المستشار القانوني الاماراتي الشاعر الدكتور حبيب بولاد يكتب “للصدى”  :مسيرة آل مكتوم ذكريات وانجازات ( ج/1 )

عند الساعة العاشرة من مساء يوم الاحد 7/10/1990 رحل القائد الحكيم المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم بعد أن حقق معجزة دبي وناضل في سبيل وحدة الامارات العربية المتحدة وجاهد في سبيلها وأتسع قلبه ليحتضن الانسانية جمعاء .. بعد أن حجز لنفسه في عالم الخالدين قلعة تليق به وبعظمة انجازاته التي ستبقى شاهدة على قدرة الانسان على التأسيس والابداع ولتكون دبي الأرقى والأنقى لعالم الغد .. رحل الشيخ راشد الى الأبد ولكنه عانق الخلود في ذاكرة بلده وشعبه وستمر العقود والقرون وسيزداد نمو دبي وتتألق نهضتها بأبنائها وصناع عنفوانها وانطلاقاتها العملاقه بأيدي حكامها وسيعانقون الحلم والمغامرة والمخاطرة ليصنعوا تجارب خالدة وأعمالا راسخة في ذاكرة الارض والانسان .
في مرحلة مهمة من تاريخ دولة الامارات العربية المتحدة تحظى بوجود قادة عظماء يجمعون الى جانب الحكمة النادرة ورؤية ثاقبة وقدرة على الانطلاق بالوطن العزيز بصورة عامة وامارة دبي بصورة خاصة .. وأحد هؤلاء القادة هو صاحب السمو المغفور له الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم الذي تتجسد فيه كافة الخصائص والمميزات التي تجعلنا نقدر من أجلها كل قادتنا العظماء .. حيث أن الشيخ مكتوم بن راشد بن سعيد بن مكتوم بن بطي بن سهيل آل مكتوم الفلاسي من مواليد 15/8/1943 في منطقة الشندغة بدبي بحصن الفهيدي ويعد تاسع حاكم من حكام أسرة آل مكتوم والتي حكمت امارة دبي منذ أكثر من 185 عاما وكان أول حكام هذه الأسرة قد حكم هو آل بوفلاسة أحد فروع قبيلة بني ياس ممن غادروا أبوظبي في عام 1833 رحل الشيخ مكتوم بن بطي ومعه 800 رجل من قبيلته الى منطقة دبي ليبدأ حكم آل مكتوم وأستقروا على ضفاف خور دبي .. وقد أقامت أسرة آل مكتوم في حصن الفهيدي .. قد نجح المغفور له في الارتقاء بالامارة من النمو والتطور والمهارات المنشودة من أشقائه وقد تولى المغفور له الشيخ مكتوم بعض المسئوليات الحكومية في عام 1958 حين كان في الخامسة عشرة من العمر وقد ظهر في المرة اللأولى في المحافل العامة في 4/10/1958 حين القى كلمة في المسؤولين الحكوميين اللذين حضروا الاحتفال الذي أقيم بمناسبة تنصيب المغفور له الشيخ راشد حاكما لدبي .. أصبح الشيخ مكتومأول رئيس وزراء لدولة الامارات العربية المتحدة عام 1972 حين كان يبلغ من العمر 15 سنه قبل أن يتولى المنصب المغفور له والده .. في شهر يوليو عام 1971 أفضت الى قيام ست امارات بتوقيع الدستور الاتحادي المؤقتوقد واكب الشيخ مكتوم كل خطوة من خطوات المفاوضات عن كثب مما أتاحت تلك الفترة من الزمن للأسر الحاكمة فرصة التعارف واحترام مواقف بعضها البعض وأتاحت فرصة التفاهم حول حلول تنايب كل امارة في أطار الاتحاد.
في خلال عام 1990 تولى منصب حاكم دبي الشيخ مكتوم في أعقاب وفاة والده المغفور له الشيخ راشد آل مكتوم .. ان قصة نجاح دبي أشبه بالأساطير فهي كانت مجرد قرية صيادين صغيرة تنام على ضفاف الخور ولكنها أتيحت لها للخروج من عزلتها وصنعت لها فرصا جديدة بفضل البصيرة الثاقبة والرؤية المستقبلية لحكامها .. في عام 1930 تأثرت خلالها المنطقة بالكساد الاقتصادي الذي عصف بالعالم أجمع وتقلصت حجم التجارة البحرية بينما قضت اللآلي التي برعت اليابان في استزراعها وقضت على صيد وتجارة اللؤلؤ في المنطقة بأكملها وهي التجارة التي كانت عماد اقتصاد دبي في تلك الفترة وقد تعرض مستقبل دبي الى تهديد خطير آخر في الخمسينات حين راح قاع خور دبي يمتلئ بالرمال ويعرقل دخول سفن البوم الى هذا الميناء ويهدد بالتالي شريان حياة المدينة .. حينها لم يجد المغفور له الشيخ راشد حاكم دبي آن ذاك مناصا من توظيف الموارد المالية الشحيحة للامارة في تعميق الخور وبناء مطار جديد بهدف انقاذ تجارة دبي البحرية وتعزيز اتصالاتها الجوية بالعالم .. كما أمر المغفور له الشيخ راشد ببناء جسر آل مكتوم الذي تم افتتاحه أمام حركة المرور في شهر مايو عام 1963 … أزدهرت التجارة في المدينة وتبعتها الظفرة الاقتصادية الاولى والتي نجمت عن الاعلان عن اكتشاف النفط في مياه دبي الأقليمية في عام 1966 .. الفرحة التي أشاعها اكتشاف النفط في أوساط المواطنين فهي معجزة تتجسد أمام أعينهم وتجمعت الحشود الغفيرة من المواطنين اللذين تجمعوا حول المغفور له الشيخ راشد والشيخ مكتوم بن راشد قرب الخور لمشاهدة تدفق النفط .. بات تاريخ دبي منذ تلك اللحظة التاريخية أشواطا متقدمة تعتمد فيها الامارة لضمان مستقبل دبي وفتح آفاق جديدة أمام اقتصادها التجاري .. وللحديث بقية ..