الصدى الثقافيمنوعات

أمسية ساحرة على شواطئ كاب بلانه/ أحمد عبدالله حبيب

كانت الساعة تشير إلى الخامسة والنصف مساء، حينما ذهبنا أنا والأصدقاء نحو أحد أكثر الأماكن سياحية على شواطئ نواذيبو بعد أيام ثلاث قضيتها في المدينة ، كان اليوم الرابع لي في المدينة مختلفا ، لكأن المدينة تصالحت مع مناخها بعد أيام من الحر وابتهجت الوجوه من جديد ، ليس فرحا بالقادمين من العاصمة ينشدون لقاء فخامته و يلقون الطُعم للبسطاء من أبناء المدينة لعلهم يسيرون في اتجاه المطار فرحا بقدومه، كالصياد يلقي بطعمه للسمك في البحر..
وصلنا إلى وجهتنا وتركنا المدينة فريسة للساسة الذين يقول البعض من أبناء نواذيبو إن بحضورهم ترتفع درجات الحرارة كارتفاع منسوب “اتصفاك” وتزاحم الأقدام لديهم تهافتا للقاء فخامته.
وصلنا وجهتنا التي تبعد عن قلب المدينة نحو سبعة عشر كيلمترا، حينها أدركت كم هو فضل من الله أن تكون مجاورا لهذه الشواطئ الساحرة .
على ذاك الشاطئ احتمينا بالصخور الدافئة الممزوجة بالرمال الذهبية، كي نوقد الجمرات لإقامة الشاي ،تحت ضوء القمر الذي رأيته لأول مرة ينثر شعاعه على الأمواج الزرقاء في مشهد لايمكن وصفه.
هناك في إحدى الأماكن الأكثر جذبا للسياح ، بدأت أتابع سباقا للكسب غير متكافئ بين زوارق صغيرة من نوع “كانوط”على أميال منا وسفينة تعكس أنوارها علم إحدى الدول التي منحتها السلطات الضوء الأخضر لبسط شباكهاعلى مساحات واسعة من المحيط الأطلسي ،كي يستمتع قومها بكل مالذ وطاب من أسماك.
صوت الأمواج في أذني نغمات موسيقية من الزمن الجميل في ليلة كان للدقائق فيها وحتى الثواني وقع كبير في النفس يعكس الطمأنينة وراحة البال.
نستنشق الهواء البحري ونحن نتابع حركية الأمواج، على رشفات الشاي مع قطعة الخبز وحبات “كرته”، وحديث عن قصص البحر مع الأصدقاء ممن لايقوون على الابتعاد عن الشاطئ لفترة طويلة، يتشعب الحديث ويتلون بتلون وحركية الأمواج التي نكن لها من الاحترام مايجعل نارنا البسيطة تظل موقدة ،كانت المدينة تستعد للقاء فخامته ، حينها كنت أغوص في أعماق التفكير حول أسرار المحيط وكيف يتعايش في تلك اللحظات أناس بسطاء في تلك الزوارق غير بعيد منا .
تتمايل في هدوء الليل زوارقهم ويعيش من هم داخلها حياتهم البسيطة لامؤنس لهم سوى قصص البحر ، التي غالبا مايرويها الأكثر خبرة والأعرف بخبايا المحيط.
على قرب المسافة بيني وبينهم يكمن من الأسرار مالم أستطع حتى أن أفكر في اقتحامه ، كأن حظي من ذاك يقتصر على إشباع نظري ، وأنا في سعة صدر وراحة لاتقاس إلا بالمحيط الأطلسي ذاته.
ساعات خمس في منطقة مزجت بين الصخور البحرية والكثبان الدافئة المجاورة للمحيط ، هناك لا صوت يعلو صوت الأمواج ولادفئ أكثر من الصخور لبحرية ، هناك تتجلى الطبيعة في أبهى صورها كما يقال، حينها تعرف أن المكان شواطئ “كاب بلانه” الساحرة.

أحمد عبدالله حبيب
كتب الساعة 21:00 السبت 27 ابريل 2024
في رحلة العودة بين منطقتي الشلخة والشامي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى