افتتاحية الصدىالأخبارمقالات و تحليلات

ماذا بعد تصريحات رئيس البرلمان المريبة ؟؟؟/ بقلم: محمد عبد الرحمن المجتبى

محمد عبد الرحمن المجتبى / مدير النشر رئيس التحرير

غيوم سياسية تخيم في أجواء المشهد السياسي منذ بعض الوقت ، يبدو أنها ستشكل المناخ المناسب من حيث السخونة والتأزيم لخريف سياسي ساخن في البلاد ، وكأن هذا المنكب المنكوب بنخبه المتأمرة عليه قد ضرب موعدا مع الهزات السياسية خلال هذا الفصل من السنة لكون أغلب الأحداث السياسية المفصلية شهدتها البلاد في هذه الفترة.

تحديات تنموية وسياسية خطيرة لا تخطؤها العين ، وتراجع مخيف لمصداقية النظام السياسي ، وحديث على المكشوف في الصالونات والمكاتب العمومية عن غياب الدولة، وعن تراكم الأزمات واستفحال الفساد ، وغياب المسؤولية و المسائلة ، واحجام رئيس النظام عن إنزال العقوبة بالمفسدين ، رغم حديثه المتكررعن تفعيل الأجهزة الرقابية ، وعدم المساومة في إختلاس المال العمومي ، ورغم حديثه الصريح عن فساد الإدارة وابتعادها عن خدمة المواطن ، وأكثر من ذلك وأخطر منه إعتراف  النظام  بتعثر المشاريع الانشائية والإنمائية في البلاد.

كل ذلك وغيره تشهده البلاد وتعيشه في خضم أزمة دولية خطيرة متمثلة في الحرب الأوكرانية الروسية المنبثقة من أزمة كوفيد19 العالمية ، مما يعني أن الوضعية الإجتماعية والإقتصادية للبلاد تبعث على القلق والتوجس …

في خضم كل ذلك يشهد المشهد السياسي تراشقا صامتا بين بعض الفرقاء داخل  المولاة ، فيما بدأت أحزب المعارضة تنفض الغبار عن ما تبقى من أدبياتها السياسية بعد أن وقعت للنظام على بياض عن حسن نية أو سوء تقدير…

والمريب حقا هو قصور أو تقصير الموالاة السياسية للنظام  في الدفاع  عن برامج وانجازات نظام ولد الشيخ الغزواني ، وهي التي عودتنا على التطبيل والتصفيق للانجازات الوهمية للأنظمة السابقة

لكن أخطر ما في الأمر أن يخرج أحد نواب الحزب الحاكم بل رئيس الجمعية الوطنية ، ليمتنع عن التسمية الجديدة لحزبه (الحاكم) ولو بذرائع قد لا تعدم الاسناد القانوني ، لكن هل يمكن أن نتوقع ذلك في عهد الأنظمة السابقة من رئيس للبرلمان ؟

 بيد أن  الشيخ ولد بايه وهو الشيخصية الثانية في البلاد خرج علينا في مقابلته مع “جون آفريك” بما لا يستساغ سياسيا في نظام ديمقراطي  متطور أحرى أنظمة العالم الثالث

فعندما يتحدث رئيس البرلمان عن صراع “الرئيسين” الحالي و السابق ، فهو لا يتحدث بسذاجة ، و لا يتحدث كمحلل سياسي ، وإن كان حاول تمرير رسائله السياسية المبطنة بأسلوب التحليل السياسي الذي لا يطلب عادة من رئيس للبرلمان عضو في الحزب الحاكم ، فالرجل بتصريحه أن الصراع بين “الرئيسين” سياسي ينسف كل ما قامت به وتقوم به المحكمة ومن قبلها اللجنة البرلمانية التي لم يدافع عنها وعن مصداقيتها وهذا غريب ومريب ، فهو لا يعترف بالبعد القانوني لأزمة صديقه القديم عزيز خاصة الاتهامات الخطيرة باختلاس المال العمومي واستغلال السلطة خاصة أن عزيز نفسه اعترف عبر وسائل الاعلام أنه يملك أموالا طائلة مؤكدا أنها  ليست من خزينة الدولة ، لكنه اكتفى بالحديث عن ممتلكاته الشخصية الطائلة ولم يتحدث عن ثراء “أهله واصحابه”الفاحش كما تحدث “بعضهم” سابقا…

ثم أن ولد بايه في حديثه عن إنجازات الرئيس غزواني اكتفى بالقول أنه في حالة تعافي الوضعية الدولية يمكن للرئيس غزواني إنجاز الكثير ، وهذا يعني بصريح العبارة عدم تحقيق الرئيس غزواني لإنجازات ملموسة خلال ما مضى من مأموريته التي بدأ عدها التنازلي

والمريب حقا هو أن يتقمص ولد بايه شخصية “المحايد” في الصراع السياسي بين “الرئيسين” وهو من جهة صنيعة من صنائع الرئيس السابق ولد عبد العزيز ، وتربطه به علائق و وشائج مخزنية ومصلحية عميقة ، ومن جهة أخرى هومن أبرز شخصيات النظام الحالي ويفترض فيه أن يكون مخلصا لتوجهات هذا النظام حتى ولو لم تكن مقنعة له، خاصة عندما يتحدث لوسائل الإعلام المحلية قبل الدولية

هل جائت هذه التصريحات من فراغ ؟

بلا شك أثارت تصريحات رئيس البرلمان جدلا واسعا في المشهد السياسي وهي جديرة بذلك لدرجة أن البعض تحدث عن تحرك مبادرة داخل الحزب تطالب بمسائلته حزبيا عن هذه التصريحات المناوئة للنظام في لحظة سياسية خطيرة تتسم بتحديات خطيرة من ضمنها محاكمة رئيس سابق وبعض معاونيه وهي المحاكمة الأضخم والأخطر في تاريخ البلاد.

ويذهب بعض المحللين أن ولد بايه قرر أن يرمي بحجر سياسي ضخم في بركة المشهد السياسي في ظل حديث متسارع عن نية النظام تنظيم انتخابات برلمانية مبكرة أي تعجيل الانتخابات التشريعية والبلدية لكي لا تضايق الانتخابات الرئاسية ، التي تحتاج لهدوء المشهد السياسي لبعض الوقت وهو ما يتطلب فاصلا زمنيا مقبولا بين الاستحقاقين ، ولعل دعوة وزارة الداخلية للأحزاب السياسية مندرجة في هذا المسعى.

فهل ستعجل تصريحات ولد بايه قرار الرئيس غزواني لحل البرلمان عقوبة للرجل، وقطعا للطريق أمام استثمار تصريحاته إعلاميا وسياسيا من طرف مناوئيه خاصة أنصار وشيعة الرئيس السابق ولد عبد العزيز ؟ وهل تكون هذه التصريحات هي بداية ضبط الرئيس غزواني لإيقاع المشهد السياسي بعد عودته من الديار المقدسة ، أم أن جهات داخل النظام حزمت أمرها وبدأت ترمي حممها في المشهد السياسي تمهيدا لعبور “متجدد”  لنهر “الروبيكون”على الطريقة المحلية للعبور….

 

حفظ الله البلاد والعباد

المصدر:

افتتاحية و زاوية “قلم رشاش” بصحيفة الصدى  الورقية الأسبوعية الصادرة بتاريخ :الأربعاء 13ذي الحجة 1443هـ الموافق13/07/2022م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى