مقالات و تحليلات

«سُوريا الجديدة».. و«التَّعْمِير الإماراتي» / خالد عمر بن ققه

لم تكن زيارة عادية تلك التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد إلى الإمارات العربية المتحدة، كونها تأتي في سياق تطورات جديدة في العالم والمنطقة، قد تؤدي إلى تغير -شبه جذري- في نمط العلاقات الدولية، منها: الاقتراب من إنهاء ملف إيران النووي، والأزمة الروسية الأوكرانية، والاضطراب في أسواق الطاقة، والحرب المستقبلية حول الغذاء ومصادره، وظهور تكتلات وتحالفات جديدة، وبداية أفول نجم القطبية الأحادية.. إلخ.

 

هذه الزيارة ذات طبيعة خاصة في سياقها العربي، ذلك أن الأسد لم يسبق له منذ أكثر من 11 عاماً، أن قام بزيارة لأية دولة عربية، بل إن العالم كله ضاق عليه بما رحب، وتحدَّدت زياراته الخارجية في دولتين حليفتين هما: روسيا وإيران.

 

لقد سبق هذه الزيارة استقبال الرئيس بشار الأسد في دمشق، لسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، في نوفمبر الماضي، حيث أكد سموه حرص دولة الإمارات على أمن واستقرار ووحدة سوريا ودعمها لكل الجهود المبذولة لإنهاء أزمتها، وترسيخ دعائم الاستقرار فيها، وتلبية تطلعات شعبها في التنمية والتطور والرخاء.

 

الإمارات باستقبالها الأسد قد تسهم بشكل مباشر في إعمار سوريا جديدة مستقرة، وحاضرة بقوة عربيّاً ودوليّاً.

ذلك الحرص الإماراتي تحول إلى خطاب سياسي للدولة، كما هو في تمني صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في أن تكون: «هذه الزيارة فاتحة خير وسلام واستقرار سوريا الشقيقة والمنطقة جمعاء».

 

الحاضر السوري وغدها القريب يتحققان من خلال مشاريع عملاقة لإعادة بناء دولة دمرتها سنوات الحرب، وهذا يتطلب تدفق رؤوس أموال كثيرة، واستثماراً في جميع المجالات، وهذا هو الدور المنوط بالإمارات، أو على الأقل هذا ما يُنْتظر منها.

 

هنا أعيد للتذكير بما جاء في مقال سابق نشرته في «الرؤية» ـ بتاريخ 14 مارس 2021 ـ تحت عنوان “الغواية السورية”، قلت فيه: “على العرب جميعهم دعم السوريين لإنهاء الحرب، وذلك من خلال 4 مؤشرات، أولها: التوقف الفوري عن إشعال الحرب من خلال الدعم سواء للحكم أو المعارضة، وثانيها: عودة سوريا إلى الجامعة العربية دون قيد أو شرط، وثالثها: الخروج من ضيق المصالح المحلية لكل دولة عربية وتحالفاتها الخارجية إلى سعة العمل القومي بحيث يمثل استقرار سوريا أولويّة، ورابعها: دعم السوريين في كل الدول العربية بما يمكّنهم من عودة آمنة إلى بلادهم أو البقاء باختيارهم في الدول المضيفة”.

 

أحسب أن الإمارات باستقبالها الرئيس الأسد قد تسهم بشكل مباشر في تحقيق المؤشرات الأربعة على مستوى قرارها السيادي، وستسعى للإسهام في تعمير سوريا جديدة مستقرة، وحاضرة بقوة عربيّاً ودوليّاً.

المصدر: الرؤية الاماراتية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى