“ضيوف مراكش” في ضيافة أمن الدولة تمهيدا لمحاكمات تدين ولد بوعماتو
الصدى – تقرير إخباري / كتب : محمد عبد الرحمن/
علمت الصدى من مصدر مطلع أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز أعطى تعليماته خلال الحملة الانتخابية للاخيرة للسلطات الأمنية بتحضير ملفات كل الشخصيات التي زارات رجل الاعمال محمد ولد بوعماتو في منفاه الاختياري بالمملكة المغرببية مراكش ، ومباشرة استجوابها بعد انتهاء الانتخابات
وحسب المعلومات فإن التوجيهات الرئاسية لا تستثني أي أحد من ضيوف مراكش بما فيهم الصحفيين ورجال الاعمال والنواب والشيوخ ورؤساء الاحزاب ،وشخصيات المجتمع المدني
واعتبر المصدر أن بعض الشخصيات الحكومية او المقربة من الحكومة حاولت في الماضي أن تعلب دور الوسيط بين رجل الاعمال محمد ولد بوعماتو والنظام ، لكن السلطات الأمنية تشكك في المآرب الحقيقية لتلك الشخصيات ، والتي تنظر إليها كعيون يقظة لولد بوعماتو على ما يجري داخل كواليس النظام
وحسب المصادر فإن التسريبات التي حصل عليها النظام من هواتف السناتور المعتقل حاليا محمد ولد غدة ، كشفت للنظام عن تغلغل قوي لولد بوعماتو في أوساط النظام وتأثير أقوى له في المشهد السياسي المعارض والموالي
وكان ولد عبد العزيز قد أعلن عن كشف المستور مما يصفه النظام بفضائح الشيوخ المارقين في المهرجان الختامي للحملة الانتخابية ، ورغم توقع الساحة السياسية بترقب شديد لما سيكشفه الرجل ، اكتفى ولد عبد العزيز بالقول أن الاسابيع القادة ستشهد كشف المزيد من الملفات ، ولعلها إشارة خفية لبدإ استجواب من يعتبرهم النظام ضالعين في الفساد أو المتواطئين مع ولد بوعوماتو بعبارة أخرى.
وجاءت نازلة رفض مجلس الشيوخ للتعديلات الدستورية لتهيج جام غضب ولد عبد العزيز على غريمه السياسي ولد بوعماتو الذي كان أقوى سند له خلال انقلابه العسكري على الرئيس المخلوع سيدي ولد الشيخ عبد الله ، لما قوبل به انقلاب ولد عبد العزيز من رفض محلي ودولي غير مسبوق في تاريخ الانقلابات العسكرية الموريتانية
وتعتبر السلطات الموريتانية التحرك القوي لرجل الاعمال محمد ولد بوعماتو في الاوساط السياسية والاعلامية الغربية تصعيدا ضد نظام ابن عمه محمد ولد عبد العزيز ، الذي صرح لبعض خلاصائه أنه لن يدخر أي جهد في قطع الطريق أمام مأمورية ثالثة له في موريتانيا
ولم يخف الرئيس محمد ولد عبد العزيز في العديد من خرجاته الاعلامية انزعاجه الشديد من الدور التحريضي الذي يقوم به رجل الاعمال ولد بوعماتو ضد نظامه
لكن الأخير يقول لبعض خاصته أن مشكلته مع ولد عبد العزيز لا تكمن في حرمانه من السيطرة على الصفقات العمومية كما يروج انصار النظام ، بل تكمن في خيانة العهد وعدم الوفاء ، وتنكره لجهوده المحلية والدولية التي لولاها لما نجح الانقلاب أصلا ، ولما قبلت المجموعة الدولية بترشح ولد عبد العزيز للرئاسة على خلفية اتفاق دكار المشهور ، خاصة دور ولد بوعماتو المشهود في اقناع ادارة الرئيس الفرنسي ساركوزي بالقبول بولد عبد العزيز رئيسا لموريتانيا
