مقالات و تحليلات

المستشار القانوني الشاعر الاماراتي الدكتور حبيب بولاد يكتب “للصدى” : شواهد تاريخية لقبيلة بني ياس (ج/6)

المستشار القانوني الشاعر الاماراتي الدكتور حبيب بولاد

لعل أهم ظاهرة تكلم عنها تاريخ قبيلة بني ياس وهي مشاركة تمثيل امارة ابوظبي في مجلس الامارات المتصالحة الجديد الذي أنشئ عام 1952 فقد بدأ واضحا في العديد من الصعوبات وهي التي تعترض طريق حكام الامارات المتصالحة قد نتجت عن عدم الاتصال المباشر فيما بينهم .. كان المجلس المذكور هو أقرب الى منتدى يلتقون فيه ويتبادلون الرأي بعيدا عن القيود الصارمة للزيارات الرسمية وقواعد الضيافة الخاصة بها .. قد حضر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ هزاع اجتماع المجلس الذي عقد في 25 أبريل عام 1953 ولكن لم يكن هناك أي مشاركة في مناقشة الاجتماع .. وفي جلسة 5 يوليو عام 1954 عقد الاجتماع في قاعة الاستقبال بمقر الوكالة السياسية الانجليزية بامارة الشارقة بحضور المغفور له الشيخ زايد وحكام الامارات المتصالحة في حين كان المغفور له الشيخ زايد يتحدث بقوة وحماسة بشأن ابوظبي وكان المغفور له الشيخ راشد آل مكتوم من الحاضرين عن والده له دور مهم وفاعل فيما يختص بامارة دبي .. وقد شهدت تلك الاجتماعات مولد علاقة دائمة من التعاون بين المغفور له الشيخ زايد والمغفور له الشيخ راشد وهي العلاقة التي عادت بالفائدة على مستقبل هذه الدولة .. ولاحظ الحكام أنفسهم في اجتماعات المجلس أن من بين الفوائد التي تحققها اجتماعات مجلس الامارات المتصالحة انها تتيح لهم أن يلتقي بعضهم بعضا فعليا على أرض محايدة ..

قد أكتسب المغفور له الشيخ زايد من خلال حضوره المنتظم لاجتماعات مجلس الامارات المتصالحة خبرة كبيرة في التعامل مع حكام المنطقة بصفته ممثلا للحاكم لواحة العين .. أن شعبية قبيلة بني ياس قد فاقت بكثير للمغفور له الشيخ زايد ولها ادراكا متزايدا بأنه سيكون حاكما نموذجيا للامارة وكان ذلك واضحا في الرسالة المطولة من المقيم السياسي البريطاني الى وزارة الخارجية البريطانية في 17 أبريل عام 1962 حيث قال فيها “من حسن حظنا أن نجد في الشيخ زايد رجلا نعتقد أنه يتمتع بعدة من الخصائص والسمات الضرورية التي يجب توافرها في شخصية حاكم ابوظبي في الحقبة الجديدة فهو محبوب ويتمتع بالاحترام الواسع بين أبناء شعبه وعند الآخرين  يجعلنا نعتقد أنه رجل يمكن لحكومة صاحبة الجلالة والآخرين أن يتعاملوا معه لمافيه لمصلحة الامارة وأخيرا فان لدينا من الأدلة مايؤكد أن تولي الشيخ زايد مقاليد الحكم في ابوظبي سيكون موضع ترحيب من قبل الأسرة الحاكمة وشعب امارة ابوظبي عموما بما في ذلك قوة الشرطة” ..

تنحى الشيخ شخبوط حاكم امارة ابوظبي عن الحكم وذلك بدعم وتأييد تام من الأسرة الحاكمة بعد أن توصلت الى قرار رسمي في هذا الشأن وكان القرار بتاريخ 6 أغسطس عام 1966 في تمام الساعة 11:15 صباحا .. تم اخلاء قصر الشيخ شخبوط الحاكم السابق لامارة ابوظبي من جميع العاملين فيه كما تم سحب قوة كشافة ساحل عمان التي كانت تحرس القصر في ذلك الوقت وعبرت سيارة الحاكم السابق ببطئ أمام طابور الجنود اللذين أدوا تحية الشرف للمرة الأخيرة .. وعلى مهبط الطائرات خارج ابوظبي كانت طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني في الانتظار .. وفي تمام الساعة 2:50 من ظهر يوم السادس من أغسطس 1966 غادر الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان امارة ابوظبي التي حكمها وأشاع السلم فيها طوال ثمانية وثلاثون عاما .. هبطت طائرة الشيخ شخبوط في امارة البحرين حيث كان في استقباله أمير البحرين الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة .. أما بشأن عودة الشيخ شخبوط الى ابوظبي فقد التزم المغفور له الشيخ زايد بوعده .. فبعد فترة انتقالية مكنت الحكومة الجديدة من تثبيت أقدامها وأتيح للشيخ شخبوط ان يعود الى ابوظبي وقد عاد اليها بالفعل بعد فترة اقامة مؤقته في كل من المملكة المتحدة ولبنان وايران ليعيش بقية حياته في وطنه وبين أبناء شعبه معززا مكرما بوصفه عضوا موقرا من أعضاء الأسرة الحاكمة حيث أقام في منزله المفضل في العين .

في 6 أغسطس من عام 1966 أقدم المغفور له الشيخ زايد زايد بن سلطان آل نهيان من نواة قبيلة بني ياس على ما أعتبره الكثيرون أنه قدره المحتوم .. قد وهبه الله الثروة والعزيمة لينفق الأموال على مافيه مصلحة شعبه كما كان من شأن تولي المغفور له الشيخ زايد مقاليد الحكم في ابوظبي أن فسح الأمل أمام كثيرين خارج حدود ابوظبي وكانت سياسته المعلنة على احترام استقلال امارات الخليج وقد سعى بكل مافي استطاعته الى توثيق الصداقة والتعاون بينهما وله الدور الرئيسي في تحقيق ذلك بفضل قدراته التي لاتنكر .. وحقق التعاون بين امارات الساحل المتصالحة على أكمل أشكاله .. هذه هي نواة قبيلة بني ياس القديمه قد سقت رمال الامارات بتاريخ الحضارة ..

 وللحديث بقية ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى