الأخبارمقالات و تحليلات

وحيدا في دمشق/ كتب ا.د كريم فرمان

ا.د كريم فرمان / كاتب واكاديمي من العراق

باستعارة هذا العنوان من مذكرات اشهر جاسوس إسرائيلي في سورية في عقد الستينات من القرن المنصرم هو ايلي كوهين يكون العنوان منطبقا ايضا على حال الرئيس السوري بشار الأسد.
فالاسد الذي انهكته الحرب خلال فترة ما سمي بالربيع العربي وحاصرته العقوبات الامريكية والاوربية واضعفته اكثر تحالفات الاضداد كايران وروسيا وما بينهما من تنافر في طبيعة الدور والمصالح في سورية جعلت من بشار مجرد دمية تتراقص على اصوات طبول الحليفين المتعاكسين رغم بعض التعاون بينهما في ملف حرب اوكرانيا.
سقطت ادلب وبعدها حلب كبرى المدن السورية بطريقة شبيهة لسقوط الموصل عام ٢٠١٤ بيد داعش بلا مقاومة تذكر ومن ثم سقوط حماه معقل المعارضة الاخوانية للنظام السوري تاريخيا وربما الانظار تتجه إلى حمص المدينة القريبة جدا من حماه.
كيف تساقطت تلك المدن بهذه السهولة مثل قطع الدومينو وهل ان توقيت هجوم جماعات المعارضة المدعومة من تركيا بقوة كان مثاليا بعد حرب لبنان واضعاف قوة حزب الله إلى حد كبير.
مما لا شك فيه ان ايران لم تكن راضية تماما عن مواقف بشار إزاء حروبها ضمن محور المقاومة في غزة ولبنان إذ اكتفى بالتنديد والموقف الاعلامي وايواء الفارين من نيران الحرب وقبل ذلك مصرع كبار قادة الحرس الثوري الايراني في دمشق ومدن اخرى بطريقة ادخلت الشكوك اليها بان هناك تواطؤء بين كبار ضباط النظام ومخابرات روسيا واسرائيل واعتقد ان الرئيس بشار اراد ان يستدير عن محور ايران ببطيء ولكنه محكوم بقيود تمنعه من الحركة السريعة وهو يشبه من يقود شاحنة كبيرة محملة باثقال.
مهما كان الخلاف في تقييم حكم الرئيس بشار الأسد الا ان تمدد حركات متطرفة توصف بالارهابية مثل جبهة النصرة وحتى حركة تحرير الشام وقيادة الجولاني المرتبط باجندة الاخوان المسلمين والقاعدة فهو سيدخل المنطقة في غمار حروب جديدة تضر بالاستقرار الاقليمي وتعطي دفعة لتنشيط قوى التطرف في المنطقة والتي لا زالت لها قيادات واجسام وخلايا نائمة.
نحن أمام توغل تركي يقف خلف هذه الواجهات المتاسلمة وله اطماع تاريخية وجيوسياسية من شانها تعقيد الساحة وهنا اظن ان الدول الاخرى المتنفذة في سوريا مثل ايران وروسيا لا تسمح بهذا التمدد الذي يهدد مصالحها الحيوية، وخصوصا اسرائيل التي تجد في بشار الضعيف والمحاصر خيارا مناسبا لها على العكس من وجود جماعات إسلامية متشددة تحكم الشام ، ولذا سنشهد موجة من القصف والبراميل المتفجرة وزج ميليشيات عراقية وافغانية وباكستانية مع دعم مادي وعسكري قوي سياتي من العراق المجاور بضغط وتوجيه النظام الايراني.
سوف تتحقق نتيجة واحدة مزيد من الضغوط على بشار للقبول بالقرارات الاممية والاتفاقات الاخرى لتعديل مسار الحكم وعودة اللاجئين إلى بلدهم وكذلك نتيجة اخرى ان بشار بات أضعف من بيت العنكبوت وعليه التفتيش عن حلول لازمة سورية بعيدا عن المكابرة والعنجهية فهو حاله باتت في الوصف اقرب إلى حال رئيس الكونغو الديموقراطية السابق والمخلوع والذي كان يحمل لقب( موبوتو سيسي سيكو) وترجمته الديك الذي يركب كل الدجاج وعندما ازف موعد رحيله كتبت صحيفة الفايننشال تايمز عنوان طريف على صفحتها الاولى( الديك الذي كان يركب كل الدجاج لم يعد بمقدوره ان يركب دجاجة واحدة .

المصدر : الكاتب 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى