نص مقابلة المرشح محمد الشيخ الغزواني مع موقع الأخبار
*نص المقابلة التي أجراها المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني في “حوار الأخبار:
السؤال الأول: أحمد ولد محمد المصطفى وكالة الأخبار
– في نهاية “تعهداتي” ومع تقديمكم لبرنامج جديد اخترتم عنونته “بالطموح”، بين البرنامجين، كيف تقدمون أنفسكم ومشروعكم للرأي العام الموريتاني؟
المرشح محمد ولد الغزواني: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيد المرسلين، اسمحوا لي بدءا أن أتقدم بخالص الشكر لوكالة الأخبار وجميع الصحفيين الذين ينعشون معها هذا البرنامج على اختيارهم لصيغة تتيح للمترشحين مخاطبة الناخبين بحرية ومساواة.
فعلا عنونت برنامجي في انتخابات 2019 بتعهداتي وسميت برنامجي الآن بـ “طموحي للوطن” ولهذا التنوع اللفظي دلالات سياسية عميقة.
فالتعهد هو التزام محدد وفي حدود المتاح دون استقصاء.
وأما الطموح فهو تصورٌ واستشرافٌ وتطلعٌ وإرادةٌ لا حدود لها، تجعل الإنسان يتجاوز كل العراقيل التي تعترض سبيله ويحقق أهدافا لا محدودة. وعليه فإن الطموح يحمل في طياته التعهد والالتزام ولذا كان أجدر أن يكون عنوان مرحلتنا الآن لما تحمله من تحديات.
فمشروعي إذا هو طموح كبير لموريتانيا يتمحور حول خمس دعائم صلبة:
– ترسيخ دولة قانون قوية، ذات حكامة عصرية ناجعة.
– توطيد اقتصاد قوي الأداء، مستدامٍ بيئيا وسائرٍ على طريق الصعود.
– تنمية رأس المال البشري وخاصة الشباب، بوصفه رأس الحربة في موريتانيا الغد.
– تطوير الاندماج الاجتماعي كضمانة للتلاحم والوحدة.
– تعميق دعائم دولة آمنة قادرة على مواجهة التقلبات الجيوسياسية، وفاعل مؤثر في استتباب السلم والاستقرار.
أما أن أقدّم نفسي فلا أرى لذلك جدوى؛ هذا عملكم أنتم الصحفيون.
السؤال الثاني: أحمد ولد الشيخ، صحيفة القلم: مأموريتك الأولى رفعت شعار مكافحة الفساد. وتم تشكيل لجنة تحقيق برلمانية أصدرت تقريرا يدين تسيير العشرية 2009-2019. إلا أن نتائجها جاءت أقل من الآمال المعقودة عليها. وهو ما يدفع البعض إلى القول إنها كانت تستهدف فقط الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز بشكل أساسي.
كيف ترد على من يتهمك بإعادة تدوير كبار المسؤولين الذين وردت أسماؤهم في تقارير ملف العشرية؟
المرشح محمد ولد الغزواني: أنا جد مندهش من هذا السؤال أولا، لأني أراكم تتداولون اليوم ملفا لم يعد يحتوي على جديد، ثم أن تحكموا على مأموريتي الأولى بشأنه بشكل غير عادل.
لقد حاولت وأعتقد أنني نجحت في أن أترك مؤسسات وسلطات الدولة تعمل بشكل طبيعي دون أن تخضع لتدخل مفرط من قبل السلطة التنفيذية.
وعليه فقد تمكن البرلمان ومن ثم المحاكم من إدارة ما يسمى بملف العشرية باستقلالية تامة.
وبما أنني امتنعت عن التدخل في الأمر في البداية، فمن السهل أن تفهموا أنني بطبيعة الحال أرفض التعليق عليه في النهاية.
أما في موضوع اختيار كبار المسؤولين الحكوميين، اعتمدت على معايير حكم راسخة في جميع الديمقراطيات الحديثة: وهي التمييز الواضح بين الاتهام السياسي والإدانة القضائية.
والأخير فقط هو الملزم؛ فالشخص الذي وجهت إليه المحاكم اتهامات لم يعد له مكان في الحكومة، والشخص الذي تبرئه المحاكم مناسب بطبيعة الحال لأي مسؤولية يرى الرئيس أن يكلفه بها.
السؤال الثالث: السالك زيد، صحفي مستقل: في خطابات كثيرة تحدثتم السيد الرئيس عن ضرورة محاربة الفساد في البلاد، لكن من الملاحظ أنه تم توقيف نشر تقارير محكمة الحسابات وكذلك إعادة تعيين بعض المتهمين السابقين بالاختلاس في وظائف جديدة، ألا يعني هذا أنكم لم تستطيعوا مجابهة هذه المشكلة وخلق قطيعة مع المتهمين بها؟
المرشح محمد ولد الغزواني: محكمة الحسابات مؤسسة دستورية مستقلة ومن واجباتي الدستورية ضمان تلك الاستقلالية، وعليه فإن الحكومة لا تأمر ولا تنهى المحكمة عن نشر تقاريرها. رغم أن هذه التقارير لم تنشر قبل وصولنا للسلطة، والآن ليس لدريها تقرير جاهز لم يتم نشره.
وقد دأبت محكمة الحسابات خلال السنوات الأخيرة على إدخال كثير من الإصلاحات ساهمت في تحسين أدائها وحكامتها، منها على سبيل المثال:
– الشفافية وولوج المجتمع المدني للمعلومات الموثوقة عن السياسات العمومية بما فيها الميزانية ” النفقات، المداخيل، المسؤوليات، العقود المهمة”.
– نشر التقارير المتعلقة بقوانين التسوية وملحقاتها.
– نشر التقرير السنوي للمحكمة بالنسبة للسنوات 2019، 2020، 2021.
– نشر تقرير التدقيق حول مكافحة جائحة كورونا.
– مساءلة الجهاز التنفيذي من طرف هيئات الرقابة بالمحكمة.
أما ما يخص تعيين الأشخاص أو الاستغناء عن خدماتهم فذلك يرجع فيه الأمر إلى سلطة تقديرية خولها القانون مطلقا وحصرا لرئيس الجمهورية، أما أنا فاجتهدت واخترت أن أحُدّ من تلك السلطة بمبدأ سار عرفا متبعا في كل الديمقراطيات الراسخة: لا مكان لمن أدانه القضاء في الحكومة ولا حرج في تعيين من برّأه القضاء أو لم يتابعه أصلا.
السؤال الرابع: الشيخ محمد حرمه / صحراء ميديا: تعهدتم في برنامجكم الانتخابي عام 2019، بشق قناة تربط نهر السنغال ببحيرة ألاك، وهو مشروع استراتيجي كبير .. إلى أين وصل العملُ عليه وقد انقضت مأموريتكم الأولى؟
المرشح محمد ولد الغزواني: فعلا قدمنا ذلك المشروع 2019، وشرعت المصالح الفنية في إعداد دراسة إمكانية تنفيذه وخلصت تلك الدراسة إلى عدم إمكانية تنفيذه بالصيغة المطروحة.
لكن سرعان ما وضعنا له بديلا يفي بنفس الأهداف المتوخاة منه وقابل للتنفيذ على أرض الواقع. وعليه فقد أشرفت شخصيا في 7مارس 2024 من مقاطعة بابابي على وضع حجر الأساس إيذانا بانطلاق الأشغال في مشروع هام سيزود 165 قرية بالماء الصالح للشرب انطلاقا من النهر في ثلاث ولايات: لبراكنه، تكانت، والعصابة، وتوفير مياه الري لـ 3500 هكتارا تستغل في الزراعة.
السؤال الخامس: أحمد ولد محمد المصطفى وكالة الأخبار: راهنتم خلال مأموريتكم الأولى على ما أسميتموه التهدئة، ورأى فيه آخرون قتلا للسياسة، كيف تقيمون هذه التجربة؟ هل أنتم راضون عن حصادها؟
المرشح محمد ولد الغزواني: إن هدفنا من التهدئة السياسية كان دائما، وسيظل، ترسيخ الوحدة الوطنية ودعم عوامل الانسجام الاجتماعي وتقوية وشائج الأخوة والقربى بين مكونات شعبنا.
فوحدتنا الوطنية هي أساس استقرارنا، وخطنا الدفاعي الأول، وحصننا المنيع في وجه كل التحديات فنحن ندرك بجلاء أن ما تشهده مناطق كثيرة في العالم من عدم استقرار سياسي واجتماعي وأحيانا أمني، مرده في المقام الأول إلى تصدع عوامل الانسجام بين مكونات الشعب الواحد، وسيادة منطق التخوين والإقصاء على منطق الحوار والتشاور وما ينشأ عن ذلك غالبا في المحصلة النهائية من انفراط العقد الاجتماعي الذي هو أساس التعايش المشترك، ولذا حرصت فور انتخابي على أن لا تتحول الأزمة السياسية والمؤسسية التي كانت تعيشها بلادنا إلى أزمة متجذرة متعددة الأبعاد، ذات مآلات مجهولة، فبادرت إلى الاتصال بكل شركاء الوطن، دون استثناء، داعيا إياهم إلى اعتماد أسلوب جديد، قوامه التهدئة السياسية والحوار والتواصل في كل ما يخدم القضايا الكبرى للوطن، وتمكنت بعون من الله ثم بفضل جهود مختلف الشركاء، من نقل العلاقة بين مكونات المشهد السياسي الوطني من القطيعة والتنافر والتخوين، إلى التهدئة والحوار والتفاهم، فغدا الاختلاف هادئا، وأضحى التنوع ثراء، والتباين متفهما في نطاقه، وانحصر الخلاف السياسي في إطاره الصحيح: اختلاف مشاريع، وتباين آراء، وليس حربا مفتوحة أو مضمار إساءة وتجاوز لا سقف له ولا خطوط حمراء. وباختصار، أثبتنا أنه بإمكاننا أن نتنافس باحترام فنخدم البلد جميعنا بدل أن نتصارع فنضر به كلنا.
إذًا لم نقتل السياسة، بل أحييناها بنفس وروح جديد، أصيل، مفيد، قوامه ما ينفع الناس ويمكث في الأرض وتركنا الزبد يذهب جفاء.
السؤال السادس: السؤال الثاني: أحمد ولد الشيخ، صحيفة القلم: هنالك شكاوى متزايدة للموريتانيين من الهجمات المتكررة للجيش المالي وعصابات فاغنر شرق البلاد والتي تؤدي دائما الي مقتل بعض المواطنين. وهذا يجري في سياق إقليمي مضطرب. ماهي الإجراءات التي تودون اتخاذها من أجل تأمين حدود البلاد وخاصة في ظل حريكة دائبة للأشخاص لأغراض تجارية وتنموية؟
المرشح محمد ولد الغزواني: إن أمن البلد، عند كل حدوده، مصان وسيكون كذلك دائما.
ويعرف مواطنونا ذلك ويطمئنون له و يراه أعداؤنا المفترضون و يردعهم ذلك بقوة.
ونحن نطور باستمرار منظومتنا الدفاعية ونقتني المعدات الضرورية لذلك الغرض.
السؤال السابع: السالك زيد، صحفي مستقل: لوحظ خلال المأمورية المنتهية تعيين مكثف لأبناء وبنات العائلات والقبائل المعروفة والقديمة في السلطة، حتى ارتبط التعيين بما بات يعرف عند الناس “بالأسماء المشعة” ألا يتناقض السيد الرئيس هذا مع شعار إشراك جميع الموريتانيين ومساواتهم في فرص التعيين؟
المرشح محمد ولد الغزواني: نحن نعتبر أن جميع العائلات الموريتانية هي أسماء كبيرة في المعنى، ولا توجد فوارق بينها في هذا الصدد، ومع ذلك فإن التعيين سلطة تقديرية مخولة للأجهزة التنفيذية من رئيس وحكومة ومستويات إدارية أخرى.
ويخضع لمسطرة إجرائية إذا احترمت، ونحن نحترم القوانين بدقة، لم يبق إلا الجدوائية وتلك حكم يخص صاحب القرار ومع ذلك فنحن نراعي معايير الكفاءة والنزاهة والأخلاق في التعيينات ولا نحرم منها فئة بعينها، ولا نعطيها حصرا لأخرى، بل نصبو إلى مساواة الموريتانيين في الولوج إليها، ولذلك حاولنا ما أمكن تعميم المسابقات لدخول أسلاك الوظيفة العمومية حفظا لحق كل مواطن واحتراما لمبدأ المساواة في الحظوظ للموريتانيين.
السؤال الثامن: الشيح محمد حرمه / صحراء ميديا: في رسالة الترشح لهذه الانتخابات، تعهدتم بأن مأموريتكم الثانية ستكون للشباب ومحاربة الفساد.. هل يعني ذلك غيابهما عن المأمورية الأولى؟
المرشح محمد ولد والغزواني: أبدا، كانت الأولوية للشباب والصرامة في مكافحة الفساد حاضرتين كتوجه وإرادة قوية في المأمورية الأولى.
لكن مغزى تأكيد ذلك في برنامج المأمورية الثانية هو ترسيخ محورية هذين التوجهين الذين سيكونان هما ديدن المأمورية التي أَعِدُ أن تكون كلها، وبعمق وقوة ودقة للشباب وضد الفساد.
وأنا كلي ثقة أن الشباب سيلبي النداء وسيمكننا من اجتثاث الفساد وتحصين البلد من أجل مستقبل واعد وآمن.