها نفرة من مصطلح وهو أمر ليس بتلك اﻷهمية ﻷن اﻷصوليون منذ القدم أقرو ألا مشاحة في اﻹصطلاح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى