الأخبارالصدى الثقافيقضايا المجتمع

الصحفي الحسين ولد محنض يكتب عن العلامة الشاب جمال ولد الحسن في ذكرى وفاته

العلامة الراحل جمال ولد الحسن
(صورة من المصدر )

عندما تمر على بلدنا ذكرى رجل كجمال ولد الحسن مر الكرام فلا بد أن قيم هذا البلد الحضارية المبنية على تقدير العلم والأدب والثقافة، والاعتزاز بالتفوق والنبوغ والعبقرية قد انهارت أو تلاشت..

 

جمال الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، وانطفأ فجأة بعدما أعاد لبلاد شنقيط ألقها الذي كاد يخفت..

 

جمال الذي قال فيه الجد التاه (المختار بن حامد) رحمه الله تعالى:

((تسائلني فلانة: ما الجمال؟

فقلت: العلم والعمل الحلال

 

فقالت: هل على ذا الشرط فيكم

رجال في الجمال لهم مجال؟

 

فقلت لها: نعم فينا رجال

جمالهمُ أقر به الرجال

 

فقالت لي: وهل فيهم جمالٌ؟

فقلت لها: جمالُ لنا جمال

 

جمالُ لنا جنوب أو يمين

ونحن له شَمال أو شِمال))

 

جمال الذي لم ألقه في حياته إلا لماما، لكن صلتي به توطدت بعد ذلك من خلال قراءة أطروحته الرائدة في مجال الأدب، ومقالاته الرائعة في مجال التاريخ، وتحقيقاته الثرية في مجال التراث…

 

في مثل هذا اليوم 19 مايو 2001 (قبل سبع عشرة سنة خلت) دخل علي أخي وزميلي خطري ولد عبد الرحمن في مكتبي بجريدة العلم، فوجدني منهمكا في طباعة رثائياتي لفقيدي الوطن والأهل جمال ولد الحسن ومحمد ولد محم..

 

كنت أنشأت أول ما سمعت بوفاة جمال قطعة كاملية مطلعها:

((أبكيك؟ قل: لا، فالحروف كما ترى

تبكي عليك تأسفا وتحسرا))..

أو شيئا قريبا من هذا..

ثم أنشأت فيه مرثية طويلة لامية بسيطية، ثم وافرية في رفيقه ولد محم على ما أذكر (ضاعت علي هذه القصائد وأرجو ممن عنده أن يتحفني بها لأنشرها هنا)..

 

جرني الحديث مع زميلي خطري إلى أن السفر إلى التاگلالت للتعزية والرثاء يحتاج إلى سيارة عابرة للصحراء أنى لمثلي في ذلك الزمن بها؟ فقال لي خطري: تعال نذهب إلى خالك الدده ولد الطلبة يعطيك سيارة عابرة للصحراء جاهزة ومعها سائق  وأنا أرافقك إلى التاگلالت..

راقت لي الفكرة رغم أني أكره السؤال، لكن الظرف حرج والمثل يقول: ((الي اظمر إكيس اخوالو))، والخؤولة في الاقلال لها طعم خاص.. ((ألئك أخوالي فجئني  بمثلهم))…

 

ذهبنا إلى الدده، وكان شهما كريما أريحيا، حفيا بما بيننا من خؤولة.. وطبعا تم تجهيز سيارة جي إكس مريحة في أسرع وقت ((وكان ما كان مما لست أذكره

فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر))..

وقبل العصر وصلنا التاگلالت وأنجزنا مهمتنا ورجعنا..

 

ثم بمناسبة هذه الذكرى قبل سنوات خمس أو أكثر دعيت من قبل جمعية المستقبل لإلقاء كلمة بالمناسبة، أذكر أنها لم تُلق لأسباب تنظيمية، لكنها نشرت على كل حال، وكنت قد ختمتها بقطعة شعرية قلت فيها:

 

(( حياتك يا جمال على نقيضِ

بني زمنٍ نعيشُ به مريضِ

 

منارةُ عزة ورباطُ مجدٍ

وعلمٍ في الأباطح مستفيضِ

 

وءادابٍ لها في الأرض ومضٌ

كومض النَّوْرِ في الروض الأريضِ

 

تصيرُ بها ليالينا ولو في

سَراري الشهر بيضا أيَّ بيضِ

 

متى ما لـُكتَها في النثر راقتْ

معانيها ورقَّتْ في القريضِ

 

ملأتَ بها المحافلَ فيكَ حبا

فما لك في المحافل من بغيضِ

 

وعشتَ بها زمانًا مثل نجمٍ

نشيرُ إليه بالطرْف الغضيضِ

 

وغبتَ فلم نجد لك من نظيرٍ

وأين النجمُ من دَرَكِ الحضيضِ

 

فكم صححتَ من قولٍ  سقيمٍ

وكم صوبتَ من فعلٍ مَهيضِ

 

وكم أبرزتَ من دُرٍّ نضيرٍ

نضيدٍ في مسابكه نضيضِ

 

ولولا هذه الذكرى لظلتْ

تنوحُ عليكَ باكيةُ الغريضِ

 

فقد غادرتَنا غضّا جنيا

فغصَّ الناسُ من رَحَضِ الجريضِ

 

وعمرُكَ لم يطلْ فينا ولكنْ

حباكَ الله بالعمُرِ العريضِ)).

 

من صفحة الحسين بن محنض على الفيسبوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى