بعد فرنسا وبريطانيا … آمريكا تتبنى الرؤية المغربية لملف الصحراء ..هل هي مؤشرات لتطور مفصلي لمشكل دام خمسة عقود ؟؟

تقرير إخباري : بقلم: رئيس التحرير / محمد عبد الرحمن
منذ بعض الوقت يلا حظ الممتتبع لملف النزاع في الصحراء تصاعد وتيرة الدول التي تتبنى وتدعم الرؤية المغربية لتسوية هذا النزاع الذي طال أمده واستنزف من مقدرات المنطقة المادية والسياسية الشيئ الكثير ، كما عطل مكانيزمات التعاون الثنائي بين بلدين كبيرين في المغرب العربي هما المغرب والجزائر ، فضلا عن تعطيله أو نسفه لحلم “المغرب العربي الكبير”، كما يحرج هذا الملف بعض دول المنطقة وإن كانت لا تفصح عن ذلك الاحراج ، وتتمسك بالتحفظ والمراقبة الصامتة في كواليس النقاشات الإقليمية والدولية والاممية الخاصة بهذا الملف
الوزن الدبلوماسي في طريقه للحسم !!
ورغم تمسك كل طرف برؤيته لتسوية هذا القضية الشائكة ، يبدو أن الوزن الدولي و الحضور الدبلوماسي للأطراف المعنية بالملف في طريقه لحسم الخلاف على مستوى المجتمع الدولي الدولي ، حيث أعلنت أكثر من مائة دولة عن دعمها للرؤية المغربية لتسوية الصراع والمتمثلة في منح حكم ذاتي لسكان المناطق الصحراوية تحت السيادة المغربية ، ومن بين تلك الدول العديد من البلدان الاوربية خاصة الدول الوازنة كفرنسا وبلجيكا وبريطانيا
أمريكا تعلن موقفها بدون مواربة أو مناورة !!
ويأتي القرار الأمريكي اليوم المتناغم مع هذا التوجه الداعم للرؤية المغربية ليشكل إضافة نوعية للحشد الدولي الذي يبدو أنه ثمرة يانعة لحراك دبلوماسي مغربي محموم جاب كل القارات وتمكن من إقناع هذا الكم الهائل من الدول ذات المصالح المتشعبة ورؤى المتضاربة بجدية ومصداقية المبادرة الملكية التي أطلقها المغرب سنة 2007م والتي تقترح حكما ذاتيا بامتيازات موسعة تحت السيادة المغربية
وإذا كان الموقف الآمريكي وصف في فترات سابقة بالضبابية رغم إعلان الولايات المتحدة في وقت سابق عن دعمها للرؤية المغربية ، فإن الموقف الحالي يقطع الشك باليقين ويحيل لمآلات أخرى مصيرية سيشهدها هذا الملف الحساس ، فالولايات المتحدة أعلنت اليوم بكل وضوح على لسان كبير مستشاري البيت الأبيض مسعد بولس عن تبنيها للرؤية المغربية كحل واقعي وعادل ودائم لانهاء النزاع الصحراوي
وشدد المسؤول الآمريكي الرفيع المستوى “أن بلاده تتبنى رؤية واضحة وثابتة ترتكز على دعم المسار الأممي تحت إشراف الأمم المتحدة، مع اعتبار المقترح المغربي مرجعاً أساسياً لأي حل سياسي مقبول.
وفكك المسؤول الآمريكي لغته الدبلوماسية أكثر عندما قال في حديث مع “أسكاي نيوز عربية” أن “واشنطن تتفاءل بقرب التوصل إلى تسوية نهائية لقضية الصحراء المغربية، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد زخماً دبلوماسياً متجدداً نحو حل توافقي “يستند إلى الواقعية والمسؤولية”.
ويستنطق ” بولس” بعض خبايا أروقة الدبلوماسية الدولية وكأنه يريد أن يسرب خبرا ما من بين السطور حين يكشف “أن الولايات المتحدة تعمل بتنسيق وثيق مع المغرب وشركائه الدوليين داخل مجلس الأمن، من أجل بلورة قرار جديد يعكس روح التعاون الدولي ويدعم جهود المبعوث الأممي لإيجاد حل دائم.
ما ذا تنتظر المنطقة والعالم ؟؟
ويبقى السؤال الكبير هو ما ذا تنتظر المنطقة والعالم خلال جلسة الخميس القادم التي يبدو أنها ستشهد قرارا مصيريا ومفصليا بخصوص ملف الصحراء وهذا ما يؤكده الدبلوماسي الآمريكي بقوله أن
جلسة مجلس الأمن المقررة يوم الخميس 30 أكتوبر ستكون “استحقاقاً دبلوماسياً مهماً” في مسار القضية، مؤكداً أن واشنطن “تتشاور مع كل الأطراف للتوصل إلى صيغة توافقية
تصريح “ستيف” المربك ورسالته المشفرة !!
رغم وضوح القرار الأمريكي اليوم وحسمه للجدل حول موقفها من قضية الصحراء بما لايقبل أي تأويل آخر غير ما ورد بصريح العبارة من دعم للرؤية المغربية ، – رغم ذلك- يبدو أن هذا الموقف كان ضروريا ليفكك طلاسم تصريحات آمريكية سابقة بخصوص هذا الملف كان آخرها التصريح المباغت والمثير للمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط “ستيف ويتكوف” قبل أسبوع والذي أكد فيه أن الولايات المتحدة ستطوي ملف الصحراء وتعيد العلاقات المغربية الجزائرية خلال ستين يوما ، جاء ذلك خلال مقابلة تلفزيونية له ضمن برنامج “60 دقيقة” على شبكة “سي بي إس نيوز” أن واشنطن تعمل على تقريب وجهات النظر بين الرباط والجزائر معتبرًا أن “السلام بين البلدين سيكون نقطة تحول في استقرار شمال إفريقيا والمنطقة ككل”، مضيفا أنه “سيكون هناك اتفاق سلام، على الأرجح، خلال 60 يومًا”.
الواقع أن تصريح “ستيف” هذا أربك بعض المحللين وأحرج البعض الآخر حيث لم يحظ بما يكفي من التحليل والتمحيص من طرف وسائل الاعلام في الدول المعنية وحتى وسائل الاعلام المستقلة ، ليتضح اليوم أنه بالأساس ليس سوى شحنة من الرسائل المشفرة للمنطقة وللعالم يسعى البيت الأبيض من خلالها لتمهيد الظروف و الأجواء السياسية لقرار الإدارة الامريكية اليوم والذي يبدو أنه هو الآخر مقدمة لقرار أممي مفصلي قد يفاجئ العالم الخميس المقبل
“كوشنر” والحديث عن الفرصة التاريخية !!
وهذا ما يؤكده صهر الرئيس ترمب “جاريد كوشنر” الذي كان يتحدث مع “استيف” في نفس البرنامج على شبكة “سي بي إس نيوز” ، حيث أكد أن هناك “اتفاقا مرتقبا سيمثل “فرصة تاريخية لفتح صفحة جديدة من التعاون والتنمية المشتركة”، مضيفا أن البيت الأبيض يولي الملف “اهتماما استثنائيا لإنهاء الخلافات وبناء مستقبل مشترك قائم على السلام والازدهار”.
أنظار العالم تترقب القرار الأممي الخميس القادم !!
هذه التطورات المتسارعة والمتلاحقة تجعل أنظار المنطقة والعالم تنظر بترقب كبير للقرار الأممي المرتقب الخميس القادم ، والذي يبدو من تجليات المشهد الدبلوماسي الدولي أنه قد يأتي متناغما مع الرؤية المغربية بمنطق أن الدول الأعضاء أغلبها إن لم نقل كلها تدعم و تتبنى الرؤية المغربية لحل الإشكال والمتمثل في الحكم الذاتي ،
وهو ما يعني أننا قد نترقب حدثا مفصليا يفرض بقوة القانون الدولي إعادة تشكيل المنظومة الإقليمية وقد يتطلب من منظمات إقليمية كالاتحاد الافريقي مثلا مراجعة موقفها من ملف الصحراء في حالة جاء القرار الأممي متبنيا لتسوية الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية ، كما أن دول المنطقة بما فيها موريتانيا ستجد نفسها أمام واقع سياسي وقانوني جديد لا بد من التعامل معه وفق مقتضيات الشرعية الدولية .



