الأخبارغير مصنففضاء الرأي

“مأمورية آمنة وبلا قيد زمني” ..رسالة مفتوحة إلى سيادة الرئيس.. وفقه الله / د.الهادي محمد المختار النحوي

د.الهادي محمد المختار النحوي / خبير اقتصادي وباحث في قضايا الفكر واسياسة

سيادة الرئيس 

السلام عليكم وسلام ورحمة الله وبركاته

لهذه الرسالة أكثر من سبب ويكفينا من تعداد الأسباب الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم “.

.قال صلى الله عليه وسلم  ” الدين النصيحة، ثلاثا، فقلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله، ولكتابه، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين، وعامتهم”. 

فلا خير فينا إن لم نجتهد في تقديم النصحِ في ما نراهُ خدمةً للوطن ومصلحةً لكم.

حول المأمورية

سمعنا ،سيادة الرئيس، حديثًا طويلًا عريضًا عن المأمورية الثالثة وربما الرابعة، وسمعنا عن مبادرات أطرِ الترارزة وغيرها من محافظات الوطن التي تطالبكم بالتقدم لمأموريةٍ ثالثة والأصلُ، سيادة الرئيس، أنه لا مجال للحديث عن المأمورية الثالثة فمجرد الكلام عنها يَدخل في سياق البدع القانونية والسياسية المنكرة.

 

وحتى إن سلمنا جدلا بإمكانية إيجادِ صيغةٍ أو حيلة قانونية لتسويغ المأمورية الثالثة ، فالأولى أن نتمسك بكلامكم ونصدّقكم عندما صرحتم أكثر من مرة بأنكم لن تتقدموا لمأموريةٍ ثالثة لأن ذلك ليس فيه مصلحة البلاد، لكن المحير في الأمر أنه بعد تصريحاتكم المتكررة المؤكدة على عدم الترشح، نجد من يستمر في رفع راية المأمورية الثالثة وكأنّه لا يضع اعتبارًا للدستور ومواده المحصنة بل ولا يصدقكم. 

 

فماذا تقول المادة 99 من الدستور:

 

“لا يجوز الشروع في أي إجراء يرمى إلى مراجعة الدستور، إذا كان يطعن في كيان الدولة أو ينال من حوزة أراضيها أو من الصبغة الجمهورية للمؤسسات أو من الطابع التعددي للديمقراطية الموريتانية أو من مبدأ التناوب الديمقراطي على السلطة والمبدأ الملازم له الذي يحدد مدة ولاية رئيس الجمهورية بخمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة”.

 

فما راي هؤلاء في هذا النص ؟

 

غير أن الذي يثير الحيرة أكثر من ذلك ،سيادة الرئيس، هو سكوتكم عن أصحاب المبادرات الذين ربما وجدوا في ذلك السكوت نوعًا من الضوء الأخضر ليستمروا في سعيهم والسكوت ،كما يقال علامة الرضا أو القبول، والسفيه إذا لم ينه فهو مأمور . 

 

 

  وحتى إن وضعنا جانبًا البعد القانوني لهذه القضية وحاججنا المتحمسين للمأمورية الثالثة بمنطقهم القائم على التمسك بكم بسبب ما حققتم من إنجازات وكذلك زعمهم أن بقاءكم مهم لاستكمال برامجكم وأيضا دعواهم أن الشعب متمسك بكم وأن النواب الذين يمثلون إرادة الشعب لديهم أغلبية في البرلمان ويحق لهم التعبير عن إرادة الشعب فإننا نجد أن هذه الحجج كلها لا تنهض ولا يُسندها الواقع ،في تقديري،

 

 فبالنسبةِ لما تحقق،  لا نغمطكم حقكم ونقول، بموضوعيةٍ، إنكم أنجزتم إنجازات تذكر وتشكر، بنيت الجامعة واتسعت الطرق المعبدة وبني المطار الدولي وبني قصر المؤتمرات وتنعم البلاد بحمد الله بمستوى لا بأس به من الأمن على حدودها وإن كان الأمن الداخلي ليس كذلك.

 

 هذه الإنجازات مثلما ذكرت ،تقدر وتشكر، لكن مسيرة التنمية طويلة وشاقة ومعقدة وإن تحدثنا بلغة ترتيب الأولويات فينبغي التركيز على بناء الإنسان فهو أولى من بناء الحجر خاصة إذا كان ما بني من الحجر ليس من الأحجار الكريمة أو لنقل ،سيادة الرئيس، لا يتنفل من عليه القضاء. 

 

فماذا يغني قصر المؤامرات أصحاب العشوائيات والبيوت المتهالكة؟ وماذا يستفيدُ سالكو الطرق التي لا تستجيب للحد الأدنى من معايير السلامة الدولية  فتتسبب في حوادث قاتلة ، من بناء مطار دولي ، على اهميته . نعم نحتاج المطار لكننا أيضا نحتاج إلى طرق آمنة.

 

وماذا تغني السمعة الخارجية لمواطن لا يجدُ قوت يومه أو لعجوز لا تجدُ ماءً صالحًا للشرب أو لأطفالًا شرّدوا في الشوارع وأصبحوا فريسةً للانحراف؟، نعم السمعة الخارجية مهمة لكن أولى منها السمعة الداخلية. 

 

إن أردتم، سيادة الرئيس، الصورة الحقيقية التي عليها البلد انطلاقا من قاعدة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه-“رحم الله امرأً أهدى إلي عيوبي” فاعلموا أن الصورة ليست على ما يرام وأن ما يصرح به بعض المسؤولين في الدولة أو في الحزب إنما يدخل في باب الدعاية الإعلامية والسياسية ولكن الوقائع لا تسنده ، ومن أراد الحقيقة فهي مرة وأنتم بحكم مسؤليتكم لا تريدون سوى الحقيقة بل أظن ظنًا شبه جازمٍ أنكم تعرفون واقع البلد على حقيقته بغض النظر عن الأحاديث الحماسية التي تقدّم للجماهير في المهرجانات لأغراض معينة.

 

سيادة الرئيس ،

 

موريتانيا اليوم مصنفة ضمن الدول  الأكثر فقرًا . 

 

موريتانيا اليوم يبلغ حجم دينها الخارجي ما يقارب ١٠٠٪؜ من الناتج المحلي.

 

موريتانيا اليوم مصنفة في ذيل الدول  بمؤشرات الخدمات التعليمية والصحية والبنى التحتية. 

 

موريتانيا اليوم تنتشر فيها الجريمة والقتل والسرقات على نحوٍ غير مسبوق. 

 

موريتانيا اليوم تبلغ نسبة الفقر فيها حسب بعض الإحصائيات المتخصصة حوالي ٧١٪؜ وحتى إن سلمنا بالنسبة التي تتبناها  الحكومة أي ٣١% فإن الواقع لا يحتاج إلى أرقام ، فالبؤس والفقر ينتشران بين معظم سكان البلاد وهذا مشاهد بالعين المجردة ويدركه الناس العاديون..

 

لئن كانت موريتانيا اليوم التي تعيش حالةً جيدةً من حرية التعبير مقارنة بمحيطها العربي والإفريقي وهذه محمدة ، إلا أن نظامها الديموقراطي الذي انطلق بقوة خلال الفترة الانتقالية يشهد تراجعًا لا تخطؤه العين ، ومن علامات تراجعه ما نراه من حشد وتعبئة من أجل ترسيخ المأمورية الثالثة أو بعبارة أخرى لنقل بأن النظام الديموقراطي اليوم في موريتانيا يجسد حالة من النفاق السياسي والسعي لإغلاق باب التناوب السلمي على السلطة أو لنقل ايضا إنه يرسخ فكرة توريث السلطة أو  الاستبداد بصورة “ناعمة”، صورة ظاهرها انتخابات وصناديق اقتراع وحقيقتها استخدام وسائل الدولة والنظام التقليدي القبلي والعشائري والفئوي من أجل تكريس سلطة الفرد. وهذه الصورة أخطر من الاستبداد التقليدي وهي انتكاسة حقيقية للنظام الديموقراطي. 

 

وخطورة المأمورية الثالثة لا تكمن فقط في تشجيع الرئيس على خرق الدستور والاستمرار في الحكم بل تكمن أيضا في استمرار الحزب في السلطة لإدارة دفة الحكم بحجة أن الحزب الحاكم يمتلك الأغلبية. فمن أراد العدل عليه أن يعترف أن  هذه الأغلبية لم تأت من منافسة شريفة بل جاءت لأن الحزب الحاكم  استخدم نفوذ الرئيس وسلطة الدولة ومالها وترغيبها وترهيبها. 

 

لذلك نحتاج إلى منطقة زمنية فاصلة أو محايدة يختار فيها الموريتانيون من يمثلهم بإرادة حرة دون إكراه أو توجيه من الدولة وإن حصل ذلك فلا أظن أن الحزب الحاكم سيؤمن “الأغلبية” الحالية.  

 

 

 

 

لو عثرت بغلةٌ في بغداد

 

سيادة الرئيس ، إن الذين يزينون لكم ، أو لأنفسهم، المأمورية الثالثة لا أظن أنهم نصحوكم نصيحة صادقة. فإن كنتم جئتم للسلطة بحثًا عن المغانم فنقول ربنا يبارك فلعلكم حصلتم على ما فيه الكفاية وزيادة ، وإن كنتم جئتم للسلطة تضحية وشوقًا إلى المغارم فمن حقكم أخذ نفس واخذ قسط من الراحة، وكم من فارس ترجل وهو في أوج عطائه. 

 

 وإن كنتم جئتم للسلطة من أجل مصلحة الشعب الموريتاني ،ولا شيء غير ذلك، فلكم الشكر والتقدير على ما قدمتم وسأقترح عليكم ،فخامة الرئيس، طريقةً أخرى آمنة لمواصلة خدمة هذا الشعب. 

 

سيادة الرئيس

 

 أعرف أن بعض الرؤساء والزعماء قد لا تروق لهم لغة الرقائق والمواعظ ،خاصة إذا كان مقدمها يحتاجها أكثر من غيره.

 

يا أيها الرجل المعلم غيره

 

هلا لنفسك كان ذا التعليم

 

تصف الدواء لذى السقام وذى الضنى

 

كيما يصح به وأنت سقيم

 

ابدأ بنفسك فانهها عن غيها

 

فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

 

وكون الإنسان مقصرا فذلك لا يمنعه من التنبيه إلى الخير وتقديم النصح كما هو مقرر عند أهل العلم. 

 

 فالرؤساء بشر وليسوا من أهل العصمة ونصحهم أولى لأن مسؤولياتهم أكبر والحقوق المرتبطة بهم أخطر ، فإذا كان سيدنا عمر بن الخطاب قال تلك العبارة المشهورة “لو عثرت بغلة بالعراق لظننت أن الله تعالى سيسألني عنها”، فما بالك، سيادة الرئيس، بحقوق أرملة في انجاكو  لم تجد وسيلة للإنفاق على أبنائها وما بالكم بأسرة فقيرة في بير أم قرين لم تجد وسيلة للحصول على ماء يصلح للشرب؟ وما بالكم بصاحب مواشي في عدل بقرو نفقت ماشيته لأن الدولة لم تقدم له العلف؟ وما بالكم بقرى آدواب  المنتشرة في مثلث الفقر التي لا تجد الحد الأدنى من الخدمات التعليمية والصحية والحياتية عمومًا؟ إلى غير ذلك من الحقوق المنوطة بكم شرعًا بحكم موقعكم في قيادة الشأن العام. 

 

سيادة الرئيس ، خاف سيدنا عمر من أن يسأل عن بغلة عثرت وقد بلغ من العدل ما بلغ حتى نام مطمئنًا تحت ظل شجرةٍ مفترشًا الأرض دون حراسةٍ لأنه حرس نفسه بالعدل.

 

فكيف بكم سيادة الرئيس عندما يأتي يوم القيامة  هؤلاء الفقراء والأيتام والعجزة والطلاب الذين لم يجدوا منحهم يسألون عن حقوقهم ؟ .

 

سيادة الرئيس، لا يخفى عليكم أن المال والجاه والسلطة كل ذلك لا يذهب مع الإنسان إلى قبره فكما قال حسني مبارك فإن الكفن بلا جيوب. 

 

 

سيادة الرئيس 

 

هؤلاء الذين يظهرون لكم الولاء وربما رأوا فيكم عمر بن عبد العزيز أو جده عمر بن الخطاب، لن يكون أحدهم معكم في القبر ولن يجيب أحدهم عنكم عن السؤال عن حقوق الفقراء والمظلومين 

 

سيادة الرئيس

 

 امامنا وامامك يوم عظيم عنوانه قوله تعالى: ((لمن الملك اليوم))؟ 

 

سيادة الرئيس 

 

لن تروا حولكم في ذلك اليوم أي منتسب لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية فكلهم مشغولٌ بنفسه (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ) .

 

 

أفضل لكم منهج المشير سوار الذهب رحمه الله

 

أعرف، سيادة الرئيس، أن للسلطة بريقها وأن من تمكن منها أو تمكنت منه يصعب عليه فراقها فمغرياتها كثيرة وهي تشغل الإنسان عن المآلات وعن التفكير في يوم الحساب (حبك الشيء يعمي ويصم ) وكما ذكرت آنفًا فمن فكر في تلك الحقوق التي سيسأل عنها فالأفضل له أن يفر من السلطة فراره من أسدٍ جائع.

 

 

 كما لا يخفى عليكم ،سيادة الرئيس، فقد تمسك بعض الرؤساء بالسلطة إلى آخر لحظة حبًّا وعشقًا لها وتعلقا بها فكانت النتيجة كوارث مضاعفة، دمار بلدان وفُقد السلطان وحلت الذلة محل العزة وذلك ما لا نرجوه لكم. 

 

سيادة الرئيس   

 

المشير سوار الذهب عسكري وصاحب رتبة عالية في الجيش وجاء إلى السلطة عن طريق انقلاب فرضته الظروف لكن ما ما يميزه عن أضرابه من الذين استولوا على الكرسي عن طريق القوة هو زهده ، ولا يكون ذلك إلا لمن كانت عليه  أمارات الصلاح ، فقد جاءته السلطة طائعة لينة ولكنها لم تغره فتركها طواعيةً وبسماحة نفس .

 

 وبما أن الرئيس سوار الذهب يحب أن يخدم بلده ، فقد اختط لنفسه طريقًا لا مشاكل فيه ولا منافسة عليه فأسس منظمة الدعوة العالمية التي تولى قياداتها  وخدم من خلالها السودان بل الأمة كلها ، خدم الفقراء والمحتاجين بنى ملاجئ الأيتام بنى المساجد أمن الكثير من الخدمات الحياتية للسودانيين وغيرهم . 

 

وإلى جانب عمله التنموي والخيري هذا، أنجز أيضًا إنجازات علمية جليلة وكرم من أجل ذلك بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام ونال جوائوائز ثمينة أخرى تقديرًا لخدمته لبلده وأمته.

 

ابتعد سوار الذهب عن السياسية وما يتلبسها من شبهات وأساليب قد تنافي الصدق والإخلاص، لكنه أسهم في تنمية بلده وتعزيز مكانة امته، وعاش معززًا مكرمًا يُستقبل استقبال الرؤساء حيثما توجه ولا يدخل في مشاحنة مع معارضة ولا تغريه موالاة وخرج من هذه الدنيا عزيزًا كريمًا شريفًا أحبه الفقراء والمساكين وخُتم له بأن دُفن في البقيع في جوار الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام  إنها السعادة او لا تكون..

 

 سيادة الرئيس

 

 هذه هي الوظيفة التي أقترح عليكم وظيفة الرئيس عبدالرحمن سوار الذهب رحمه الله ، أسِّسوا منظمة للسلم الاجتماعي في موريتانيا ، وقد ذكرت هذا في مقال سابق، واخدموا من خلالها البلد ،ساعدوا  الفقراء والمساكين وساهموا في تعزيز الوحدة والألفة بين أبناء الشعب الموريتاني، وظفوا علاقتكم التي أقمتم مع الرؤساء والمؤسسات الدولية لخدمة بلدكم ، كونوا عونًا للرئيس الجديد ، كونوا في الوسط في موقع الحكيم والحكم الذي يلتف حوله الموريتانيون بحثًا عن النصح والإرشاد فيكسب احترام الجميع وتقديرهم، فذلك خير من الحزب والمأموريات المضطربة.  

 

ولم لا تكون ، سيادة الرئيس،  هذه المنظمة لتطهير المال فقلما ينجو رئيس من التلبس بالمال العام والناس تتحدث في أمور لا نعرف صدقها من كذبها ولكن، إن صدق ما يقال عن الاستفادة من المال لأغراض شخصية، فعمل هذه المنظمة وإنفاق المال عليها والجهد والوقت كل ذلك قد يكون بإذن الله وسيلة للتطهير والتحلل من المال الحرام أو على الأقل مال الشبهه أو لنقل هي فرصة لرد المظالم إن ثبت وقوعها وربما وقع بعضها من كبار المسؤلين أو صغارهم فكل ذلك يسأل عنه الرئيس.

 

هذه هي المأمورية المفتوحة التي لا دخل للدستور في تحديد سنواتها ولا منافسة عليها ولا خوف من الانقلابات على صاحبها ومن دعاكم  لمأمورية ثالثة ادعوه  أنتم للعمل في هذه المنظمة. 

 

وذكروهم بأن الصحبة الصحيحة هي تلك التي تنفع في الدنيا والآخرة. 

 

(الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)

 

 

صحبة الزهاد والصالحين 

 

إن أذن لي سيادة الرئيس  فسأقترح عليه أيضا صحبة أحد الصالحين الزهاد في الدنيا ، وقليل ما هم اليوم، ليعينه على إصلاح القلب والزهد في الدنيا والتوبة والتقرب إلى الله بعد ١٠ سنوات أو تزيد من ممارسة السلطة وقع فيها ما وقع مما لا نحتاج إلى ذكر تفاصيله. 

 

وإن أذن لي سيادة الرئيس فسأقترح عليه كذلك  السعي لتطييب خواطر بعض الصالحين الذين كانوا في السلطة أو خارجها ممن تضرروا خلال فترة حكمه  فذلك أحوط لدينه وآخرته (الكلام ما ينقال كامل) . 

 

وستكون سنة حسنة من الرئيس إن سجل رسالة اعتذار عما وقع من أخطاء أو ظلم خلال فترة حكمه وذلك أيضًا أحوط لدينه وسيزيده تقديرًا في أعين الموريتانيين. 

 

وهذه سيادة الرئيس فقراتٍ من وصية الإمام الزاهد الحسن البصري لأمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز:

 

 

“..و أعلم يا أمير المؤمنين أن لك منزلاً غير منزلك الذي أنت فيه، يطول فيه ثواؤك، ويفارقك أحباؤك، يسلمونك في قعره فريدًا وحيدًا. فتزود له ما يصحبك {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ . وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} [عبس:34-36] وذكر يا أمير المؤمنين {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ . وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} [العاديات:9-10]، فالأسرار ظاهرة، والكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. فالآن يا أمير المؤمنين وأنت في مهل قبل حلول الأجل، وانقطاع الأمل. لا تحكم يا أمير المؤمنين في عباد الله بحكم الجاهلين، ولا تسلك بهم سبيل الظالمين، ولا تسلط المستكبرين على المستضعفين، فإنهم لا يرقبون في مؤمن إلاّ ولا ذمة، فتبوء بأوزارك وأوزار مع أوزارك، وتحمل أثقالك وأثقالاً مع أثقالك. ولا يغرنك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك، ويأكلون الطيبات في دنياهم بإذهاب طيباتك في آخرتك. ولا تنظر إلى قدرتك اليوم، ولكن انظر إلى قدرتك غدًا وأنت مأسور في حبائل الموت، وموقوف بين يدى الله في مجمع من الملائكة النبيين والمرسلين، وقد عنت الوجوه للحى القيوم. إني يا أمير المؤمنين، وإن لم أبلغ بعظتي ما بلغه أولو النهى من قبلي، فلم آلك شفقة ونصحاً، فأنزل كتابي إليك كمداوي حبيبه يسقيه الأدوية الكريهة لما يرجو له في ذلك من العافية والصحة. والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.

 

هذه الرسالة موجهة للسيد الرئيس ولكنها أيضا موجهة الى المطالبين بالمأمورية الثالثة فنعيذهم من حال من يبيع آخرته بدنيا غيره.

 

وعليهم أن يتذكر أنها لو دامت لغيره لما وصلت إليه وفي ذلك حكمة بالغة .. وتلك الأيام…

 

قد اكون بالغت ،سيادة الرئيس في الموضوع ، ولكني انطلق من قاعدة ” الشقيق مولع بسوء الظن” .. فقد يكون الأمر أبسط مما تصورت ، فقد أسر لي أحد المفكرين من أبناء البلد  وهو لا ينتمي لمعارضة ولا موالاة  ولا يشغل أي موقع رسمي، بأن كل الضجيج الذي يثأر الآن، سببه أن الرئيس يريد أن يسجل هدفا قبل خروجه ليقول للناس إنه خرج والشعب متمسك به لكنه آثار احترام الدستور .. وهذا من المكاسب المعنوية التي لا بأس للسعي إليها لكن السلطة حلوة خضرة وقد تزين النفس للإنسان ما يضرها ، والمطالبون بالمأمورية الثالثة قد يصدق عليهم ” يزينها لك ال ما ينفعك فيها”..

 

حفظكم الله، سيادة الرئيس، وأصلح لنا ولكم الحال والمآل .

والصلاة والسلام على الحبيب الشفيع .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى