أخبار موريتانياالأخبارالصدى الثقافي

البيان الختامي لمؤتمر “التربية القيمية وأثرها في تحصين الأمة ومجتمعاتها” المنظم من طرف التجمع الثقافي الاسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم  وصلى الله على نبيه الكريم

تحت الرعاية السامية لسيادة رئيس الجمهورية، وبإشراف مباشر من وزارة الشئون الإسلامية والتعليم الأصلي، وبمشاركة من المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، نظم التجمع الثقافي الإسلامي بموريتانيا وغرب إفريقيا مؤتمره السنوي لنصرة النبي صلى اللـه عليه وسلم، وذلك في نطاق نشاط التجمع الهادف إلى غرس محبة النبي صلى اللـه عليه وسلم في النفوس، والتعريف بسيرته والدعوة للاستمساك بسنته.

وقد انعقد المؤتمر بمدينة نواكشوط أيام 7 إلى 9 ربيع الأول  1440هـ/ 15-17 نوفمبر 2018غ، بمشاركة علماء ومفكرين وقادة عمل إسلامي وباحثين من موريتانيا ومن عدة دول أخرى منها:  المغرب والجزائر والسنغال ومالي والمملكة العربية السعودية والسودان وتونس ومصر ولبنان وبوركينافاسو وساحل العاج وفرنسا والولايات المتحدة الآمريكية وسويسرا، فضلا عن المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة وعدد من الهيئات الدعوية والتربوية الوطنية والخارجية.

وقد تناولت جلسات المؤتمر ” التربية القيمية وأثرها في تحصين الأمة ومجتمعاتها”، من خلال المحاور التالية:  

  1. مكانة التربية القيمية في الوحيين (الكتاب والسنة)
  2. الاختلالات القيمية السائدة وعلاقتها بأوضاع الأمة الراهنة
  3. أثر التربية القيمية في علاج المشكلات الاجتماعية وتعزيز المناعة الذاتية للأمة وشعوبها
  4. سبل غرس القيم وترسيخها عند الناشئة.

 

وتدارس المشاركون في المؤتمر أوراقا وبحوثا تقدم بها عدد من العلماء والمفكرين والباحثين حول المحاور المذكورة، وخلصوا إلى أن علاج أحوال الأمة والبشرية جمعاء يمر ضرورةً بالتربية القيمية، ذلك أنه لا توجد مشكلة من مشكلات البشرية، وبالأخص في عصرنا هذا، إلا ولها علاقة وثيقة بمكانة القيم والأخلاق في ضمائر الناس، فبقدر ضمور الأخلاق والقيم في أي مجتمع من المجتمعات تتفكك عرى الحصانة وتنهار جُدُر المناعة. وعليه، فإنه لا بد من إعادة بناء المنظومة القيمية وفقا لهدي النبوة إذا أردنا معالجة العوز المناعي الفكري والروحي وما يصاحبه من اختلالات اجتماعية وصراعات تثخن جسد الأمة بالجراح. ولا بد من التصرف انطلاقا من مسلمة إيمانية أساسية هي أنه لا منجاة للأمة ولا لأي مجتمع من مجتمعاتها إلا بالاعتصام بحبل وثيق من محبة النبي صلى اللـه عليه وسلم، ومن التخلق بأخلاقه المنيفة والتمسك بسنته الشريفة.

ولاحظ المشاركون أن فك الارتباط بين التعليم والتزكية كان سببا أساسيا من أسباب ضعف المنظومة التربوية وإخفاقها في بناء الإنسان السوي المستقيم، وعليه فإنه من الضروري وصل ما انفصل من العرى بين هذين الركنين الأساسيين من أركان صناعة الإنسان: التعليم والتزكية.

وفي هذا الصدد، فإن المشاركين في المؤتمر يحيون ما تقوم به الجمهورية الإسلامية الموريتانية من إجراءات تهدف إلى تعزيز الحصانة الدينية لأبناء موريتانيا، بما في ذلك على الخصوص ما قامت به أجهزة الدولة من حملات لإغلاق ما اكتُشِف من مراكز للقمار، وهو بحمد اللـه قليل في هذه الأرض الطيبة. ومن تلك التدابير والإجراءات ما مكّن من اعتراض محاولات محدودة لتهديم القيم عبر الأنترنت. ومنها أيضا مبادرة الدولة بإصدار قانون رادع للذب عن الحمى الأكرم حمى نبي الرحمة صلى اللـه عليه وسلم.

والمشاركون إذ يحيون هذه المبادرات وغيرها من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الموريتانية في سبيل نشر القيم الفاضلة وتعزيز الهوية الإسلامية للمجتمع الموريتاني المسلم، فإنهم يتطلعون إلى أن تواصل موريتانيا هذا الجهد الحميد باتخاذ المزيد من التدابير الضامنة لتعزيز دور المحاضر ومراكز تكوين العلماء باعتبارها محاضن للتربية القيمية وقلاعا للتعليم والتزكية ونشر قيم الوسطية، مؤمنين بأن باستطاعة موريتانيا، وسائر الدول الإسلامية، أن تخطو خطوات أوسع في مسيرة بناء القيم الحميدة وصيانتها وتعزيزها، وفي مقدمة هذه القيم قيمة محبة النبي صلى اللـه عليه وسلم وما تقتضيه حرمته من ردع المتطاولين على مقامه المنيف ومن تبصير الناشئة بشمائله الشريفة.

وسعيا للتمكين للتربية القيمية في سائر بلدان الأمة ومجتمعاتها، يوصي المشاركون أيضا بما يلي:

  1. السعي لوضع مناهج خاصة تهدف إلى غرس القيم والأخلاق الحميدة في نفوس الناشئة منذ سن مبكرة وعلى امتداد المسار الدراسي والتكويني والوظيفي للإنسان؛
  2. إعادة التربية القيمية إلى صلب الدرس العقدي باعتبار الأخلاق جزءا أساسيا من الإيمان بمختلف شعبه، وإلى صلب الدرس الفقهي التقليدي بالربط بين الشعائر والمعاملات وبين الأخلاق انطلاقا من الحديث الشريف “الدين المعاملة” وطبقا لقول النبي صلى اللـه عليه وسلم “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.
  3. تطوير منهاج تربوي قيمي يشمل مختلف المعارف بحيث تكون المواد الدراسية كلها، في سائر العلوم الإنسانية بل وفي العلوم التطبيقية والتجريبية حاملة لدرس قيمي يعزز البناء الخُلُقي للإنسان.
  4. إعادة قراءة السيرة النبوية في ضوء الواقع المعاصر سعيا لتنزيل النصوص والنماذج العملية في عهد النبوة على الواقع المتغير، بما يمكن من استنباط الحلول الملائمة لمواجهة مختلف مشكلات الأمة، وذلك باعتبار السيرة النبوية والهدي المكنون فيها مختصرا جامعا لأحوال الأمة، هاديا إلى ما يقتضيه كلُ حال من تلك الأحوال من المسلمين فرادى وجماعات.
  5. تذكير الساسة وخصوصا في الدول الكبرى التي تتحمل مسؤولية خاصة في السلم العالمي بأن التطرف لا يلد إلا التطرف وأن استقواء القوي على الضعيف هو أكبر خطر يهدد السلم والأمن العالميين، وأن من واجبهم ومن واجب سائر الساسة وقادة الرأي في بلدان الأمة العمل على إطلاق “حلف فضول” جديد، وذلك بتطوير المواثيق والاتفاقيات الدولية على نحو يصون حقوق المستضعفين ويدرأ عن المظلومين حيثما كانوا وفي مقدمتهم أهلنا في فلسطين، بعاصمتها القدس وبسائر أراضيها، بما يتطلبه ذلك من ردع العدوان الصهيوني الغاشم وتمكين الشعب الفلسطيني وسائر الشعوب المغلوبة على أمرها من استعادة الحقوق المشروعة.
  6. دعوة الساسة وقادة الرأي إلى العمل في النطاق المذكور آنفا من أجل سن تشريعات وطنية ودولية تجرِّم الإساءة إلى المقدسات وانتهاك الحرمات وفي مقدمتها حرمة النبي الأكرم، صلى اللـه عليه وسلم. ومن متطلبات ذلك، وعلى الأخص في بلاد المسلمين، تحكيم شرع اللـه في المستهزئين باللـه ورسوله والمتطاولين على الحمى المنيف، بل وفي سائر شؤون الحياة كلها، باعتبار الشريعة عدلا كلها ورحمة.
  7. تشكيل لجنة من حكماء العالم الإسلامي تعمل بالتعاون مع جميع الأطراف المعنية على إصلاح ذات البين وإطفاء نيران الحروب وحقن الدماء وتنقية الأجواء وإعادة اللحمة إلى صفوف أبناء الأمة وتعزيز دورهم في قيادة مسيرة البشرية بالأخلاق والقيم الفاضلة.

 

هذا واللـه من وراء القصد وهو ولي التوفيق،،،

 

حرر في نواكشوط بتاريخ 9 ربيع الأنور 1440هـ/ 17 نوفمبر 2018غ

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى