الأخبارتحقيقات

شفافية جريئة : إرتباك أم تحول مؤسسي؟ / الإعلامي الأستاذ السيد ولد السيد

الإعلاميُّ السيدُ ابنُ السيد، المراسلُ السابقُ
لهيئةِ الأممِ المتحدةِ للشؤونِ الإنسانية، ولشبكةِ «صوتِ أمريكا».

الصدى (اوتاوا-كندا) 

كتب : الاعلامي الدولي الأستاذ /  السيد ولد السيد 

في موريتانيا اليوم، مشهد غير مألوف في قاعة صحفية بنواكشوط، ظهر رئيس محكمة الحسابات الموريتانية مدافعًا بثقة عن تقرير ضخم يتجاوز 400 صفحة، كشف فيه عن اختلالات مالية تقدّر بمئات المليارات. لكنه أوضح أن الهدف ليس الإدانة، بل إصلاح الأداء وتعزيز الكفاءة.

لحظة رمزية

تعكس بداية عهد جديد، رغم ما تحمله من توتر. أرقام تثير الجدل تناقلت العناوين رقمًا صادمًا: “397 مليار أوقية” ضمن ما اعتُبر سوء إدارة مالية امتد إلى وزارات ومؤسسات متعددة.

في المقابل، اختارت محكمة الحسابات الشفافية كخيار لم يسبق له مثيل في تاريخ المؤسسات الرقابية بالبلاد. اعتراف لا يساوي انهيارًا قد يرى البعض في هذه الخطوة محاولة استباقية لاحتواء الغضب، أو حتى عرضًا علاقاتيًا منمقًا. لكنّ القراءة الأكثر عمقًا تشير إلى مسار داخلي للإصلاح يتجاوز الشكل إلى المضمون، خاصة مع تعهد نادر بالاستقالة في حال ثبوت أي تورط في الفساد.

رسالة العالم
الشركاء الدوليون طالما طالبوا بالشفافية، لكنها ظلت مطلبًا أكثر منها ممارسة حقيقية. موريتانيا، على ما يبدو، تقدم نموذجًا مختلفًا: شفاف، ذاتي، وربما أكثر ديمومة. فالإصلاح الحقيقي لا يولد من ضغط خارجي، بل من رغبة داخلية في التغيير.

نقلة ثقافية

المثير أن المواطنين، والإعلام، وموظفي الدولة، تابعوا التقرير بوعي جديد أن الاعتراف بالخلل لا يعني بالضرورة الفشل. بل هو بداية إعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع، على أساس من المكاشفة والمساءلة.

ختامًا:

ربما هي بداية التغيير المنشود ، قد لا يكون المشهد مثاليًا، لكنه بالتأكيد خطوة نوعية في اتجاه تأسيس ثقافة رقابية جديدة. ما إذا كان ذلك سيترسخ كممارسة مؤسسية دائمة، هو ما ستكشفه الأيام.

لكن الأكيد أن الشفافية أصبحت جزءًا من المحادثة، وربما من السياسات. وهذه وحدها بداية تستحق التوقف والتقدير!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى