الأخبارالصدى الثقافيفضاء الرأي

الشاعر خالد عبد الودود يكتب عن العُلَيّات في تاريخنا العربي!!!

الفنانة الشهيرة علي بنت أعمر تشيت

زارت عُلَيُّ على شحط النوى سحرا

فاعتاض جفنك من عذب الكرى سهرا

زارت فبات نظام الهم مجتمعــــــــا

شوقا وبات نظام الدمع منتثـــــــــرا

العُلَيّات في تاريخنا العربي أربع؛ الهاشمية عليةُ بنت المهدي شقيقةُ الرشيد وحَليلة جعفر البرمكي، وعُليّة التونسية؛ وزائرَةُ ولد مُحمدي هذه، ثُمّ الموغلة في تشذيب الحروف وتخمير الكلمات

عُليه منت اعمر تيشيت، المَحَليّةُ المَحضَة، حتى رَسمُ اسمِها عَصِي على التنميق والترجمات

إنّ اسمَها قرين بهِضاب الحوض وخريفه ونَدَى مروجه وكُداهُ الشاخصة في عيون المجرّات

ليس سَهلا أن تعاصر ديمي منت آبّ بِكل فخامة اسمِها، ثم تأخذ مساحة كافية من الضوء، وتَنتبذ مكانا عَلِيّا في قلوب العاشقين والأتراب وأولي الخيبات والسامرين بالأسحار

لا تزال عُليةُ تتعمّد الإيغال في الأنوثة حَدّ الإثم، فلا تتركُ للصبايا و”نِسوةِ المدينة” سِوى تقطيع أيديّهن غِيرةً على آرائك ومُتّكَآت المجالس

هذا عن نِسوةِ المدينة؛ فماذا عن الجآذر في زي الأعاريب!

الشاعر الدكتور خالد عبد الودود

إنها بِبَحّتِها المُريبة التي تميز صوتَها تواصلُ إقناعنا أنّ الحياة والقصيدة والأغنية أنثى، لكنها أيضا تستطيع بسهولة أن تؤنِّثَ الشّورَ والگاف؛ فتُحيل مجلس السمَر معبدًا فينيقِيّا، هي وحدها فيه آلهة الجمال المَهيبَة؛ والسّامرون كَهَنَة يتحلّقونَ حولَها في ذهول وانبهار

كُنا نَسمعُهم دائمًا يُغنّونَ “مَغانٍ بذاتِ الطبلِ لا غَبّها الوبلُ” فننتشِي، لكنّ عُليّة حينَ أدّتها ذات ليلةٍ حاتَمِيّةٍ على امبَالَّل أمام العزة منت الشيخ آياه، توجّعنا حينَها ثم بكينا ندَمًا على مافات من أعمارنا قبل أن نسمع

غمزتُ بِذاتِ الطبل عيني عنِ البُكا

فجادَت بأضعافٍ ..كما يُغمزُ الطبلُ

وإنْ تَعجَب من طبَقَة الجواب الموسيقي لدَى عُلَيّة فَعَجَبٌ أنْ تقابله طبقةُ قرارٍ موسيقيّ أحلَى طَلاوةً وتخلّصا

تأملْها وهيَ تَجلس مُسنِدةً آردين على كتِفها اليُسرى فيظنّ الأخيرُ واهِمًا أنه سيتريح ولكن هيهات!

ستكون أوتاره المشدودة كأعصاب الساسة، مصدرا للبهجة والحُبور، حينها يكون “التحرار” مجرد تحريف لِ”التحرير” من آثام النفس ومُكابدَة الأسَى، وهروبا آنِيّا من قبضة الحياة الصاخبة.

 

نقلا عن صفحة الكاتب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى