الأخبارمقالات و تحليلات

الأكاديمي العراقي البارز  ا.د كريم فرمان يكتب : اذا كان الدستور ابو القوانين، فمن هي أمه؟

ا.د كريم فرمان / كاتب عراقي اكاديمي واستاذ القانون والنظم السياسية في جامعة الأخوين.افران المغرب.

المصدر : الكاتب 

عندما كنت في مساء اليوم اشاهد عرضا قدمه احد اعضاء لجنة اعداد الاعلان الدستوري في سوريا بحضور الرئيس السوري الشرع تذكرت برفسور اليمن الراحل والصديق د. عبد العزيز السقاف والحائز ع الدكتوراة بامتياز من معهد ماساشوستس في القانون والنظم السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية والذي تزاملنا معا اساتذة في جامعة صنعاء كلية التجارة خلال مطلع التسعينات من القرن المنصرم واشتركنا سوية مع اساتذة اكفاء اخرين منهم د. محمد عبد الملك المتوكل والذي اغتيل برصاص الغدر في صنعاء وكذلك بحضور البرفسور د. احمد الكبسي ود. محمد زبارة عميد الكلية وجمع راق من اهل العلم والكفاءة قال د. السقاف رحمه الله اذا كنا نريد تقييم نصوص دستورية فان الدستور اليمني هو من أفضل دساتير العالم بل اجزم ان نصوصه من الجودة والصياغة الدستورية المتماسكةقد تخطى الدستور الأمريكي!!
اما على الواقع فاين تجد هذه النصوص؟
المشكلة هي في القدرة على تطبيق النصوص وانفاذها ومن يلزم بعلوها وتطبيقها.
هذا صحيح جدا ولا ينطبق على اليمن البلد الغالي وموطن الاجداد فحسب انما يشمل اغلب بلدان العالم الثالث او الاقل نموا. رغم ان الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح قد بذل جهد استطاعته بما حباه الله من حكمة ودهاء فطري بان يقدم كثيرا لليمن خارج نطاق الدستور والذي اجزم ان ثلثي الشعب اليمني لم يطلع عليه ولكنه اجتهد بمرونته المعهودة ومناوراته ان يجعل اليمن بلدا عربيا وحدويا مستقرا ولكن خذلته الظروف.
الاعلان الدستوري السوري هو اقل من دستور واكثر من قانون بمعنى هو وثيقة دستورية تغطي سلطة الامر الواقع لفترة انتقالية وتحدد شكل النظام السياسي وصلاحيات السلطات وسوى ذلك لكن الدستور موضوع اخر يحتاج إلى هيئة وطنية تعده من رجال القانون الدستوري والسياسة والفكر والاحزاب والنقابات والمراة ومنظمات المجتمع المدني كي تشترك في صياغته ويطرح للنقاش العام في وسائل الإعلام ثم يطرح على الاستفتاء العام لكي يكتسب مشروعيته وهنا اذكر مقولة لزميلنا في جامعة جواهر لال نهرو في دلهي برفسور كريشما والمتخصص في نظم الشرق الأوسط واشتهر كتابه في ستينات القرن الماضي عن العراق وحكم الزعيم عبد الكريم قاسم وعنوانه( عسكري تورط في السياسة ) كان يسأل كلما مر ذكر الدساتير بالقول مازحا اذا كان الدستور يلقب ابو القوانين واقوى وثيقة قانونية في الدولة فمن هي امه؟
وهنا نرجو ان يعرفنا عن امه فيقول هي الشعوب ممثلة بالاحزاب والنقابات والنخب السياسية والثقافية في البلد لانها هي المعنية بالدستور حصرا فاغلب الشعوب ترتفع فيها الامية وتكافح لاجل العيش فلا يعنيها من قريب أو بعيد حكاية الدستور ولكن للاسف اغلب الاحزاب همها الوصول الى السلطة ليس لتطبيق الدساتير وانما لتقاسم المغانم ومع ذلك يضيف بروفسور كريشما بان الدستور الامريكي من اقوى الدساتير الجامدة في العالم لصعوبة تعديله والإجراءات المعقدة المطلوبة ويبدو ان من كتبوه تعمدوا ذلك ويضيف الهند بلد المليار انسان والذي وصفه نهرو نحن امم في دولة يجمعها دستور محترم حتى ان هذا الدستور يمنح رئيس جمهورية الهند حق العفو الا ان هذا الرئيس جرده الدستور من حقه ان يصدر قرار باعتقال مواطن واحد!!!
اظن الدساتير مراة عاكسة لمدى تطور الشعب وفعالية النخب لان المواطن في بلداننا يفكر في التنمية وتحسين ظروف معيشته واقصى طموحه تطبيق القانون بعدالة على الجميع.
كل الدساتير تحتاج صمامات أمان وكوابح فعالة من محكمة دستورية محايدة وضامنة لتفسيره بصورة قانونية لصالح النصوص وروح القانون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى