الأخبارمقالات و تحليلات
قرار مجلس الأمن الدولي الأخير حول الصحراء الغربية … قراءة قانونية / بقلم : الخبير القانوني السالك ولد أباه
1. تمهيدعلى الرغم من أن التوقيت قد يبدو سابقاً لأوانه، فإن القرار الأخير لمجلس الأمن الذي يدعو إلى استئناف المفاوضات في إطار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يفتح باباً مهماً لنقاش قانوني–سياسي حول الحل المقترح، ويُعدّ نقطة فارقة في صراع طويل الأمد. نصف قرن شكّلت هذه الوثيقة في ذات الوقت تحدياً لمرجعيات القانون الدولي ومفاهيم الاستقلال والشرعية، مما يستدعي تحليلها بموضوعية ومسؤولية.
2. خلفية القرار
في 31 أكتوبر 2025، اعتمد مجلس الأمن بالإجماع تقريباً (11 صوتاً لصالحه، و3 امتنعوا، فيما لم تشارك الجزائر) قراراً يُقرّ أن «الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية يمكن أن يكون الحلّ الأكثر واقعية» للصراع في الصحراء الغربية. [1] كما جدد البعثة بعثة الأمم المتحدة لِلاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) (MINURSO) لفترة أخرى وطلب إجراء مراجعة استراتيجية خلال ستة أشهر. [2] * (*لم يُحدّد رقم القرار رسمياً وقت كتابة هذا المقال*)
3. سياق القانون الدولي
(أ) مبدأ تقرير المصير
ينص الفصل I من ميثاق الأمم المتحدة، إضافةً إلى القرار 1514 ( XV ) للجمعية العامة، على أن الشعوب الخاضعة للاستعمار لها حقٌّ في تقرير مصيرها. [3]
الحكم الذاتي الموسّع يُعدّ إحدى أدوات تسوية النزاعات الإقليمية في القانون الدولي (كما في الحالة القدس، الجبل الأسود، وغيرها)، وهو منطق قابل للاستمرار بدون تقسيم الدولة الأم أو إعلان دولة جديدة—وهو ما يتوافق مع تحفظات المغرب من انفصال أو تقسيم.
(ج) شرعية المبادرة
بحسب مبادئ القانون الدولي، لا يُشترط أن يشمل الاستفتاء خيار «الاستقلال الكامل» إذا ما توفّرت ضمانات سياسية وقانونية للمكوّن السكاني. المبادرة المغربية تؤكد الحقوق الثقافية واللغوية والمعرفة الذاتية ضمن إطار السيادة.
(د) مراعاة الواقع الإقليمي
من الواقع أنّ تحرير الإقليم أو مواصلة المواجهة المسلحة لا يخدم استقرار المنطقة. القرار يشجّع «حلّاً عملياً وقابلاً للتطبيق»، مما يعزز مقومات الأمن في المغرب العربى الكبير—وهو مطلب قانوني ودبلوماسي في آن معاً (انظر الفصل 8 من ميثاق الأمم المتحدة بشأن السلام والأمن الدولي).
5. نقاط الخلاف والانتقادات
– حركة البوليساريو ترفض القرار باعتباره يُقصي خيار الاستقلال.
– الجزائر، بصفتها ممثّلة للمكوّن الصحراوي، تعتبر القضية قائمة وجزءاً من برنامج “إلغاء الاستعمار”.
– بعض الحقوقيين يرون أن القرار يضع «شرطاً مسبقاً» للحل وهو ما قد يخالف مبدأ التفاوض «بلا شروط مسبقة» المنصوص عليه في قرارات سابقة.
– من أجل أن يتمتع الحكم الذاتي المزمع بالمصداقية، يجب أن يُرفق بضمانات دولية لرصد احترام حقوق الإنسان، وهو ما زال خاضعاً للتأخير.
6 توصيات مغربية قانونية قيد الرصد
7. إفادة بهذا الحق تشكّل الأساس الذي اعتمدته حركة جبهة البوليساريو والمُعلِن من الجزائر، بينما ترى المغرب أن حقّاً موازياً هو لسيادتها التاريخية والجغرافية على الإقليم.
(ب) السيادة الإقليمية والوضع الجديد
تتفرّع عن مبدأ سيادة الدولة – أحد أُسس القانون الدولي – قدرة الدولة على فرض سلطتها، لكن هذا الحق ليس مطلقاً إذا كان يتحوّل إلى احتلال دون رضى السكان. القرار الأخير يشجّع تفاوضاً تحت سيادة المغرب—وهو ما يمكن تفسيره باعتراف ضمني بطابع السيادة المغربية، وهي قراءة قانونية مغربية تُثبت نوعاً من التطوّر الدولي لصالحها.
(ج) هل القرار ملزم؟
يمكن التمييز بين فئتين من قرارات مجلس الأمن: تلك الصادرة تحت الفصل VII (ملزمة) وتلك تحت الفصل VI أو غير محدّدة (إرشادية في الغالب). بما أن القرار لا يستند صراحةً إلى الفصل VII، فإنّه يحمل طابعاً توجيهياً أقوى منه إلزامي، وهو ما يترك مساحة للمفاوضة والتأويل.
. تحليل قانوني–منطقي لموقف المغرب
(أ) تعزيز الحكم الذاتي كحل
المغرب منذ 2007 طرح «الهدنة السياسية والحكم الذاتي الموسّع» كحل أنتجته المبادرة الملكية. القرار الأخير لمجلس الأمن يجعلها «أفضل أساس» للتفاوض، وهو إنجاز دبلوماسي يترجم عملياً الاعتراف الدولي بحلّ تحت السيادة المغربية.
(ب) التوافق مع العُرف الدولي
1. إطلاق مفاوضات فورية بشأن «خاصة صوغ الحكم الذاتي» تحت إشراف الأمم المتحدة، مع احترام الوثائق الدولية السابقة.
2. وضع جدول واضح لتطبيق الحكم الذاتي، مع مؤشرات قياس يُشرف عليها الحراك الدولي.
3. تضمين ضمانات مكتوبة لحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية، بما يجعل الحل جذاباً للسكان المحليين.
4. إشراك الجزائر وموريتانيا كمساعد ين في الحوار بدل تهميشهما لتأمين استقرار شمال أفريقيا.
5.تثبيت القرار الأخير كمرجعية يرى فيها اطراف النزاع الحلّ الممكن، مما يوفّر قاعدة قانونية لتطبيقه لاحقاً.
7. خاتمة
إن قرار مجلس الأمن الأخير يمثّل منعطفاً مهماً في مسار تسوية النزاع، إذ يعكس تحوّلاً في لغة الشرعية العالمية باتجاه قبول الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. وهو ما يفيد اقرار مجلس الامن بمغربية الصحراء مما يضفى على الحكم الذاتي شرعية دولية ليس الحل مثاليّاً من وجهة نظر جميع الأطراف، لكنّه يتناسب مع المعايير القانونية الدولية ويستجيب لما تحته من واقع. المغرب، بوصفه طرفاً يسعى للاستقرار والتنمية، يملك اليوم مرجعية دولية أقوى، ويُحسن أن يستثمرها في إرساء تسوية قيّمة وواضحة، لتعود العلاقات لطبيعتها ويعم السلام المنطقة وترجع شرعية المطالب الديمقراطية من جديد مما تيضفى الاستقرار على المجموعة المغاربية وينهى عقدة مفتعَلة من المسلسل الاستعماري والنزاعي.
المصدر : صفحة الكاتب على الفايسبوك




