لولا العراق و لبنان/ الولي سيدي هيبه
هل تظل الأمة العربية تخشى للمطالبة بحقوقها الشرعية منْ مَرَّغَ الشّبلُ و الفتى الكوري جبروته في وحل المهانة ؟ أفلا يعقل قادتها و يتعقلوا و يعقلوا و يتوكلوا؟
لو لا كلمة العراق المرتجلة بقوة و لبنان المحضرة بعناية لكان اجتماع وزراء خارجية العرب في القاهرة أشبه باجتماع “دعاة أخلاق” بـ”عاهرة”، يأتون إليها غاضبين ثم لا يلبثوا أن يخرجوا من خدرها مهادنين متفهمين دواعي عهرها.
ففيما كانت خطب الأمين العام لجامعة الدول العربية و وزراء الخارجية رنانة تحملها لغة جياشة عارمة و حبلى بالتواريخ ـ التي ينطق مع ذلك أكثر من نصفها بالهزائم و الانتكاسات ـ و كانت عبرها مواقف زعماء جميع البلدان متسمة بتأييد القضية الفلسطينية و حب القدس الشريف، انبرى وزيرا خارجية لبنان و العراق للتغريد خارج السرب بنبرة ناقدة، ثائرة و مطالبة في حزم كسرَ الرتابة؛ نبرة نفثت حرارة غير معتادة حملتها عاليا الكلمات الجريئة و الصوت الواثق المعبر عن موقف حاسم يترجمه اثنان:
- قوة القرار المشترك،
- و أقصى الاندفاع العملي
إلى غاية ترجمتهما إلى واقع تَصَدٍ عملي صارم و مؤثر أقله فرض عقوبات اقتصادية، مالية و سياسية على الولايات المتحدة الأمريكية من دون الخوف من تغولها ـ الذي مرغه في الوحل الفتى و الشبل الكوري ـ كما دعا إلى ذلك وزير الخارجية اللبناني الذي عرف نفسه بالعربي الشرقي الانتماء، المسيحي المعتقد و المقدسي المهجة و التعلق.
و لما أن أغلب كلمات وزراء الخارجية جاء تكرارا حرفيا كما لو كان قطعا و لصقا لما هو معهود من ماضي الخطابات في جميع الاجتماعات التي تعقد بصدد اتخاذ مواقف موحدة، فقد جاءت كلمات أخرى وسطا بين “الصارمة” المفتقدة و “الاعتيادية” الروتينية كما هو الحال بالنسبة لكلمة وزير الخارجية المغربي التي دعا في ختامها المجتمعين إلى الابتعاد عن اتخاذ قرارات يستحيل تنفيذها.
و سجل الإعلام الغربي، الذي تابع و نَقل عبر شاشاته و جميع وسائله الإعلامية بإحاطة شاملة و اهتمام بالغ مجريات اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، أنه لم تتخذ في أعقاب هذا الاجتماع أي مقترحات تتعلق بإمكانية اتخاذ “إجراءات ضغط” تعبر عن توحد الموقف و صرامته.
و ما بين ثلاثية القراءة بـ:
- الدعوة إلى الحزم و اتخاذ المواقف الفاصلة،
- و الإبقاء على النمط القديم من الشجب و الاستنكار اللفظيين،
- و التروي المهادن بلغة الانحسار بين” الرغبة في الحزم” و “الخوف من المجهول”
تبقى القضية الفلسطينية في مهب الريح يعبث بها العابثون و يتفرج الضعفاء المستكينون، و ينظر في حياد الغير معنيين و المغلوبون على أمرهم، و يجد الفلسطينيون مرة أخرى أنفسهم مجبرين على المقاومة و التصدي حتى يـفرج الله يفرج الكرب و يرفع الغمة و يثيب بالنصر الموعود.