إفريقي ومغاربيالأخبارتقارير ودراساتصدى الاعلام

المسكوت عنه في سد النهضة .. مياه مصر قد تختفي في سنوات

الصدى – متابعات /


بقلم : شريهان أشرف

بالرغم من الصداقة الوثيقة التي كانت تربط بين الرئيس المصري جمال عبد الناصر والإمبراطور الإثيوبي هيلا سيلاسي، سرعان ما انقلبت العلاقة للنقيض بعد بناء مصر «السد العالي» على النيل دون استشارة إثيوبيا التي هددت بإنشاء سد إثيوبيا في ذاك الوقت.

الباحثة : شريهان أشرف

 

دق ناقوس الخطر في وجه الحكومة المصرية في 28 مايو 2013م، حيث أعلن «بريخيت سمؤون»، المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية بدء العمل في تحويل مجرى النيل الأزرق، وهو أحد روافد نهر النيل إيذانًا بالبدء الفعلي لعملية بناء سد النهضة

 

فكرة بناء سد النهضة الإثيوبي لم تكن وليدة اللحظة بل ترجع لعام 1964م، مرت عملية البناء بعدة مراحل شهدت فيها تهديدات ببناء السد مرة، والعدول عن تلك الفكرة مرات أخرى؛ فعندما حددت إثيوبيا 26 موقعًا لإنشاء السدود أهمها سد «الألفية أو الحدود» والذي سمي فيما بعد بسد النهضة أثبتت الدراسات وقتها وجود عقبة رئيسية تشير إلى أن التربة في إثيوبيا غير صالحة لإنشاء السدود وأن إنشاء السد سيشكل تهديدًا مائيًا على مصر.

 

وبالرغم من الصداقة الوثيقة التي كانت تربط بين الرئيس المصري جمال عبد الناصر والإمبراطور الإثيوبي هيلا سيلاسي، سرعان ما انقلبت العلاقة للنقيض بعد بناء مصر «السد العالي» على النيل دون استشارة إثيوبيا التي هددت بإنشاء سد إثيوبيا في ذاك الوقت.

 

ثم جاء الخلاف الثاني بين الرئيس المصري الراحل أنور السادات والرئيس منجستو، حيث أعلن السادات عن مشروع تحويل جزء من مياه النيل لري 35 ألف فدّان في سيناء وهو ما رفضته إثيوبيا وهددت بإنشاء السد وتحويل مجرى النهر عن مصر، فاعتبر السادات أن مياه النيل خط أحمر ولوّح بأن مصر مستعدة لخوض حرب بسبب المياه وأنه «سيدمر السد بمجرد إنشائه».

 

وفي عهد الرئيس المخلوع مبارك شهدت العلاقات بين مصر وإثيوبيا بشكل خاص والدول الأفريقية على وجه العموم قطيعةً على إثر تعرّض الرئيس مبارك لمحاولة اغتيال أثناء حضوره القمة الأفريقية في أديس أبابا، فأجمعت دول حوض النيل على بناء السد وزيادة حصصها المائية من النيل واقتدت دول الحوض بإثيوبيا وبدأت بإنشاء سدود لها على النيل. فخرج وزير الدفاع المصري – وقتها – المشير المصري محمد عبد الحليم أبو غزالة معلنًا أنَّ «القوات المسلحة المصرية والجيش المصري سيوجّهان ضربة لأي مشاريع تضر بمصالح مصر في دول حوض النيل»، وهو ما وضع صيغة إلغاء بطعم التأجيل لهذه المشروعات…

 

ومرت السنوات وتطورت الأمور، إلى أن وصلنا إلى الوضع الحالي، فالرأي العام بأكمله يتجه في الوقت الحالي إلى سد النهضة وأضراره على مصر، ولكنه يتجاهل المسكوت عنه في ذلك الملف وهو تأثير السدود الثلاثة التي تعلو سد النهضة وهي Karadobi+ Mabil+ Mendaai والتي يفترض البدء في بنائها عند وصول معدل بناء سد النهضة لـ50%، أي بالفعل تم البدء في بنائها

 

سد-النهضة-من-النت

 

حيث وضع رئيس الوزراء الإثيوبي حجر الأساس في بناء سد “مينداي” وفقًا لما نشر في الوكالة الإثيوبية الرسمية  ،وليس الأمر في الخطورة المائية التي تمثلها اثيوبيا على مصر وحدها ولكن ايضًا في الدول الآخرى فا في عام 2016 أي قبل افتتاح سد النهضة شهر يوليو القادم تم تنفيذ سدين بالسودان لحجز قرابة 3.7 مليار متر مكعب يستخدم جزء منها في ري الأراضي الزراعية المستصلحة حديثا باستثمارات سعودية التي تقدر مساحتها بقرابة مليون فدان شرق عطبرة التي تم توقيع اتفاقية بشأنها بين البلدين بحق استفادة السعودية من تلك المليون فدان لمدة 99 عاما.

 

في نفس الوقت الذي تم حجز 3.7 مليار متر مكعب بالسدود السودانية التي كان يفترض لها أن تصب في بحيرة ناصر قامت دولة السودان بزيادة ارتفاع سد الرصيورص بالجنوب لتزيد حجم سعته من 3.0 مليار متر مكعب لـ7.4 مليار متر مكعب وذلك بهدف الاستفادة من تلك المياه في ري قرابة 2.0 مليون فدان من الأرضي المستصلحة حديثا بجنوب دولة السودان التي تعتمد في زراعتها على الري الانسيابي وليس الأمطار.

 

كما تستعد  أوغندا لافتتاح سدها الجديد سد (كاروما) على نهر النيل الأبيض بنهاية عام 2017  لحجز 2.5 مليار متر مكعب من المياه لتوليد قرابة 600 ميجا وات.

 

ولم يتوقف الأمر إلى هنا حيث قال موقع إثيوميديا الإثيوبي الناطق باللغة الأمهرية ، إن مشروع سد النهضة يسيطر على ما يقرب من ثلثي المياه التي تعتمد عليها مصر، ولكن إذا ما اتبعنا المسار الدبلوماسي التفاوضي فإن هذه الدول الثلاث (مصر، السودان، وإثيوبيا) تحتاج لتحليل فني وتقييم لحالة الفقراء طبقًا لعدة مسائل منها التغير في معدل هطول الأمطار السنوي، أو الحد الأدنى من التدفقات المطلوبة للحفاظ على نوعية المياه من المصب الذي قد يقوضه الاتفاق؛ مما يؤدي إلى صراع حاد لا يمكن التنبؤ بعواقبه.

 

وأكد الموقع الإثيوبي أن السد سيعقد الأمور فعليًا، وسيؤثر على مصر دون شك، حيث إن مصر تتلقى حاليًا كل احتياجاتها من المياه عبر نهر النيل وهو ما يعادل حوالي 60 مليار متر مكعب سنويًا؛ أي أعلى قليلًا من  المنصوص عليه في اتفاق المعاهدة مع السودان، ما يعني أن نصيب الفرد حوالي 700 متر مكعب سنويًا، والذي سيقل بالتأكيد بشكل كبير وملحوظ بعد بناء السد؛ مما سوف يسبب جفافًا طويلًا على مصر.

 

لم يتبقّ سوى القول إن الملف المائي المصري أصبح مهدد بخطر كبير في الوقت الحالي، فعلى الرغم من تأكيدات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعدم المساس بمياه مصر، إلا اننا كباحثون في الشأن الإفريقي نحتاج إلى توضيح للخطوات التي تفعلها لمصر لكي تحافظ على المياه الإقليمية .. فالحرب التي يخشها الجميع أن تكون حرب مياه !

 

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى