افتتاحية الصدىالأخبارمقالات و تحليلات

الرئيس غزواني ولحظة المكاشفة .. بلادنا فقيرة ..و الادارة فاسدة … ما ذا بعد ؟؟؟/ محمد عبد الرحمن المجتبى

محمد عبد الرحمن المجتبى / المدير الناشر رئيس التحرير

   زاوية : قلم رشاش

يبدو أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني قرر أن يقطع صمته فجأة  ليكاشف مواطنيه بحقائق ظلت تابوهات خطيرة لرجال الدولة، منذ ما بعد حرب الصحراء الى يوم الناس هذا ، حيث تقضي النواميس “السيادية” ذات البعد السلطوي والمخزني أن يتم الحديث للمواطنين عن الدولة كبقرة حلوب حبلى بالخيرات والموارد”مقارنة بالبلدان المجاورة” حسب تلكم  العبارة الزائفة التي لاكتها ألسن قادة الأنظمة السابقة

لكن الرئيس غزواني وجد نفسه أمام نخبة من شباب موريتانيا في مدريد يشيدون أحلاما وردية على دعائم اقتصاد وطني هش وهو لا يدركون ذلك بسبب الدعاية المفرطة عن ثراء موريتانيا ،

صحيح أن موريتانيا بلاد غنية بثرواتها الطبيعية ولكن كيف ومتى  نستخدم تلك الثروات ؟

أعتقد أن الرئيس غزواني لم يكمل حديثه في مدريد بالإجابة على هذا السؤال لاعتبارات سيادية لكن خطاب الخميس الماضي أمام خريجي المدرسة الوطنية للادارة والصحافة والقضاء قدم الاسئلة على التساؤلات الحائرة ووضع حدا للحملة المغرضة التي تعرض لها الرجل بعد تصريحات مدريد ، وهي الحملة التي تعيد للأذهان الحملة التي تعرض لها الرئيس الراحل سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله عندما كاشف الشعب بحقيقة موارد الدولة ، حيث انطلقت شرارة حملة تشويهية خطيرة ضد الرجل تدينه بتهمة سخيفة هي أنه “قتل الأمل لدى المواطنين” وكان يجب عليه القول أن موريتانيا من أغنى دول العالم ،ودخل الفرد سيناهز دخل الفرد في الدول المتقدمة ، وهي الحملة التي تقف وراءها جهات سياسية آثمة لا تريد لمسار موريتانيا التنموي أن يتواصل ويتعزز

وما أشبه الليلة بالبارحة ، حيث خرجت نفس الأصوات تتهم الرئيس غزواني بشتى التهم بعد جريرة تصريحه في مدريد أن مويتانيا بلاد فقيرة

نعم قرر الرئيس غزواني بذكاء أن يكشف للرأي العام الوطني  عن وجه جديد ليس مالوفا لدى القائمين على الشأن العام الوطني  حيث عبر بكل وضوح عن إمتعاضه وسخطه من تعاطي الادارة مع المواطن ، مقدما بذلك تبريرات واقعية لتصريحات مدريد التي تمت “شيطنتها”على نطاق واسع

وبالمختصر المفيد أراد الرجل أن يقول أن الموارد الطبعية للدولة مهما كان حجمها لا تمنحها صفة دولة غنية ما لم  تجد التسيير الجيد والشفاف ، ولا شك أن الرجل وضع النقاط على الحروف وكشف وكاشف بخصوص الفساد المستشري في أجهزة الدولة والذي لن تتأتى معه أي تنمية مستدامة.

ولم يكتف الرئيس بالاشارة والتلميح حول مظاهر وظواهر الفساد، بل بالغ في المكاشفة والمحاسبة المؤلمة بأن أعطى نماذج حية للادارات الفاسدة والتي يكتوي المواطن البسيط يوميا بلهب فسادها وظلمها ، وكان الرئيس دقيقا في اختياره للادارات  الخدمية التي تسوم المواطن شر العذاب ، وتهلكه بالضرائب والاتوات الباهظة التي ليست مستحقة عليه خاصة عندما يتعلق الأمر بشركتي الماء والكهرباء.

خلال العشرية الفارطة كان الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز يمارس سياسية موغلة في الديماغوجية، حيث يسترسل في انتقادات لاذاعة وبلغة غير مهذبة للفساد والمفسدين، لكنه يتحدث عن الأنظمة السابقة لا عن نظامه ، أما الرئيس غزواني فقد صارح الشعب جهارا نهارا أيها المواطنون بلادكم فقيرة لأن إدارتكم فاسدة.

نعم تحدث الرئيس مطولا عن فساد الادارة مقدما الادلة والأمثلة ، ولكن ما ذا بعد ؟

ما ذا بعد إدانة الرئيس لإداراته ؟

في اعتقادي أن الرئيس جعل نفسه بهذه الاعترافات الصريحة وبهذه المكاشفة الرائعة في وضعية صعبة ، فالأنظار كلها متجهة اليوم في موريتانيا لهدف واحد هو الشروع المباشر والصارم في عملية تطهير الادارة من المفسدين ، صحيح أنها عملية شاقة وصعبة ومحرجة وذات مخاطر سياسية جمة ، لكنها ممكنة واذا توفرت الارادة الجادة تكون سهلة وسريعة التنفيذ.

مشكلة الرئيس غزواني أنه قرر منذ وصوله للسلطة الاحتفاظ بكل رجالات صديق الأمس عدو اليوم محمد ولد عبد العزيز ، في خطة استخباراتية ذكية لكي يكسب ودهم في معركته السيايسة والقضائية مع ولد عبد العزيز الأمر الذي كلفه تعيين متهمين  بالفساد(  ولد إجاي على رأس شركة اسنيم مثلا)، كما عين العشرات وترك المآت من هؤلاء في مناصبهم وهذا في الحقيقة ما يجعل العملية شاقة وذات مخاطر

لكن الرئيس إذا لم يباشر عملية تطهير الادراة واجتثاث المفسدين بكل قوة وصرامة ، فستحصل صدمة كبرى للراي العام وللمواطنين البسطاء ، خاصة اذا لم يلمسوا تحسنا على مستوى الادارات الخدمية والادارات الاقليمية ، ولا نتحدث عن ما سيحدث خلال أسبوعين أو ثلاثة من تبجيل(وتدليع)  للمواطنين بل نتحدث عن جهود بناء إدارة وطنية قوية تؤمن بهذا الوطن وتخلص له بعيدا عن إدارات المصالح الضيقة التي تسير الشأن العام اليوم من الوزير للبواب

التماس :

الأرض للطوفان تعشق … علها من درن تغتسل ….

حفظ الله البلاد والعباد

المصدر : صحيفة الصدى الاسبوعية الصادرة بتاريخ الاثنين 28/ مارس 2022م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى