الأخبارمقالات و تحليلات

طوفان الاقصي وعودة القضية الفلسطينية / بقلم الكاتب ادريس احميد

ادريس احميد / صحفي وباحث سياسي ليبي

تمثل القضية الفلسطينية أبرز القضايا العالمية واقدمها في تاريخ البشرية .. وترتب عنها صراعات شهدتها العالم و منطقة الشرق الأوسط ، وكانت ولازالت اهم الملفات لدي الأمم المتحدة ومنظماتها،

وصدرت قرارات عدة من الجمعية العامة ومجلس الأمن، ولم تجد طريقها للتنفيذ، مما وضع مصداقية القانون الدولي على المحك .

الصراع العربي – الصهيوني كان محور تحالفات إبان الحرب الباردة ، بين الاتحاد السوفييثي والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وبقية الدول الغربية، التي تبنت دعم الصهاينة من خلال التزامها بالدفاع عنها ، وتقديم كافة أنواع الدعم من أجل بقائها ، بل يعتبر جزء من السياسة الأمريكية الداخلية والخارجية ، وتنافس في الحملات الانتخابية الأمريكية، والذي يعتمد على دعم اللوبي الصهيوني ، ومراكز القوي والاموال التي تساهم في الانتخابات التشريعية والرئاسية .

اما الاتحاد السوفييثي السابق على الرغم من انه اول من اعترف بالكيان الصهيوني عام 1947 ، الا انه غير مواقفه لمصالحه السياسة والتحالف مع الدول العربية ، وفي مقدمتها  جمهورية مصر العربية أو الدول التي وعقد اتفاقيات تعاون استراتيجي .

  مؤتمرات ام مؤامرات

شهدت الصراع مع العدو الصهيوني تغييرات جوهرية، بعد الانتفاضة الاولي ثورة الحجارة عام 1987 والتي قادها الشبان الفلسطنيين ، ردا على الانتهاكات والجرائم والقمع الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني  .

وقد أجبرت أمريكا في محاولة لإنقاذ  إسرائيل بعقد مؤتمر  مؤتمر مدريد للسلام في 30 أكتوبر 1991. زعما منهم  لاحياء عملية السلام في الشرق الأوسط ومحاولة إيجاد حل سلمي للنزاع العربي-الإسرائيلي. جمع المؤتمر ممثلين من إسرائيل، والدول العربية المجاورة، والفلسطينيين، تحت رعاية الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. تم تنظيمه بعد حرب الخليج الأولى كجزء من الجهود الدولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة، وتعزيز فرص السلام من خلال المفاوضات.

بدأت محادثات سرية بين منظمة التحرير الفلسطينيّة بزعامة الراحل ياسر عرفات ،في اسلوا النرويجية واسفرت عن اتفاق « غزة اريحا « ، وماتلها من مايسمي بالتنازلات من طرف إسرائيل للأراضي، لا قامة السلطة الفلسطينية، وتبعها لقاءات في «واى ريلفر» 1998 الأمريكية، وكامب ديفيد  عام 2000 ، والقاهرة  والاردن ، باريس  .

وبالاضافة إلى ذلك قدمت العرب مبادرة السلام في قمة بيروت 2002 ، والتي اطلقها ولى العهد السعودي « عبدالله بن عبدالعزيز «  ، في ظل حصار الرئيس عرفات، الذي لم يتمكن من المشاركة وانتهي الأمر بقتله .

حدث الانقسام الفلسطيني بين حركة فتح  التي اختارت ، طريق المفاوضات أو العملية السلمية ، وحركة حماس وحركة الجهاد  اللتاان المنهج لكلا منهما، واستمر المماطلة الاسرائيلية والاستيطان والاعتقالات ، في انتهاك واضح للمواثيق والاتفاقيات والقانون الدولي .

وشهدت المنطقة احتلال العراق وتدميره ، الذي كان أحد العقبات في وجه إسرائيل، وهي تصفية حساب لماقام به من قصف إسرائيل ب 40 صاروخ .

وجاء مايسمي بالربيع العربي الذي ادخل المنطقة في فوضي واشغال الشعوب في هموم ، الديمقراطية ، وكان الهدف مصر التي افشلته، وليبيا وبعدها سوريا.

عملية طوفان الاقصي

عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس في أكتوبر 2023 فاجأت كل من المخابرات الإسرائيلية والأمريكية. التقارير أشارت إلى أن الهجوم لم يكن متوقعًا بهذا الحجم والتنظيم، مما أدى إلى وقوع خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات. هذه العملية كشفت عن ثغرات في تقديرات وتوقعات الأجهزة الاستخباراتية لكلا البلدين بشأن قدرات حماس وتحركاتها.

تداعيات عملية طوفان الاقصي

لقد اتضح بأن هناك تخطيط مدروس لهذه العملية ، كشفت مواطن الضعف في الكيان الصهيوني.

– مخابراتين:

فشلت المخابرات الصهيونية الموساد والشاباك، بوقوع العملية واتهام كل طرف للآخر.

وعلى الرغم من العمليات التي قامت بها المخابرات ، لا طلاق سراح بعض الرهائن ، لكنها ادت إلى خسائر بشرية ، ناهيك عن عدم قدراتها على تحديد ، أماكن تواجد قادة المقاومة ، مما أدى إلى قصف المدنين بالجملة .

– عسكريين :

بعد العملية تحركت الاله العسكرية البرية والجوية، وبدأت القصف دون هواده، مستهدفه المدنين والمرافق الصحية ودور العبادة ، مما يكشف بحالة الارتباك وعدم وجود تخطيط أو تنظيم أو هدف عسكري ، مما أدى إلى خسائر بشرية و استنزاف للدخائر التي تأتي من الولايات المتحدة الأمريكية،  ولازال العدوان مستمر للشهر التاسع ، دون تحقيق اى انجاز عسكري أو في إطلاق الرهائن.

  حكوميين :

دخلت الحكومة المشكلة من أحزاب متناقضة في توجهاتها، وتشددها في التعامل مع المقاومة، ومايحدث من خلافات واستقالات وضغط من المعارضة ، ورئيس الحكومة نتنياهو تلاحقه قضايا فساد ، وقد وجد في هذه الحرب ذريعة للاستمرار فيها ، على جثت مواطنيه ، وبكل تأكيد أرواح الفلسطينين الأبرياء.

– الأثر النفسي والاجتماعي :

يعاني المجتمع الصهيوني من انقسام حاد ، وضغوط نفسية وحالة هلع ، وكذلك  التركيبة المتناقضة التي جمعت من مختلف الدول ، ووعدو بأن فلسطين هي ارض الميعاد .

بالإضافة إلى التوجهات الدينية  والجدير بالذكر بأن  قرابة مليون  إسرائيلي غادروا البلاد ولم يعودوا حتى الآن خلال الشهور الستة الأولى من الحرب.

تعاني الحكومة الصهيونية من ضغوطات ومظاهرات يوميا ، من طرف أهالي الرهائن الذين يطالبون بأنهاء الحرب ، والقبول بشروط حماس في المفاوضات الدائرة .

– اقتصاديا :

بعد عملية «طوفان الأقصى»، تضرر الاقتصاد الإسرائيلي بشكل كبير. تأثرت العديد من القطاعات الصناعية والتجارية، وتراجعت الاستثمارات في بعض المجالات بينما استمرت في أخرى. زادت التكاليف العسكرية والضغوط الأمنية من الأعباء الاقتصادية، مما أدى إلى تراجع ثقة المستثمرين.

تشير التقارير الاقتصادية  أن خسائر الاقتصاد الإسرائيلي من جراء الحرب الدائرة منذ 7 أشهر، بلغت قرابة 60 مليار. 

ووفقاً لبيانات وزارة المالية الإسرائيلية، فإن «العجز المالي المستمر منذ قرابة 12 شهراً ارتفع لقرابة 7% من الناتج المحلي الإجمالي اعتباراً من أبريل».

ونسبة العجز المالي الفعلية أعلى من تقديرات حكومة الاحتلال البالغة 6.6% لعام 2024، كما أن الإنفاق ارتفع بنسبة 36% تقريباً في الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق.

الاثر الدولي لعملية طوفان الاقصي

دعمت أمريكا الصهاينة سياسيا من خلال استعمال حق النقد الفيتو في مجلس الأمن، وفي الجمعية العامة وسافر إليها الرئيس بايدن ، الذي قال بأنه صهيوني ووزير خارجيه بلينكن الذي قال بأنها جاء لأنهم صهيوني  وعسكريا ، وحركت حاملتي طائرات وشارك  آلاف الأميركيين -بعضهم يحمل الجنسية الإسرائيلية- في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وأيضا الدعم البريطاني والفرنسي والالماني وبقية الدول الاوربية  .

لكن الرأى العام في أمريكا الذي شكل صحوة داعمة للحق الفلسطيني، ورافضا للعدوان من خلال مظاهرات في الجامعات الأمريكية، وبذلك هذا موقف اخر يصب في صالح القضية الفلسطينية .

ووجدت الإدارة الأمريكية والدول الغربية ، نفسها في محرجة اخلاقيا ، وهي تنادي بأحترام حقوق الإنسان  ، في المقابل ازداد تأييد الكثير من الدول ، وأهمها موقف جنوب أفريقيا وإسبانيا اللتان تبنت اللجوء إلى محكمة العدل الدولية ، والاعتراف الدولي بدولة فلسطين .

وانكشفت دول الكيان الصهيوني بأنها دولة عصابات لاتحترم حقوق الإنسان ولا القانون الدولي، واخيرا اصدرت   محكمة العدل الدولية ، قرارها بأختصاصها في النظر في الدعوة المقدمة ، ورفضها لاجراءات احتلال الاراضي الفلسطينية ، وبعدم شرعيته وطالبت الدول بعدم الاعتراف بتلك الاجراءات.

تضحيات وصمود المقاومة  الفلسطينية

لقد وصلت دولة الكيان الصهيوني إلى مخاطر تنسف كل مخططاتها، وتنهي وجودها الغير شرعي ، من الداخل حيث الصراعات الداخلية التي بدأت بنشطار  مجتمعي، والازمات السياسية والاقتصادية وانهيار مؤسستها العسكرية بعد فشلها الذريع في تحقيق ، اى انجاز عسكري واتضح بأن ذلك الجيش هزم من قبل الشبان الذي حققو مافشلت فيه الجيش العربية في حروبها السابقة .

واصبحت معرضه لهجوم من  جنوب لبنان والجولان واليمن التي تسيطر على منفد البحر الأحمر  ، مما تسبب في خسائر اقتصادية ، وتحويل السفن إلى طريق الرجاء الصالح ، ووصلت المسيرات اليمنية حتي العمق الاسرائيلي ، ودخول ايران على الخط بالضربات الإيرانية على إسرائيل، بعملية سُميت «الوعدُ الصَّادق» في 14 ابريل الماضي ، وهي هجمات عسكرية جوية محدودة بطائرات مسيرة وعدد من الصواريخ ، بالتنسيق مع اذرعها  في العراق وحزب الله وانصار الله في اليمن ،  جاءت العملية  ردا على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق أبريل الماضي.

مما يؤكد باتساع دائرة الحرب في المنطقة ، وهذا ليس في مصلحة الصهاينة ولا أمريكا  .

ويحدث ذلك في ظل مواقف دولية معارضة وغاضبة من الكيان الصهيوني  البغيض ، وفي فترة الانتخابات الأمريكية وان كان الموقف الأمريكي واضح لدى المرشح الديمقراطي والمرشح الجمهوري،

وانقسام الدعم الأمريكي بين الكيان الصهيوني واوكرانيا .

ويبقي نتنياهو بين فشله وهواجس الملحقة القانونية ، واجباره على قبول التفاوض، والصراع دخل حكومته .

اما المقاومة الفلسطينية ستبقي صامدة على الرغم من التضحيات التي لامثيل لها في تاريخ الإنسانية ، فلا بديل عن هذه المقاومة الشعبية التي ارهقت الأعداء وسعيهم لإيقاف العدوان لعدة أسباب  ، ولا مجال للفلسطنين الا خيار المقاومة والصمود مهما كانت النتائج !!

المصدر : الكاتب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى