لنعمل على إفشال هذه الأهداف الشيطانية: أفحكم الجاهلية يبغون؟ / بقلم: الأستاذ محمدٌ ولد إشدو
هل هناك حملة تشويش منظمة ومرجفون في المدينة؟ نعم أيها السادة؛ توجد حملة تشويش منظمة ومتعمدة، ويوجد مرجفون كثر في المدينة، وفي الريف، وفي جميع أنحاء العالم، يوظفون الطفرة التكنولوجية في حرب بسوس ضد موريتانيا الجديدة الشامخة؛ وهذا أمر طبيعي وظاهرة صحية، لسببين اثنين:
السبب الأول: أن بلادنا تعيش منذ خمسة عشر عاما صراعا اجتماعيا لا هوادة فيه ولا رحمة بين قطبين اجتماعيين: أحدهما خلَّص موريتانيا وشعبها من قبضة نظام الفساد والاستبداد والطغيان والقهر والهدر والإرهاب الذي عشش فيها أربعين سنة فأهلك الحرث والنسل ودمر بُنى الدولة ومزق لحمة الوحدة الوطنية. وقد تغلب هذا القطب يوم انتزع السلطة في انتفاضة الشعب والجيش في الثالث من أغسطس 2005، وظل يقود سفينة الإصلاح والبناء والتنمية وإعلاء شأن موريتانيا الغالية وإسعاد شعبها الكريم. وها هو ذا يوصلها إلى بر الأمان فينجز تداولا فريدا على السلطة عجزت عن مثله بلدان كثيرة في محيطنا الجيو سياسي لا تمكن مقارنتنا بها. أما القطب الآخر فهم الذين أطيح بهم يوم الثالث من أغسطس 2005، وراموا الكَرَّة والرجوع في انقلاب حاولوه فجر 6 أغسطس 2008 فأطيح به وبهم، ولم تقم لهم قائمة بعدها. وما يزالون يحاولون العودة واسترجاع امتيازاتهم وجنتهم المفقودة، ولن ينتهوا حتى لو سقط نصفهم! وقد دخلت على الخط في هذا الصراع المصيري إلى جانبهم قوى الاستعمار والصهيونية بمختلف أنواعها وأساليبها وأدواتها الخبيثة الفتاكة؛ خاصة أن بعض السفارات التي كانت تتحكم في موريتانيا قد فقدت نفوذها وسلطانها هي أيضا.
السبب الثاني: هو أن أغلبية الشعب الموريتاني الساحقة ظلت خلال جميع الاستحقاقات الانتخابية الممتدة من 3 أغسطس 2005 إلى يومنا هذا تصر على رفض وسحق الحلف المناوئ لخياراتها الوطنية. وكان آخر وأبلغ حكم أصدره الشعب في هذا الصراع فوز مرشح الشعب بأصوات الشعب في الشوط الأول يوم 22 يونيو الماضي في انتخابات شهد الجميع بنزاهتها!
لقد انتصرت موريتانيا قيادة وشعبا على التحديات، وذللت كل الصعاب، حين حققت أهداف الحرية والديمقراطية والأمن والبناء، وأنجزت التداول السلمي للسلطة في أبهى صوره! فلم يبق في أيدي الأعداء في مواجهة هذا النصر إلا “سلاح” الشغب والفتنة، وقد جربوه في الأيام الأولى فكانت الدولة والشعب لهم بالمرصاد وفشلوا مرة أخرى! وها هم ينتقلون إلى سلاح المنافقين المغلوبين العاجزين: الإرجاف والشائعات والتلفيق والنميمة وبث الكراهية والوقيعة بين الناس؛ مستخدمين العالم الافتراضي والمواقع والأقلام الصفراء التي لا تكاد تبين!
دموع التماسيح “نصرة للرئيس”!
من هم هؤلاء الذين يذرفون دموع التماسيح “نصرة للرئيس” ويقيمون الدنيا ولا يقعدونها إلا بعد استعادة “كرامة الرئيس المستباحة” في نظرهم من طرف قناة “الموريتانية” تارة، وتارة أخرى من طرف وزيره الناطق الرسمي باسم الحكومة؛ والذي لم يقل إلا ما هو معلوم من السياسة بالضرورة لدى الجميع، وما كرره الرئيس نفسه مرارا وتكرارا من أن نظامه امتداد لنظام أخيه وصديقه وشريكه في العمل الوطني ومن رشحه وسانده حتى النهاية الرئيس محمد ولد عبد العزيز؟
على كل حال، ما يعرف عنهم هو ما يقال إنهم في غالبهم إما مغتربون يعيشون في العالم الافتراضي خارج موريتانيا وخارج الواقع، ومنضوون تحت بعض الألوية المشبوهة، أو ساسة وزعماء أحزاب صورية لم تستطع حماية نفسها من الحل بالقليل المطلوب من الأصوات أو “نخبة”! ثم إنهم – وهذا مؤكد بالقرائن- لا يوجد من بينهم رغم هذا العويل من أعطى الرئيس الذي يتباكون على كرامته صوتا واحدا؛ بل كانوا في الطرف الآخر بقضهم وقضيضهم! وصدق المتنبي حين قال:
إذا اشتبكت دموع في خدود ** تبين من بكى ممن تباكى.
سيدي الرئيس؛ نحن الموريتانيين المقيمين في موريتانيا، والذين لدينا نصيب قل أو كثر من المعرفة، والذين وضعنا حرف الباء قبالة خانة صورتكم ونحن خلف الستار العازل يوم الزحف، نؤكد لكم أننا كنا أقلية ضئيلة بالمقارنة مع مئات آلاف الأميين الذين وضعوا شتى العلامات المميزة في تلك الخانة المضيئة، وبفضلهم نجحتم في الشوط الأول! وكان القاسم المشترك بيننا جميعا هو أننا اخترناكم على أساس معايير واضحة جدا؛ هي أنكم كنتم في الطليعة ليلة 3 أغسطس 2005 وصباح 6 أغسطس 2008، وكنتم في طليعة الذين حققوا لموريتانيا ما تفخر به خلال العشرية الأخيرة من أمن ونماء ومجد وازدهار، ومن صمود أيضا في وجه المفسدين والعابثين والمستعمرين، وأنكم كنتم مرشح الإجماع الوطني: أي مرشح النهج الوطني، والرئيس الوطني، والحكومة الوطنية، وحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الوطني.. مرشح حماية المكاسب الوطنية ومواصلة المسيرة الوطنية الظافرة. وكان برنامجكم الانتخابي تعبيرا واضحا وصادقا عن تجسيدكم لهذه المعايير… وكان خطابكم يوم الزينة كذلك.. وللعهد عندكم قيمة!
وإن المبطلين الذين رفضهم الشعب، وعجزوا طيلة العشرية الماضية – وفي أحلك أيامها- أن ينقلبوا بكم على النهج الوطني الذي ضحيتم في سبيله أنتم ورفاقكم بأرواحكم حين حملتموها في أكفكم مرتين، يحاولون اليوم أن ينقلبوا بكم على نفس النهج بعد أن اصطفاكم الله وبوأكم بالشعب كرسي الرئاسة!
يريدون ذلك لا حبا لكم؛ بل ليجتثوكم من جذوركم، ويفرقوا بينكم وبين أصدقائكم وأعوانكم المخلصين الأكفاء والشعب، وينفردوا بكم ويأكلوكم يوم أكل الثور الأبيض! وقد قال الله تعالى: {ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب}!
ما أشبه الليلة بالبارحة، ولكن…!
ويتبنى المبطلون من شياطين الإنس اليوم بغية تضليل فخامة الرئيس والاستحواذ عليه نفس السناريو الذي مارسوه بالأمس القريب مع الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله وكان وبالا عليه وعلى البلاد! فمن حيل المبطلين وموجهيهم المستعمرين محاولة الحصول بالحيل على ما عجزوا عن الحصول عليه بالقوة أو عن طريق صناديق الاقتراع!
ولكن ما لم يدركوه هو أن هذا الرئيس من طينة أخرى، وقد برهن على ذلك في مواقف كثيرة، من خلال برنامجه الانتخابي، وحملته الرائعة، وخطاب تنصيبه ونهجه الوطني، واختياره لفريقه الحكومي وطريقة معالجته للقضايا والمشكلات المطروحة!
فعلينا جميعا أن ندرك بجلاء ووضوح، أن أهداف حملة أعدائنا المسعورة ثلاثة وهي:
* محاولة قلب النظام بالكلام، وحرف الرئيس عن الصراط الوطني المستقيم، والوقيعة بينه وبين أصدقائه وحلفائه وأعوانه المخلصين وشعبه الذي انتخبه ويعلق عليه جميع آماله، وبذلك يسهل عليهم التخلص نهائيا من الرئيس!
* جعل الرئيس يتخلى عن فريقه الذي وفق في اختياره؛ والذي جمع في معظمه بين الكفاءة العالية والتمثيل المناسب ونال رضا الناس؛ وأن يعتمد بدل ذلك معايير جاهلية ترضي أهواء أصحاب الحملة كالمحاصصة العرقية والشرائحية والقبلية والجهوية والزبونية.. الخ.
* تشويه الصورة الناصعة التي تجلت فيها موريتانيا للعالم يوم 1 أغسطس الجاري، وإغراقها في بحر من الإحباط والإسقاط والإفراط والتشاؤم والدجل والتلفيق والتقول على صناع تلك الصورة، حتى لا تظل مصدر فخر للموريتانيين،عالقة بأذهانهم وأذهان العالم ومشعة كالشمس في رابعة النهار!
فلنعمل جميعا على إفشال هذه الأهداف الشيطانية!