وحسب مصدر شديد الاطلاع فإن رجل الاعمال ولد بوعماتو أنفق على حملة ولد عبد العزيز الرئاسية وعلى حملة العلاقات العامة في الاوساط الغربية التي يسودها الكثير من الغموض اكثر من 7مليارات من ألاوقية ، ويذهب بعض المصادر الى أبعد من ذلك لتؤكد أن ولد بوعماتو هو نفسه من طار الى طهران بإيعاز وتزكية من الرئيس السنغالي السابق ليحصل من الايرانيين على بعض أسرار تجربتهم في ما بات يعرف ب “الباء الطائرة” التي فجرت جدلا واسعا في موريتانيا بعيد الانتخابات الرئاسية سنة 2009م التي فاز بها ولد عبد العزيز على جميع المنافسين في أقوى منافسة انتخابية عرفتها موريتانيا
بعد كل هذا الشقاء والسخاء في حملة تبييض ولد عبد العزيز- يقول أحد المقربين من بوعماتو- يكتشف ولد بوعماتو أنه كان يحلب السراب ، وأنه وضع ثقته وخدماته في المكان الغلط ، فالرجل تنكر له وقال له بالحرف الواحد في آخر جلسة صاخبة بينهما دامت عدة ساعات ، بالقصر الرمادي “أشكر جهودك في الحملة لكن موريتانيا لي وحدي” ، عندها فهم رجل الاعمال المارد أن لا خيار أمامه سوى أن يحزم أمتعته لخارج البلاد ليعلن حربه من هناك عبر الوسائل المتاحة إعلاميا وفنيا وسياسيا وحقوقيا
ورغم محاولات الاحتواء الصادقة والمشبوهة التي قامت بها شخصيات وطنية ، فشلت كل الطرق في ايصال ولد عبد العزيز مرة ثانية لقلب ولد بوعماتو فالاخير يبدو أحرق كل مراكب العودة الى موريتانيا “العزيز” سابقا ولد عبد العزيز
لكن يبدو أن المعركة الانتخابية الأخيرة كشفت للنظام عن حضور قوي للرجل داخل البلاد لم يكن في الحسبان ، فنفوذه المتوقع كان لا يتجاوز حفنة دولارات لشاعر شعبي هنا أولصحيفة فرنسية هناك أو لفرقة أولا لبلاد المنفية وراء النهر
خرج النظام بحقائق كثيرة صادمة من استفتائه الاخير من بينها أن الرجل المغاضب قد لا يجد مشكلة كبيرة في الفوز بكرسي الرئاسة في موريتانيا إن هو قرر الترشح أو الترشيح ، وقد يكسبه بسهولة إذا وفقت المعارضة في الاتفاق على مرشح موحد ، يصرف عليه ولد بوعماتو نصف ما انفق على “عزيزه السابق” في حملة 2009م ، حسب مصدر مقرب من الرجل ،ومما يزعج النظام أكثر أن فكرة المرشح الموحد أو الوحيد التي يتدارسها منتدى المعارضة حاليا جاءت من مراكش ، وإن كنت لم تطرح للنقاش باسم ولد بوعماتو.
كل تلك الهواجس ومعها الضربة الموجعة التي أسداها ولد بوعماتو للنظام من خلال مجلس الشيوخ ، تجعل ولد عبد العزيز مضطرا لفتح ملفات شائكة طالما تجنب الخوض فيها لعل وعسى هذا المارد الهارب يخضع في لحظة وعظ قبلية لهذه الوجيه الاجتماعي أو ذاك.
لكن هيهات فساكن قصر مراكش مارد عصي على الترويض ولا يستوعب لغة الترغيب والترهيب الواردة من قصر نواكشوط ، واستحقاقات 2019م أصبحت على الأبواب وأي تأخر في اتخاذ التدابير للازمة للجم المارد بوعماتو ولو من خلال عيونه ورجاله سيؤثر سلبا على اوراق ولد عبد العزيز ، لذا قرر المواجهة ، خاصة أنه كسب ورقة قوية منحها له “القدر” برحيل الرئيس السابق إعلي ولد محمد فال الحليف الشخصي لولد بوعماتو ، والذي يرى الكثير من المراقبين أن ولد عبد العزيز أعاد مراجعة قراراته السياسية بعد رحيله خاصة منها ما يتعلق بالمأمورية الثالثة ومواجهة ولد بوعماتو
وحين يقرر نظام ولد عبد العزيز مواجهة ولد بوعماتو من البديهي جدا والطبيعي أن يكون السناتور محمد ولد غدة كبش الفداء الاول ، لكننا ونحن في موسم الاضاحي ستطالعنا الايام القادمة بالمزيد ضحايا معركة أبناء العمومة على حساب الدولة وأجهزتها ، فالتعليمات العزيزية لا تثتني كائنا من كان ممن زاروا ولد بوعماتو أو تواصلوا معه ولد من وراء حجاب ولد غدة أو ولد الدباغ أو غيرهما من القنوات الاخطبوطية لولد بوعماتو
وفي سياق متصل بنفس الملف سيتم عزل رجل الاعمال أحمد باب ولد غزيزي ولد المامي من رئاسة الاتحاد العام للارباب العمل الموريتانين ، و البحث عن ملفات سياسية أو صفقات يمكن من خلالها أن يلحق بضيوف أمن الدولة لمحاكمته على جريمة التلاسن مع الوزير الاول يحي ولد حدمين ، ورفضه أكثر من مرة لقررارت من شأنها تقويض نفوذه في الاتحاد ، خاصة أن النظام انزعج كثيرا من ولد عزيزي المرتبط برجل الاعمال بوعماتو ، كما أن والده رجل الاعمال إعزيزي ولد المامي كتب مقالا سيايسا قويا مؤخرا استعرض فيه وضعية المشهد السياسي وانتقد بشدة نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز ، وأثنى على رجل الاعمال محمد ولد بوعماتو ، وكشف في نفس المقال نصيحته للرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله بابعاد ولد عبد العزيز
هذا وستشهد الأيام القادمة تصعيدا جديدا ضد مصالح ولد بوعماتو الاقتصادية في البلاد ، وستنصب محكمة خاصة ، يحكى أن مقرها يتم تجهيزه حاليا في إحدى فلل حي تفرغ زينة لاستضافة ضيوف مراكش، وستشمل المحاكمة رؤساء أحزاب وشخصيات مستقلة بما فيهم رئيس فريق الدفاع عن السناتور ولد غدة النقيب السابق ولد بوحبيني، كما سيتم اعتقال الصحفيين مرة أخرى وإحالتهم للمحاكمة بتهمة تلقي مبالغ مالية من جهة خارجية معادية للنظام ،حسب الخطة ، وطبعا يبقى الاكبر والاهم ان يتم القبض على رجل الاعمال ولد بوعماتو نفسه لمحاكمته بتهمة التحريض ضد موريتانيا من الخارج ، وتتحدث بعض المصادر عن الشروع الرسمي في إعداد مذكرة توقيف دولية ضده ، لكن بعض المقربين من الرئيس يعتبرون أنها ستكشل حرجا للحكومة يجب أن لا تسبب فيه لأن الدول المضيفة للرجل لن تعطي أي أهمية لهذه المذكرة ، خاصة الحكومة المغربية حيث يقيم الرجل ، والحكومة الفرنسية التي يتردد عليها كثير واشيع مؤخرا أنه حصل على جنسيتها ، و لعل مذكرة اعتقال رجل الاعمال ولد الامام الشافعي تكفي للدلالة على عدم اكتراث دول الجوار بمذكرات الاعتقال السياسية الموريتانية ، لكن سيناريو آخر يحاول أصحابه أن يصغي لهم الرئيس عزيز أكثر يرى أنه من الضروري إحراج هذه الدول بالتعاطي مع المذكرة ولو كلف الأمر قطع العلاقات الدبلوماسية معها خاصة عندما يتعلق الأمر بالمغرب ، أما فرنسا فقد تتعاون الجهات الأمنية الموريتانية مع جهات أخرى لاختطافه من أراضيها ،فيما يذهب فريق ثالث إلى أنه لا داعي للمزيد من الاهتمام بولد بوعماتو لان ذلك يخدمه أكثر ويمنحه مصداقية وسمعة سياسية لايستحقها ويجب حسب أصحاب هذا الرأي التركيز على تدمير جماعته في الداخل بجرجرتهم للمحاكم والحكم بأحكام قاسية ، والعمل في نفس الوقت في الكواليس السياسية والامنية والاعلامية الغربية لإبطال مفعول تأثير ولد بوعماتو في تلك الدوائر
ولحد اللحظة لا تزال إشكالية القبض على ولد بوعماتو قبل انتخابات 2019م حلما مؤرقا لولد عبد العزيز ودوائره الأمنية