مقالات و تحليلات

المستشار القانوني الاماراتي الدكتور الشاعر حبيب بولاد يكتب للصدى : شواهد تاريخية لقبيلة بني ياس ( ج/5 )

المستشار القانوني الشاعر الاماراتي الدكتور حبيب بولاد

كان عام 1928 علامة فارقة في تاريخ امارة ابوظبي اذ تم اختيار الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان حفيد زايد الكبير لتولي مقاليد الحكم في الامارة وجاء ذلك الاختيار لينقل الى سدة الحكم جيلا جديدا بزعامة رجل يحظى بدعم أعمامه وأخوته علاوة على دعم من العائلة الحاكمة .. أتسم الحاكم الجديد بالعديد من الصفات المثيرة للاعجاب فقد كان ودودا عذب الحديث ذا شخصية جذابة فكان يحظي بدعم أقرب الأقربين في عائلته اذ تعاهد أخوته الثلاثة على دعمه حين أوصتهم المغفور لها والدتهم الشيخة سلامة بنت بطي آل حامد بأن يقسموا على التضامن والتآزر وقد أدى هذا التضامن بين الأخوة الى أعطاء قوة دافعة للقيادة الجديدة في امارة ابوظبي الى أن اصبحت واحة استقرار وعدم وجود أي خلافات قد تشق صف العائلة الحاكمة والدعم الذي كان يحظي به الشيخ شخبوط من جانب عمه خليفه بن زايد أكبر أبناء الشيخ زايد الكبير .. ومنذ عام 1928 بدأ الشيخ شخبوط حاكما مستقرا أستمر أربعين عاما تقريبا قبل أن يحل محله أخوه الأصغر المغفور له الشيخ زايد ..

عندما تولى الشيخ شخبوط زعامة بني ياس ومقاليد حكم امارة ابوظبي كان الكثير من التغييرات قد حدث خلال الأعوام التي تلت وفاة زايد الكبير .. كانت سلطة الشيخ شخبوط ضعيفة على قبائل العين الى أن تولى المغفور له الشيخ زايد منصب ممثل الحاكم فيها عام 1940 .. وقد شهدعام 1935 انشاء شركة فرعية لشركة نفط العراق المملوكة لبريطانيا لتعمل في مجال الاستكشافات النفطية وهي شركة تطوير بترول الساحل المتصالح المحدودة .. وفي عام 1939 وقعت الشركة اتفاقية مع الشيخ شخبوط ونجح في الحصول على مميزات أفضل وكان ذلك قبل تسعة أشهر من اندلاع الحرب العالمية الثانية .. لقد سعى الشيخ شخبوط على امتداد عشرين عاما تقريبا الى حماية بلاده من هذه النزعة البريطانية نحو فرض السيطرة .. ظهرت صيغة جديدة للحكم تمثلت في مشاركة أخوته في ادارة شؤون الامارة وكان المغفور له الشيخ زايد أخوه الأصغر حينها كان في مطلع صباه في موقف المراقب للأحداث أكثر كونه مشاركا في صنعها وكان من أكثر المقربين لأخيه الشيخ شخبوط وممن سيصبح لهم تأثير مباشر في ادارة شؤون الحكم في الامارة ..

قد شكل تسلم الشيخ شخبوط الحكم امكانية بدء مرحلة جديده يسودها تعاون أوسع لأبناء أسرة آل نهيان في مساعدة الحاكم على ادارة شؤون الحكم ومتفقا الى حد كبير مع آلية الحكم التقليدية في أطار القبيلة .. ومن هنا كانت أهمية العهد الذي عقدته المغفور لها الشيخة سلامة عندما وحدت أولادها جميعا لدعم أخيهم الشيخ شخبوط فقد أدى ذلك الى حفز جهود الأخوة الى أداء دور سياسي أكثر فاعلية وايجابية .. كانت بني ياس وعدد من القبائل المهمة تسكن في واحة العين فقبيلة الظواهر كانت لهم قراهم في الهيلي والقطارة والجيمي والمعترض وينتشر آل بونعيم بكثرة في واحة العين وكان مركزهم الرئيسي في حماسة وكذلك العوامر اللذين أستقروا في المنطقة .. كانت امارة ابوظبي هي القوة المسيطرة في المنطقة وتليها في السيطرة سلطنة مسقط .. نشأ المغفور له الشيخ زايد خلال فترة في واحة العين وأما الجهود التي بذلها الحاكم الشيخ شخبوط لحماية حقوق امارة ابوظبي في المناطق الداخلية حول واحة العين وفي ليوا وفي الأراضي الواقعة بين مناطق القبائل .. المغفور له الشيخ زايد فهو ابن واحة العين وكان من العادة فأنه لايخفي حنينه الى العودة اليها والعيش بين أهله عند سفح جبل حفيت .. لقد كانت العلاقة التي تربط بين الشيخ شخبوط وأخاه المغفور له الشيخ زايد مزيجا من مشاعر الأبوة والأخوة على حد سواء وقد تبادل الأثنان المحبة والولاء والثقة وكان المغفور له الشيخ زايد كان يسعى دائما الى حماية أخاه الأكبر من الأخطار المحدقة به ..

كان الحاكم الشيخ شخبوط قد أدرك مهارات أخيه الاصغر المغفور له الشيخ زايد كما أيقن أن بأمكانه أن يعهد اليه بمنصب ما .. فعندما برزت الحاجة الى رجل يحافظ على نفوذ قبيلة بني ياس في واحة العين لم يتردد الشيخ شخبوط في اسناد هذه المهمة الى المغفور له الشيخ زايد ومنحه لقبا رسميا هو ممثل الحاكم .. وكان الشيخ شخبوط مدركا جسامة الوضع ويعلم أنه عندما عين المغفور له ممثلا له في واحة العين أنه يعهد بمستقبل الأسرة الحاكمة ومستقبل الامارة برمتها الى أصغر أخونه ..

وللحديث بقية ..

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى