محمود درويش نجوت من الحياة باعجوبة / كنب ا.د كريم فرمان
كان الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش كثير التردد على بغداد وخصوصا خلال مهرجانات المربد الشعرية، يدفعه حب غامر لبغداد والعراق وهو القائل ان في كل طلعة شمس يولد شاعرا في العراق.
وبحكم وظيفتي السابقة ولانه كان عضوا في اللجنة التتفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وفبل ذلك كان قامة شعرية سامقة وشخصية المعية جاذبة.
ربطتني به صداقة وعمقها الاخ والصديق عزام الاحمد سفير فلسطين الاسبق في بغداد والقيادي البارز في حركة فتح ،ومن ذكرياتي معه اني دعوته يوما إلى عشاء خاص في احد اركان مطعم فندق ميليا المنصور بحضور عزام كما دعوت معه ايضا الشاعرة العراقية الكبيرة والصديقة الراحلة لميعة عباس عمارة ( ام مازن) وهي من تزين الجلسات باطلالتها البهية وقفشاتها واشعارها الرقيقة، ولكن ما ان لمحنا حشد من طالبات الجامعة من عربيات وعراقيات حتى ازدحم المكان فواحدة تطلب صورة واخرى تسال درويش من هي احب لك المراة الطويلة ام القصيرة وحسناء ثالثة تهمس من تفضل البيضاء ام السمراء وهو بابتسامته الرائعة يجيبهن (لا تحرجوني كثيرا فلكل امراة جميلة في قلبي معزة!!!).
واذكر يوما التقيته في باريس وكان يجري فحوصا روتينية من مشكلات في القلب ونقلت له سلام وتحيات من الرئيس الراحل صدام حسين رحمه الله ورسالة قصيرة قل للاستاذ محمود ليكتب كل طلباته فهي مجابه!
وشكر ذلك كثيرا وقال يهمني الان ان تنتهي الحرب مع ايران ليتفرغ العراق لفلسطين ولم يزد طلبا على ذلك.
درويش الهاديء ينساب حديثه مثل جدول ماء عذب سالته يوما من هي التي احببتها اكثر من زوجاتك او حبيباتك؟
وكان معروفا عنه انه لا يطيق قيود الزواج ومسؤلياته العديدة فقد كان يقول كيف تمضي عمرك على سرير واحد وفي بيت واحد مع انسان اخر ان ذلك يشعرني بالاختناق!!
واعدت عليه السؤال مرة اخرى فقال الشامية د. رنا قباني كنت اتمنى ان اختنق معها لفترة اطول ولكنني اقحمتها في ظروفي واجواء بيروت التي كانت وقتها لا تحتمل.!!
وخلال العشاء الذي جمعنا في فندق المنصور ميليا ببغداد تغزلت به الشاعرة لميعةعمارة قائلة.
ارح يا حبيبي نظارتيك قليلا،،لأمعن فيك النظر
فما لون عينيك؟
هل للغروب تميلان
ام لاخضرار الشجر
احبهما تتعرى النجوم
بغير سحاب اريد القمر
ووالله من اجل عينيك محمود ،، أصبحت اعشق قصر النظر!!
فرد عليها هل تعنينها بصدق؟
اجابت كعادتها والضحكة تجلجل على شفتيها نعم اقصدها محمود لأنك ابني!!
وضحكنا ليلتها كثيرا.
كانت أمسية لا تمحى من الذاكرة وبقينا على تواصل واحيانا عن طريق صديقي د. جهاد الوزير شقيق القائد الفلسطيني ابو جهاد سفير فلسطين في بروكسل.
رحم الله الصديق والشاعر والرمز الفلسطيني الكبير محمود درويش المسكون بهم وطنه وسط امواج الصراعات التي تتقاذفه من كل اتجاه. محمود العليل بقلبه الطيب والملهوف إلى رائحة خبز امه وتنورها في فلسطين كان يتالم بصمت وتسود الحياة في عينيه يوما بعد آخر
اتذكر متى ما سالني عن صديق اعرفه تقطعت به سبل التواصل مثلا اخبره بانه غادرنا الى دار البقاء كان يكرر دائما عبارته الشهيرة
لقد نجا من الحياة باعجوبة!
ولا زلت محتارا حتى اللحظة عن تفسير ذلك سوى انه تعرض لخيبات كثر.