
عندما وصلني خبر رحيل د. لوليد ولد وداد شعرت بفراغ كبير، و آنست صوته كما لو أنه فجأة جلس معي بعد غياب طويل. هو بذاته، وصوته اللطيف، وابتسامته، و نظرته، ولباقة روحه. سألته هامسًا بنبرة حزينة: هل غادرتنا حقا؟ قال بصوته الشجي: ما يفعل الله بعبده المؤمن إلا خيرا. إنا لله وإنا إليه راجعون..
تداركت الدموع، وقلت: إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى.
لقد تعرفت على الأخ لوليد بينما كنا نحضر البكالوريا في ثانوية نواكشوط عام 1967. كان تلميذا ممتازا في كل شيء، وخاصة في مادتَي الرياضيات والفيزياء. يراكم الجوائز بصمت وهدوء. وفوق ذلك، كان حسن السلوك، ناضجًا وحكيما رغم صغر سنه، جِديا، ومجتهدا. لم يكن يوما من أهل الفضول والمظاهر والاطناب. وبعد حصوله على شهادة البكالوريا متفوقا في دورة يونيو، اتجهنا معا إلى جامعة داكار حيث أكمل دراسته في العلوم البيطرية. أعني بهذا أنني فقدت برحيله خليلا ورفيقا عزيزا.
ترجل الفارس المغوار “لوليد ولد وداد” بعد أن خدم الأمة وأدى الأمانة. وبرحيله فقدت موريتانيا رجلا مخلصا وفيا وأمينا شغل أكثر المناصب السياسية والإدارية صعوبة، دون أن يكون سياسيا بذلك المعنى المتداول والمرادِف غالبا للمكر والخداع والتلون والتكسب، إلخ.. كان مختلفا عن غيره من الساسة بما آتاه الله من عقل وصدق وصبر واستقامة والتزام. لم يدخل السياسة بحثا عن وظيفة أو مهنة، بل دخلها سعيا لإنجاز واجبه الوطني وإعطاء حياته معنى.
