من سوء حظ العرب أنهم لم يحظوا ب “محدث” كما حظيت شعوب أخرى/ بقلم : الإعلامية جمانة ممتاز

لم يحظ العرب بمحدث كما حظيت شعوب العالم الأخرى ففي اليابان مثلاً امتلكت الإمبراطور ميجي، الذي حول الدولة من إقطاعية معزولة إلى دولة صناعية تستثمر في العلم والتعليم، وفي #تركيا، أعاد مصطفى كمال أتاتورك تشكيل الجمهورية الحديثة من رماد الدولة العثمانية التي التهمتها الحرب العالمية الأولى، أما في #الصين، فقد قاد ماو تسي تونغ ثورة حولت الصين من أمة زراعية فقيرة إلى دولة صناعية كبرى ذات حضور عالمي.
قبل ذلك، كانت التجربة الأوروبية التنويرية والتحديثية مختلفة؛ لم تقدها زعامات سياسية بل عقول فلسفية، فلاسفة مثل فولتير وجان جاك روسو وجون لوك ألهموا المستعمرين الأميركيين للانفصال عن التاج البريطاني سنة 1776، وأشعلوا في #فرنسا أكبر ثورة غيرت مجرى التاريخ سنة 1789، تلك الثورة خلصت فرنسا و #اوروبا من الحكم الملكي الإلهي، ومنحت السلطة للشعب، وقاد اليعاقبة هذا التحول بالقوة فيما عُرف لاحقاً بـ ( حكم الإرهاب) وقد كتبتُ عنه سابقاً.
أما #امريكا فهي حالة استثنائية في التاريخ، لأنها لم تحدث نفسها فحسب، بل حدثت العالم والزمن، فآباؤها المؤسسون مثل جيفرسون وماديسون وبنجامين فرانكلين؛ كانوا فلاسفة في بناء فكرة الدولة، لا مجرد رجال سلطة، رافقهم شعب جاء من أوروبا هارباً من الاضطهاد الديني والاجتماعي، باحثاً عن التغيير والحرية، وحين التقت القيادة الواعية بالشعب المستعد، وُلِدَت أمة صنعت الحداثة، ومن رحمها خرجت الشركات التي غيرت وجه العالم، من عصر الاتصالات إلى الحواسيب، ومن الإنترنت إلى الذكاء الاصطناعي.
بينما انشغل قادتنا نحن بمطاردة شعوبهم، وقمع كل من يتجرأ أن يفكر خارج السرب.
المصدر : الكاتبة




