الأخبارمقالات و تحليلات

لا تظلموا العلويين بذنب بشار / بقلم : ا.د كريم فرمان

ا.د كريم فرمان / كاتب واكاديمي من العراق

المصدر : الكاتب /

ليس نقيصة ان يتولى منصب الرئاسة في عالمنا العربي مواطن ينتمي الى اقلية عرقية او دينية فهذه ليست مشكلة انما المشكلة في المنهج الذي يتبعه والسياسات التي ينفذها وسوريا ليست استثناء فقد اختار الشعب السوري باجمعه في فترة الاستقلال فارس الخوري رئيسا للوزراء وهو مسيحي كما أن مؤسس حزب البعث العربي الاشتراكي عام ١٩٤٧ في دمشق هو المسيحي ميشيل عفلق ورفيقيه السنيين صلاح الدين البيطار واكرم الحوراني كما عاش العلويون في ظل حكام من السنة مثل الفريق امين الحافظ ونور الدين الاتاسي والشيشكلي وحسني الزعيم والحناوي وسواعم اخرين ،كما انخرطوا في مفاصل الدولة والجيش كمواطنين مثلما كانوا قادة مبرزين في الفكر القومي وقدموا شخصيات تاريخية لعبت ادوارا مهمة في تاريخ سورية والوطن العربي فمنهم المفكر القومي من لواء الاسكندرون السليب زكي الارسوزي وكذلك البعثي صلاح جديد ومبدعون كبار مثل محمد سليمان الاحمد وبدوي الجبل وسليمان العيسى وقادة وشعراء كبار مثل ادونيس وغيره.
العلويون عرب اقحاح انخرطوا في رحلة الكفاح ضد المستعمر الفرنسي مبكرا وشكل تلاحم قادة الثورة السورية الكبرى ضد الاستعمار الفرنسي نموذجا لملحمة وطنية في الوحدة والتحرير عابرة للتخندق الديني والمذهبي والعرقي وكان الثلاثة هم صالح العلي و سلطان باشا الاطرش و ابراهيم هنانو ومعهم سعد الله الجابري ابن حلب الشهباء والقائد يوسف العظمة ومناضلون كثر رافعة للوطن والاتحاد.
اذن نحن امام فسيفساء سورية تشترك في الهم الوطني والقومي الا
ان نظام الأسد الاب والابن قد حكموا الشام تحت لافتة حزب البعث والشعارات القومية وليس تحت مظلة الطائفة رغم ما انتهجوا من اساليب ماكرة لتمكينهم من مفاصل الامن وتامين السلطة.
ربما كان توريث الحكم إلى بشار خطيئة لا تغتفر بسبب عدم تاهله للقيادة ولا امتلاكه لمواصفات الزعامة والذكاء والحلم مثل ابيه حافظ الاسد ومع ذلك حتى عام ٢٠١١ كان جل السوريون يتفائلون به خيرا حين وعدهم بالاصلاح ومحاربة الفساد وتعديل المسار حتى خاب املهم به وهرب إلى خارج سورية بعد أن احالها إلى خراب و بلاد للخوف والقتل والخطف والجوع والحصار الى حد ان رغيف الخبز كان يباع للمواطن بواسطة البطاقة الذكية وبمعرفتي أن هذه البطاقة المشؤومة لم تكن تميز بين العلوي والسني والدرزي او المسيحي او الاسماعيلي فجميعهم في العذاب سواء.
فاذا كانت فئة قليلة من حاشية السلطان كما هو حال اغلب نظم الحكم في التاريخ قد اثرت واستفادت او اجرمت بحق الشعب فان العلويين لا يتحملون وزر سياسات بشار او ابيه البائسة ولا عواقب حكمه الفاشل ومن يريد ان يتاكد عليه ان يذهب إلى مسقط راس عائلة الاسد في القرداحة وعلى امتداد مناطق الساحل السوري في اللاذقية وطرطوس واريافهما ليرى بعينه مناظر البؤس والحرمان والفقر لاغلبية السكان من تلك الطائفة الكريمة ،اما ان هذه الشلة او العصابة المجرمة التي التفت حول مغانم السلطة بهدف الانتهازية والمنفعة وارتكبت جرائم يندى لها جبين الانسانية فمكانها المحاكم والجزاء العادل من دون اثارة الاحقاد والانتقام.
المواطنة المتساوية والمشاركة وسيادة القانون هي من يضمن لسورية الغالية على قلوب العرب صاحبة التاريخ العريق ومجد الشرق الذي يبدا من دمشق كما قال الشاعر فعلى العرب اليوم ان تمتد اياديهم البيضاء ليساعدوا سوريا على تضميد جراحها واستعادة القها ودورها العربي وعدم انحرافها إلى حكم السجون والمعتقلات والدكتاتوريةواللون الواحد فهذا الشعب الأبي والكريم يستحق ان يكون له مكانا محترما.

* كاتب واكاديمي من العراق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى