أخبار موريتانياالأخبارقضايا المجتمع

فتوى حول لزوم شرط “لا سابقة ولا لاحقة” / الدكتور الشيخ الزين الامام

الحمد لله أما بعد فقد كثر الحديث عن مدى لزوم العرف الجاري فى بلدنا باشتراط الزوجة او أهلها بأن( لا سابقة ولاحقة وإلا فأمرها بيدها) .
وقد أفتى بعض الفقهاء المعاصرين بعدم اللزوم استدعاء لنصوص لم تحز فى المفصل..

و تعود المسألة الى أصل تحكيم العرف وهو أصل من أصول مالك رحمه الله ..
ولقد بين أبو اسحق الشاطبي فى موافقاته مسوغات الاتكاء على العرف دفعا لتوهم ما يتوهمه البعض اليوم من أنه مصادم للأصول.

قال إن ( إختلاف الاحكام عند اختلاف العوائد ليس اختلافا فى أصل الخطاب لان الشرع موضوع على أنه دائم أبدي لو فرض بقاء الدنيا من غير نهاية والتكليف كذلك لم نحتج فى الشرع إلى مزيد..

وإنما معنى الاختلاف ان العوائد إذا اختلفت رجعت كل عادة الى أصل شرعي يحكم به عليها …
فالاختلاف ليس فى الخطاب وإنما فى العوائد أو فى الشواهد ..)

وفيما يتعلق بمسألتنا فإن الفقهاء نصوا على أن العادة محكمة وأنه إن جرت العادة باشتراط انتفاء السابقة والمنع للاحقة فإن ذلك لازم للزوج ولها الحق فى التطليق بذلك حتى لو لم يذكر ذلك فى العقد عن نسيان او استعجال.

جاء فى فتاوى العلامة سيدي عبد الله بن الحاج ابراهيم العلوي رحمه الله :
(وسئل عما إذا تراضى الزوجان على شرط إن تزوج عليها فأمرها بيدها أو أمر الداخلة أو هما بيدها قبل العقد ونسياه عند العقد هل يلزم أو لا ؟

فأجاب بأنه لازم إذا كان فى بلد لا يترك أهله ذلك الشرط لأنا نعلم قطعا بالعادة أنهم على ذلك الشرط لشدة اعتناء النساء به لاسيما فى بلدة تلك عادة أهله .).

وقد نظم العلامة محمد العاقب ولد مايابي هذه الفتوى بقوله:
وإن نسي فى العقد بعد أن رضي زوج به بعرف قومها قضي
فاليوم باغي الجمع بعدما خطب بتركه كجامع نونا لضب
ولابن الاعمش كلام فيه حاد فلا أحد يقتفيه

ولعل لقائل أن يقول إن هذا الشرط يعود الى تعطيل ومنع ما أجازه الشرع قلنا فأما أصل الإباحة فليس هو محل النزاع
لكن النزاع فى إلزام الزوجة بقبول السابقة او اللاحقة وهو أمر جاء العرف لإعطائها مندوحة وفسحة فى الإختيار وهو ما يناسب رفع الحرج وعدم الإعنات والتيسير
مصداقا لقوله تعالى (وما جعل عليكم فى الدين من حرج ).

وعقد النكاح من الدين وليس يناسب اشتماله على ما فيه إعنات أو حرج لأن رفع الحرج مقصد من مقاصد هذه الشريعة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام .
والله اعلم وأحكم

فاتح يناير 2024
الدكتور الشيخ ولد الزين ولد الامام
أستاذ أصول الفقه ومقاصد الشريعة
عضو المجلس الاسلامي الأعلى سابقا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى