أخبار موريتانياالأخبارفضاء الرأي

بالصور.. حزب الصواب ينظم حلقة نقاش حول مستقبل التيار القومي العربي في موريتانيا

عقدت اليوم الجمعة 12/04/2024 بمقر حزب الصواب المركزي ندوة فكرية ضمت نخبة من الكتاب والأساتذة الحامعيين والفاعلين السياسيين لنقاش ورقة أعدتها لجنة التكوين السياسي بالحزب بمناسبة الذكرى السابعة والسبعين لتأسيس حزب البعث العربي، الاشتراكي كان عنوانها ( مستقبل التيار القومي العربي في موريتانيا).
افتتح الندوة رئيس الحزب الدكتور عبد السلام ولد حرمة بكلمة تناولت الإطار المرجعي للندوة، وسعي الحزب من خلالها إلى استدعاء مجموعة من المهتمين بالشأن السياسي والفكري القومي والوطني، لنقاش مستقبل تيار سياسي وفكري يعيش وضعه الخاص منذ عقود على الساحة القومية وانعكاس ذلك عليه محليا معتبرا أن الجهة المنظمة للندوة ستقدم ورقتها التمهيدية وتكتفي بأسئلة من قبيل:
هل ما زال التيار القومي العربي يمارس دورا على الساحة السياسية الوطنية الموريتانية وهل ما زال متاحا له تعزيز وجوده وتأثيره على الساحتين القومية والقطرية وهل هناك حاجة إلى قيامه بمراجعات فكرية وتغييرات منهجية وتنظيمية لتعزيز فرص عودته النضالية و التصدي لمحنة الأمة والواقفين خلفها، وما تحتاج مواجهتهما الشرسة من صدق مع النفس، ووضوح مع العقل، ونزاهة مع النفس ومرونة في المناورة للوصول إلى شواطئ التغيير والاصلاح بنفس الروح التي استوطنت تفكير رواد النهوض القومي الحديث.. وهل يجب عليه تكييف أدوات عمله مع التطور الهائل في حجم التحديات المتسارعة وطنيا وقوميا، أم أن تلك الأدوات التي مكنته سابقا من التأثير القوى في السياسة والحياة العامة العربية يمكن أن تقوم بإيصاله الآن في ظل موجات التحول السياسي والمجتمعي الراهنة ومدياتها المتوقعة.. ثم قدم الأستاذ سييدي سيد احمد ورقة الندة التي فتح بعدها نقاش متنوع المقاربات ستنشره الصفحة تباعا في الأيام القادمة
ورقة الندوة
بسم الله الرحمن الرحيم
مستقبل التيار القومي العربي في موريتانيا
-حلقة نقاش- 12/04/2024
السادة الكرام السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
يسعدنا في حزب الصواب وبمناسبة ذكرى ميلاد حزب البعث العربي الاشتراكي أن نفتتح بحضوركم الكريم هذا النقاش الذي يبدو في نظرنا حيويا وضروريا في الآن نفسه: حيوي من جهة تعلقه بمستقبل تيار سياسي عريض ( التيار القومي بمختلف روافده) شغل مكانة كبيرة من مساحة الوعي والممارسة في بلادنا وفي بقية أجزاء الوطن العربي في الماضي ويتطلع الكثيرون إلى دوره في ظل تفاقم الأزمات الوطنية والقومية، وهو ضروري أيضا نظرا لخصوصية اللحظة التي يمر بها هذا التيار وطنيا وقوميا والتي تكاد تجعل منه حركة خارج ميدان الفعل السياسي المنسجم مع المبادئ والأهداف الكبرى التي أعلن عنها قادة التيار منذ أربعينيات القرن المنصرم.
أيها الإخوة والرفاق( لنقترب قليلا من مصطلحات التيار) فقد جرت العادة في مثل هذا النوع من اللقاءات المعدة للنظر والبحث والاستقصاء المعرفي أن تتقدم جهة الدعوة بتصور تمهيدي للنقاش يثير بعض الإشكاليات والأسئلة، وقد لا يتطابق ذلك التمهيد بالضرورة مع رؤية تلك الجهة للموضوع نظرا للحاجة الماسة إلى الانزياح قليلا عن مألوف المواقف بغية الدفع بالنقاش إلى حدوده القصوى.
الرفاق والإخوة الكرام
غني عن التذكير أن هذا القطر تعرف بصورة مبكرة بعد الاستقلال على الأفكار القومية العربية في مسار تَدرجَ من أفكار حركة القوميين العرب إلى مبادئ البعث والناصرية وتجاربهما السياسية هنا في العهدين الاستثنائي والديمقراطي.
هذا إذا لم نقل إن حضور الفكر القومي العربي متمثلا في الشعور بالانتماء إلى أمة العرب وتاريخها الثقافي وامتدادها الجغرافي كان طبيعيا في هذه الربوع منذ الفتح الإسلامي والهجرات اللاحقة عليه نظرا للتمازج الماهوي التلقائي بين العروبة والإسلام.
إن هذا التعرف المبكر على أفكار وتجارب القوميين العرب جعل من التيار رافدا أساسيا من روافد التاريخ السياسي الحديث لموريتانيا بحيث لا يستطيع الباحث الأمين تجاهل دور القوميين العرب في المحطات السياسية الوطنية الكبرى وتحولاتها اللاحقة سواء ما تعلق منها بمحاولات تصفية الإرث الاستعماري اقتصاديا وثقافيا ( التأميم- التعريب) أو ما تعلق برسم خارطة التوازنات المحلية على مستوى الممارسات الحكومية خلال عهود أنظمة الرؤساء التسعة الذين حكموا القطر بشكل مطول أو قصير.
الإخوة والرفاق الكرام
إن هذا الحضور البارز للتيار وطنيا تتقاسمه نظرتان تدفع به إحداهما إلى حدوده القصوى عندما تماهي بين فكر التيار وممارسته ومواقفه مع تفكير ومواقف الأغلبية العربية في المجتمع التي باتت ثقافة العولمة تتناولها تحت مسمى مكون(البيظان).
خلف تجذير هذه الرؤية غير البريئة يقف خصوم التيار السياسيين خاصة القوميين الزنوج منهم.
أما الرؤية الثانية فتسعى إلى تقزيم حجم التيار من خلال اختزاله في مواقف وآراء شخصيات من الرواد القلائل.
وهذه الرؤية هي ما نلمسه دائما في بعض كتابات وتصريحات الأمميين اليساريين الوطنيين.
وقد صار يتداول منذ فترة موقف ثالث يعزز الرؤية الأولى على طريقته الخاصة مؤديا إلى محاولة فرض توصيف يماهي بين القوميين العرب وأنظمة الاستبداد.
وهو التصور الذي ترفده بقوتها الإعلامية والدعائية بعض حركات الإسلام السياسي.
نريد لهذا النقاش أن يجترح الصورة الذاتية لحضور القوميين العرب من خلال تفكيك أبعاد سؤال مركزي هو: كيف يقرأ القوميون العرب في موريتانيا تجربتهم السياسية؟
إن محاولة تفكيك هذا السؤال- والتي قد تضطرنا إلى حلقات أخرى للنقاش- ستؤدي بنا حتما إلى الحفر في ركام ثلاث لحظات نتوقف فيها عند ماضي التيار فنقارب مثلا ضمن مساءلة التجربة الاجتماعية للتيار أسباب عجز القوميين العرب عن كسب ود باقي الأقليات القومية في القطر هل يعود إلى فشل في تأسيس رؤية وطنية للمشكل القومي أم إلى شبهة عنصرية مكينة في الأفكار والممارسات كما يدعي خصوم التيار؟
ثم نتوقف في الحاضر ضمن مساءلة للتجربة السياسية عند أسباب غياب القوميين العرب منذ بدء التجربة الديمقراطية الوطنية هل يعود إلى عجز القيادات عن استشراف مآلات هذه التجربة والسعي إلى توفير وسائل عملها الخاصة أم يعود إلى تأثير العقل الباطن للتيار المتماهي مع التجارب السلطوية،والذي ينظر إلى الديمقراطية بريبة كبيرة؟
نريد للسؤال أيضا أن يقارب من خلال نقاشاتكم ضمن رؤية للمستقبل هل يستطيع القوميون العرب في موريتانيا التأسيس لتجربة بينية جامعة تعيد للتيار ألقه السياسي أو على الأقل تخرج بشقيه- كل بطريقته الخاصة- من واقع الشتات والتبعثر السياسي الحالي؟
ولعله يمكن أيضا في سياق نفس الحفر المقترح أن نتساءل عن مشروعية الحديث في موريتانيا اليوم عن وجود تيار قومي عربي أي عن معنى التوفيق النظري بين صفة البعثي أو الناصري العامة وبين هذا الكم الهائل من اللافتات التي يتموقع تحتها القوميون العرب؟
أيها الإخوة والرفاق
إن قراءة بسيطة ومختصرة-وربما سطحية أيضا- يمكن أن تنتهي بنا إلى استنتاج مفاده أن ممارسة القوميين العرب في موريتانيا لم تكن يوما ممارسة وفق منطق مبادئ ومثل التيار القومي العربي لأنها ظلت عاجزة عن تحويل الفكر القومي العربي الرائع في انسجامه المنهجي ومثله السياسية إلى حاجة مجتمعية.
فأقصى ما حققته- وفي حدود ضيقة أحيانا- هو خلق مجموعة من الكوادر المثقفة التي تتعاطى تراتيل وأورادا مقدسة.
لماذا حصل ذلك هنا ولم يحصل في بقية أجزاء الوطن العربي؟
ربما لأن الفكر كان أكبر من طموح حامليه أو ربما لأنه عجز عن إنبات زرع دائم الاخضرار، كعجزنا عن توفير حاجتنا من الغذاء رغم وفرة الماء والأراضي الخصبة!
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وشكرا لكم ولنبدأ النقاش.
حزب الصواب
الجمعة 12/04/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى