مقالات و تحليلات

المستشار القانوني الشاعر الاماراتي حبيب بولاد يكتب للصدى : نواة قبيلة بني ياس ( ج/2 )

المستشار القانوني الشاعر الاماراتي الدكتور حبيب بولاد

لم يكن الخليج في قطيعة مع محيطه العربي بل كان دائما في قلب الاحداث متطلعا الى الغد الأكثر اشراقا ونماء وازدهارا .. وقد كان التاريخ يعبر عن قناعته الراسخة وعن مبادئ أسرة نواة بني ياس العربية .. اذا كان الاسم هوية التعارف بين البشر فلن يسرع النسيان اذا غاب عنه صاحبه في ذكره ولم يندثرعن الواقع وعن ثوابت المواطن الذي يشعر أكثر عن غيره بمعنى الانتماء الوطني الذي عاش لقرون متتالية مهددا في كيانه بسبب الأطماع الاجنبية في أرضه وبحره ثم في ثرواته .. ويعرف كل ذي عين تبصر وعقل يفكر بأن نواة قبيلة بني ياس وعلى الرغم من قلة أعدادهم في ذلك الوقت واتساع مساحة الارض التي يعيشون عليها بل دافعوا عنها و عن الحصن المهدد من القوى المجاورة .. كما أنهم صمدوا متزودين بالحكمة قبل السلاح وبالارادة قبل المال وبالانتماء قبل القوة كما أنهم قادرين على تحقيق طموحات أبنائهم ورد أطماع الغزاة والمعتدين وكانوا يسعون في زياراتهم المتلاحقة ولقاءاتهم المتعددة مع مشايخ القبائل لسعيهم الى تقريب وجهات النظر وتجاوز الخلافات مهما كانت مظلمة من اليأس والقنوط .

أتاح الاستقرار في ابوظبي عام 1761 لآل آل نهيان للوصول الى البحر واستغلال مافيه من خيرات مثل الاسماك واللؤلؤ وسرعان ما أصبحت جزيرة دلما وهي تحت حكم بني ياس مركزا للتجارة كما أستقر البعض من القبيلة في جزيرة ابوظبي منذ حكم الشيخ ذياب بن عيسى من نحو عام 1783 الى 1793 وان مقر الحكم لم ينتقل من المارية في ليوا الى ابوظبي الا في عهد حكم الشيخ شخبوط بن ذياب في عام 1793 الى 1816 .. وتولى من بعده ابنه الأكبر محمد مقاليد الحكم بعد تنحي والده عن الحكم برغبته .. وفي عام 1818 بعد عامين من تنحي الشيخ شخبوط عن الحكم لابنه محمد عاد ابنه الأصغر طحنون بن شخبوط بالعزيمة ليقبض على زمام السلطة ويحكم في ظل والده وبدوره تنحى الشيخ محمد تاركا السلطة لوالده وأخيه طحنون .. ان الشيخ طحنون هو ذو عزيمة لاتلين وزعيم وطني وله الرياضات الحربية ومبدع في أساليب القتال وفي يناير عام 1820 أكد توقيعه على معاهدة السلام مع البريطانيين باعتباره الحاكم الفعلي لأبوظبي وأستمر في نمط الحكم والذي كان للشيخ طحنون خلاله الكلمة الأخيرة في كافة الأمور خمسة عشر عاما .. بعد تنحي الشيخ طحنون تزعم الشيخ خليفه بن شخبوط قبيلة بني ياس في عام 1833 حتى 1845 .. تولى الشيخ سعيد بن طحنون مقاليد الحكم بدعم من آل نهيان في عام 1845 بعد استقبال حافل من قبيلة بني ياس ومساندته بترحيب كبير وسانده المقيم السياسي البريطاني وتقديم كل الدعم المعنوي المتاح في حدود سلطته لضمان ترسيخ سلطة الحاكم الشرعي وسرعان مابايعته قبيلة بني ياس زعيما لها .. ففي عام 1855 تم اختيار الشيخ زايد بن خليفه وهو في العشرينات من عمره لزعامة القبيلة الشهير بزايد الكبير حاكما جديدا لأبوظبي وبقى في مقاليد الحكم لغاية عام 1909 وهوعم الشيخ سعيد بن طحنون .

قد حظيت ابوظبي في فترات طويلة من تاريخها بحكام تميزوا بالكفاءة والقوة أجتمعت في شيخين من حكامها هما الشيخ شخبوط بن ذياب والشيخ زايد بن خليفه زايد الكبير لهما صفات فريدة مكنتهما من البقاء على رأس السلطة والتفوق في ادارة شؤون الحكم لقبيلة بني ياس.. ان الشيخ زايد الكبير طرد الوهابيين في عام 1869 لتطهير منطقة العين اللذين جاؤوا متسللين الى الواحة من الغرب عام 1853 .. وفي عامي 1880 و 1881 كان اول لقاء له مع شريف مكة أثناء فريضة الحج وأتفق على أن يكون تحالف بينهما على المصلحة المشتركة كما بادر زايد الكبير بارسال ابنه الى البحرين لتعزيز العلاقات الوطيده وفي رسالته كتب انه رجل سلام في المنطقة .

أدرك الشيخ زايد الكبير مسؤوليات الزعامة في النظام القبلي لذا فقد سعي الى تعزيز المكانة الاقتصادية لتحالف بني ياس من خلال دعم امارة ابوظبي في تجارة اللؤلؤ حيث اصبحت تملك اكثر من 410 مركبا لصيد الأسماك والغوص لاستخراج اللؤلؤ والتجارة .. وظلت تتوسع امارة ابوظبي الى ان وصل عدد سكانها الى نحو 6000 نسمه بحلول عام 1907 وأصبحت ذات مكانة خاصة عند الشيخ زايد الكبير .. وللحديث بقية ..

                                                                                                                                

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى