رئيس جبهة تحرير أزواد يؤكد أن حل أزمة مالي يبدأ بالاعتراف بحقوق الشعب الأزوادي
أكد بلال أغ الشريف رئيس جبهة تحرير أزواد “أن النزاع بين شعب أزواد والحكومة المالية مستمر بسبب عدم الاعتراف بخصوصية أزواد وحق سكانه في تقرير مصيرهم”.
وأوضح في تصريحات له، أمس الإثنين، أن “الاتفاقيات الموقعة مع الحكومة المالية، مثل اتفاق الجزائر 2006 واتفاق السلام والمصالحة 2015، كانت مؤقتة ولم تعالج جذور الأزمة”.
وأشار أغ الشريف إلى أن “شعب أزواد لم يشعر يومًا بالانتماء إلى دولة مالي منذ استقلالها في عام 1960″، مؤكدًا أن “العلاقة بين الطرفين بنيت على أسس غير واقعية تجاهلت مطالب قادة أزواد بالحفاظ على خصوصيتهم وإدارتهم الذاتية”.
كما شدد على أن “الحل النهائي للنزاع يتطلب إرادة سياسية حقيقية من الحكومة المالية واعترافًا بمظالم شعب أزواد وحقوقه المشروعة، مع دور فعّال للمجتمع الدولي للضغط على مالي للوفاء بالتزاماتها”.
وقال: “إن شعب أزواد يسعى للسلام، لكن ليس على حساب الكرامة والعدالة؛ ويبقى السؤال مفتوحًا حول قدرة الجهود الدولية والإقليمية على إيجاد حل ينهي هذا النزاع المزمن”. وعن المطالب التي تُشكّل نقاط خلاف والتي تدفع ثوار أزواد للاستمرار في النضال ضد الحكومة المركزية في مالي، قال بلال أغ الشريف: “أولًا، ما يمنع تطبيع العلاقات بين دولة مالي وشعب أزواد هو أن موقف الثوار لم يُفهم قط في سياقه، فشعب أزواد لم يعتبر نفسه يومًا جزءًا من مالي، بعكس ما يروج له العديد من المراقبين”، مضيفاً أن “شعب أزواد لم يقبل يومًا أن يكون جزءًا لا يتجزأ من الدولة المالية، أتحدث هنا عن القيادة، وزعماء القبائل، وحتى البنية الكونفدرالية التي وجدها المستعمرون الفرنسيون أمامهم عند غزوهم للبلاد”.
“كان الاتفاق في فترة الاستقلال بين مالي والسنغال وقادة أزواد، يضيف بلال آغ شريف، ينص على أن يبقى سكان أزواد مستقلين ضمن كيان يحتفظون فيه بثقافتهم وخصوصيتهم وإدارتهم الذاتية، هذا ما وافق عليه القادة، لكن كل ذلك تم تجاهله عندما أُنشئت حكومة باماكو، التي بمجرد أن شعرت بالقوة، ألغت هذه التفاهمات، والدليل على ذلك هو أن مالي أصبحت مستقلة في عام 1960، وبدأ أول تمرد في عام 1963”.
وزاد: “بل إن قيادة أزواد لم تُشرك في التصديق على الاتفاق بشأن الكيان الفيدرالي (السنغال-مالي-أزواد)، فالجميع يتذكر رسالة 1957 التي وقّعتها جميع الشخصيات البارزة في أزواد، والتي طالبوا فيها بالحفاظ على خصوصيتهم؛ لذا، فإن العلاقة بين مالي وأزواد لم تقم قط على أسس واقعية، إنها بناء فرنسي بلا أي قاعدة ولا أي اعتبار لرأي السكان الأصليين”. وأضاف: “لم يكن هناك أي تبادل سياسي بين باماكو وأزواد، كانت هناك تبادلات تجارية وثقافية، لكن لم يكن هناك أي تبادل في مجال الحكم بين الشمال والجنوب في تاريخهم، فكل القرارات والمفاوضات التي جرت لحل هذا النزاع لم تأخذ هذا الجانب بعين الاعتبار، بل إنها دائمًا ما كانت تركز على الجوانب الاقتصادية وقضايا البطالة، متجاهلة البعد السياسي الذي يشكل جوهر المشكلة”. وعن نظرته للاتفاقيات التي وقّعتها جبهة تحرير أزواد مع الحكومة المالية، مثل اتفاق الجزائر 2006 واتفاق السلام والمصالحة 2015، وعما إذا كانت بالفعل حلولاً حقيقية، قال بلال أغ الشريف: “الاتفاقيات التي وُقّعت مع الحكومة المالية كانت دائمًا مبادرات مؤقتة ولم تعالج جذور الأزمة.
فعلى سبيل المثال، اتفاق الجزائر لعام 2006 كان يحتوي على بنود يمكن أن تُحقق تقدمًا، ولكنه أُجهض بسبب عدم الالتزام من جانب حكومة مالي، أما اتفاق السلام والمصالحة لعام 2015، فهو الآخر عانى من التعثر في التنفيذ”. وقال: “ما يحدث دائمًا هو أن حكومة مالي توقع الاتفاقيات لكنها لا تطبقها، ونحن نطالب بالاعتراف بحقوق شعب أزواد في تقرير مصيره وإدارة شؤونه الذاتية ضمن إطار يمنحه الكرامة والخصوصية، أما الاتفاقيات فإنها غالبًا ما تكون ضغوطًا دولية أكثر منها نية حقيقية لحل النزاع”.
وأضاف: “نحن ملتزمون بالاتفاقيات التي وقّعناها، ولكن المشكلة تكمن في الشريك الذي لا يحترم تعهداته، ونحن نرى أن الحوار يجب أن يكون مبنيًا على الاعتراف بواقع أزواد ككيان له خصوصيته وليس مجرد منطقة تتبع باماكو إداريًا”.
وبخصوص الوضع الراهن، ورأيه حول ما إذا كان في الإمكان حل النزاع في أزواد بشكل نهائي، قال بلال أغ الشريف: “الحل النهائي ممكن إذا كانت هناك إرادة سياسية حقيقية من الأطراف المعنية، وخاصة من الحكومة المالية، ويجب أن يكون هناك اعتراف حقيقي بمظالم شعب أزواد وبحقوقه المشروعة”.
وأكد بلال أن “المجتمع الدولي له دور مهم في الضغط على حكومة مالي للوفاء بالتزاماتها، والحل لا يكمن في المساعدات الإنسانية أو الحلول المؤقتة، بل في معالجة القضايا الجذرية؛ فشعب أزواد يريد السلام والاستقرار، لكنه، يضيف بلال الشريف، يريد ذلك مع الكرامة والعدالة، وإذا توفرت هذه الشروط يمكن أن نصل إلى حل دائم، ولكن ما دامتحكومة مالي ترفض الاعتراف بهذا الواقع، فإن النزاع سيظل قائمًا”.
وتأتي هذه التصريحات بينما أخذت القضية الأزوادية مساراً جديداً إثر التصريحات التي أدلى بها مؤخراً وزير الخارجية أحمد عطاف، والتي شدد فيها على “تمسك الجزائر بمشاركة حركات الأزواد في أي مسار سياسي ومسعى للسلام في مالي”.
وزادت تصريحات أحمد عطاف موقف جبهة تحرير أزواد، وبخاصة قوله: “أبلغنا الأصدقاء الروس (هم أيضاً حلفاء النظام العسكري في باماكو) لن نسمح ولن نقبل لكوننا جزائريين بأن تُحول حركات سياسية (أي الحركات الأزوادية) التي كانت طرفاً موقعاً على اتفاق الجزائر للسلم في مالي، بين ليلة وضحاها إلى عصابات إرهابية، وهذه الجماعات هي التي سيتم التفاوض معها مستقبلاً”.
القدس العربي