المفكر علي الشرفاء الحمادي ومبادرة النداء الأخير لتضميد الجرح الفلسطيني النازف !!! (مقال )

كتب : المدير العام رئيس التحرير محمد عبد الرحمن المجتبى
لا أعتقد أن مفكرا عربيا معاصرا استشعر واستشرف الوجع العربي اليوم خاصة ما يتعلق بالجرح العربي النازف في فلسطين المحتلة كالمفكر العربي الاماراتي الكبير معالي الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي ، وبكل تأكيد لم يطرح أي مفكر ولا حتى سياسي أفكارا ورؤى ناجعة لمعالجة و تضميد ذلك الجرح بعد تشخصيه بدقة ، رغم كثرة الرؤى والتصورات ، كما طرح معالي الأستاذ علي محمد الشرفاء
فالرجل من فرط انشغاله بالهم العربي والألم الفلسطيني سخر عصارة أفكاره لرسم خارطة طريق واضحة المعالم شيقة التصور ناجعة التطبيق ، من شأنها أن توحد كلمة الشعب الفلسطيني وتنقذه من حالة الشتات والتشرذم السياسي والطائفي المقيت
لقد أبحر المفكر علي محمد الشرفاء في تاريخ الألم الفلسطيني منذ وعد بلفور المشؤوم لغاية يوم الناس هذا حيث يتعرض الشعب الفلسطني لأخطر وأسوء إبادة جماعية عرفها التاريخ على مرأى ومسمع ما يسمى بالمجتمع الدولي والضمير الإنساني الحر ، إنها جرائم يندى لها الجبين الإنسانية وتتمزق بمشاهدتها القلوب والعقول
ولأنه لا يريد للعقل العربي أن يظل أسير حالة الضياع والالم والتنديد والاستنكار وغيرها من المشاعر و المواقف التي لا تقدم ولا تأخر، في ظل وضع خطير غير مسبوق ينذر بما هو أسوء منه وأخطر، بادر الرجل بوضع استراتيجية جديدة وفق رؤية استراتيجية استشرافية واقعية تمكن الشعب الفلسطيني رغم بحور الدماء من انتزاع دولته بقوة القانون الدولي، لتتحول لأمر واقع يتحتم على المجتمع الدولي الاعتراف به ومساندته ومآزرته
ويرى المفكر علي محمد الشرفاء أن حجر الزاوية في هذه الرؤية يتجسد في تضافر جهود كافة الاطياف الفلسطينية ومباغتة العالم بإعلان حكومة وحدة وطنية انتقالية عمرها لا يزيد على ثلاثة سنوات تعمل خلالها باشراف مباشر من جامعة الدول العربية على وضع التصورات والخطط الإجرائية لتطبيق القرارات الدولية لإقامة الدولة الفلسطينية الدولة الفلسطنية الموحدة على كافة الأراضي الفلسطينية وفق الحدود المتفق عليها في القرار الاممي الصادر بتاريخ 4 يونيو 1967م
ويرى المفكر الشرفاء أن تشكيل هذه الحكومة الانتقالية من كافة أطياف المشهد الفلسطيني ضرورية كي يكون هناك ممثل شرعي يفاوض المجتمع الدولي والأمم المتحدة بقوة القانون والتمثيل الشرعي للشعب الفلسطيني ، و لايستثني المفكر الشرفاء أي طيف فلسطيني من تشكلة هذه الحكومة بما فيها تلك الاطياف التي يتحفظ على توجهاتها الفكرية والسياسية ، و يعكس ذلك جليا صدق ومصداقية هذه المبادرة التي هي بمثابة النداء الأخير لإنقاذ الشعب الفلسطيني من الضياع الابدي والفرصة الأخيرة لإقامة الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة ذات السيادة
لكن مفكرنا الشرفاء يؤكد أنه لا بد من تنازلات سياسية فلسطينية صعبة ومن أهمها وأكثرها أولوية أن تبادر الحكومة الفلسطينية الحالية بحل نفسها لتفسح المجال أمام الحكومة الجديدة بمباشرة عملها كحكومة إجماع وطني تحظى بشرعية محلية ودولية
ويشدد المفكر الشرفاء على الدور المحوري لبعض الدول العربية كدولة الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية وغيرها من البلدان التي يجب أن تواكب بثقلها الدولي وزخمها الدبلوماسي تحركات هذه الحكومة الانتقالية حتى تكلل جهودها النجاح رغم ما ستبذله إسرائيل من محاولات التشويش والتقويض عبر آلتها الحربية و ماكنتها الدعائية الماكرة خاصة في المجتمع الغربي.
وحرصا منه على أن تككل أعمال حكومة الاجماع الفلسطينية بالنجاح يذكر المفكر الشرفاء قادة المشهد السياسي الفلسطيني “بعظمة التضحيات وفيضانات الدماء التي سالت على الأرض الفلسطينية على مدى العقود الماضية” ، والشرفاء بهذا التذكير يضع هؤلاء القادة أمام مسؤولياتهم التاريخية أمام الله أولا وأمام الشعب الفلسطني والتاريخ، فالتاريخ لا يرحم وسيروي للأجيال قصة من ضحوا و ناضلوا و حكابة من خذلوا ومن خانوا ، قصة من باعوا القضية بعرض من الدنيا من أجل نزواتهم الشخصية والسياسية ، وقصة من باعوا أنفسهم للقضية وبذلوها رخصية من أجل وطن تنزف جراحه منذ ستة عقود و تنزف اليوم أكثر من أي وقت مضى.
لقد وضع المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي بمبادرته الواقعية واستشرافه العميق خطة عملية ، وخارطة طريق واضحة تنتشل الشعب الفلسطيني من حالة الشتات الخارجي ولحظة الدمار الداخلي، لوضع يفرض فيه المجتمع الفلسطيني كلمته عبر قنواته السيادية ودولته الحرة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
قد يقول مكابر عابر قانط من رحمة الله أنها مباردة حالمة ، و لعمري وهل بدأت التحولات الكبرى الخالدة في التاريخ البشري إلا من خلال حلم حالم، ينمو ويثمر عندما يزرع في أرض مشبعة بالإرادة، ويسقى بزلال التصميم واليقين.
لحظتها ستورق الأحلام وتزهر ، وستحصد الثمار اليانعة لذلك الحلم، وسيشهد التاريخ أن بحور الدم الفلسطيني الزكية لم تذهب سدى.
وفي انتظار تلك اللحظة الحلم سيجل التاريخ في سجله الذهبي لمعالي الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي انشغاله الدائم وحرقته الموجعة وحرصة الدؤوب على وضع حد للنزيف الفلسطيني المؤلم والمروع.