واشنطن تدشن عملية عسكرية حاسمة ضد الحوثيين مع رسالة تحذير لطهران
الصدى -العرب – قتل 31 شخصا على الأقل في اليمن، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة في صنعاء الأحد، بعد أن شن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضربات عسكرية كبيرة النطاق على جماعة الحوثي في اليمن السبت ردا على هجمات الجماعة على حركة الشحن في البحر الأحمر، في بداية حملة من المتوقع أن تستمر لعدة أيام.
وكان الرئيس الأميركي أعلن السبت أن واشنطن أطلقت “عملا عسكريا حاسما وقويا” ضد الحوثيين، متوعدا باستخدام “القوة المميتة الساحقة حتى نحقق هدفنا”.
وحذر ترامب الحوثيين من أنهم إن لم يتوقفوا عن شن الهجمات، “فستشهدون جحيما لم تروا مثله من قبل”.
كما حذّر إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، من استمرار دعمها للحوثيين، قائلا إنه إذا هددت إيران الولايات المتحدة، “فإن أميركا ستحملكم المسؤولية الكاملة، ولن نكون لطفاء في هذا الشأن!”.
والضربات، التي قال أحد المسؤولين إنها قد تستمر لأيام وربما لأسابيع، هي أكبر عملية عسكرية أميركية في الشرق الأوسط منذ تولي ترامب منصبه في يناير، وتأتي في الوقت الذي تصعد فيه الولايات المتحدة ضغوط العقوبات على طهران بينما تحاول جلبها إلى طاولة المفاوضات على برنامجها النووي.
وكتب ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال للتواصل الاجتماعي “إلى جميع الإرهابيين الحوثيين، وقتكم انتهى وهجماتكم يجب أن تتوقف بدءا من اليوم. إذا لم يحدث ذلك فستشهدون جحيما لم ترونه من قبل”.
وأفاد المتحدث باسم الوزارة أنيس الاصبحي على منصة اكس “الإحصائية الأولية لعدد ضحايا العدوان الأميركي الذي استهدف مناطق مدنية وسكنية في صنعاء ومحافظة صعدة والبيضاء ورداع” وصلت الى “31 شهيدا و101 جريحا معظمهم من الأطفال والنساء”، مشيرا إلى أنّها “حصيلة أولية وما زال البحث جاريا لانتشال الضحايا”.
ووصف المكتب السياسي للحوثيين الهجمات بأنها “جريمة حرب”. وقال في بيان “قواتنا المسلحة اليمنية على أتم الجاهزية لمواجهة التصعيد بالتصعيد”.
وأشار سكان من صنعاء إلى أن الغارات استهدفت مبنى في معقل لجماعة الحوثي. وقال أحد السكان، ويُدعى عبدالله يحيى، إن الانفجارات كانت عنيفة وهزت الحي كما لو كانت زلزالا وروعت النساء والأطفال.
وفي مدينة تعز بجنوب غرب اليمن، قال شاهدان في المنطقة اليوم الأحد إن ضربات استهدفت مواقع عسكرية تابعة للحوثيين.
وذكرت قناة المسيرة في وقت مبكر اليوم الأحد أن هجوما آخر استهدف محطة كهرباء في مدينة ضحيان في صعدة مما أدى إلى انقطاع الكهرباء. وعادة ما يلتقي عبدالملك الحوثي، زعيم الحوثيين، مع زواره في ضحيان.
وشن الحوثيون عشرات الهجمات على حركة الشحن منذ نوفمبر 2023، في حملة قالوا إنها تأتي في إطار التضامن مع الفلسطينيين في الحرب التي تشنها إسرائيل على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة.
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الحوثيين هاجموا السفن الحربية الأميركية 174 مرة في حين هاجموا السفن التجارية 145 مرة منذ 2023. ويقول الحوثيون إنهم ينفذون هجماتهم تضامنا مع الفلسطينيين في الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة.
ومنذ اندلاع الصراع، تراجعت بشدة قوة حلفاء إيران الآخرين، حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس وجماعة حزب الله اللبنانية، فضلا عن إطاحة المعارضة السورية بالحليف الوثيق لطهران الرئيس السوري بشار الأسد من السلطة في ديسمبر.
لكن الحوثيين ظلوا صامدين خلال تلك الفترة وواصلوا الهجوم إذ أغرقوا سفينتين واستولوا على سفينة وقتلوا أربعة بحارة على الأقل في حملة أدت إلى تعطيل حركة الشحن العالمية، مما أجبر شركات الشحن على تغيير مسارها إلى رحلات أطول وأكثر تكلفة حول جنوب القارة الأفريقية.
وسعت الإدارة الأميركية السابقة للرئيس جو بايدن إلى إضعاف قدرة الحوثيين على مهاجمة السفن قبالة السواحل اليمنية، لكن إجراءاتها كانت محدودة.
ويقول مسؤولون أميركيون طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم إن ترامب أذن باتباع نهج أكثر قوة، وهو ما بدا متوافقا مع حديثه السبت.
وقال مسؤولون إن الضربات التي وقعت السبت نفذت جزئيا بواسطة طائرات من حاملة الطائرات هاري إس ترومان الموجودة في البحر الأحمر.
ووصفت القيادة المركزية الأميركية التي تشرف على القوات في الشرق الأوسط هجمات السبت بأنها بداية لعملية كبيرة النطاق في أنحاء اليمن.
وكتب وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث على موقع إكس “لن نتهاون مع هجمات الحوثيين على السفن والطائرات الأميركية (وقواتنا)، ونحذر إيران، راعيتهم. سنستعيد حرية الملاحة”.
وأشار ترامب إلى احتمال القيام بعمل عسكري أكثر تدميرا ضد اليمن.
وقال الرئيس الأميركي “لن نتهاون مع هجوم الحوثيين على السفن الأميركية. سنستخدم القوة الفتاكة الساحقة حتى نحقق هدفنا”.
وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن الحكومة الأميركية “ليس لديها سلطة أو شأن لتملي على إيران سياستها الخارجية”.
وكتب على موقع إكس في وقت مبكر اليوم الأحد “توقفوا عن دعم الإبادة الجماعية والإرهاب الإسرائيليين. توقفوا عن قتل الشعب اليمني”.
وتوعد قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي بأن إيران ستردّ على أي هجوم يستهدفها، وقال في تصريحات بثها التلفزيون الرسمي “إيران لن تشنّ حربا، لكن اذا هددها أحد، ستردّ بشكل مناسب وحاسم وقاطع”.
ولم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة حتى الآن على طلب للتعليق.
وجاءت الضربات بعد أيام قليلة من إعلان الحوثيين عزمهم استئناف الهجمات على السفن الإسرائيلية التي تمر عبر البحر الأحمر وبحر العرب ومضيق باب المندب وخليج عدن، لينهوا بذلك فترة من الهدوء النسبي بدأت في يناير مع وقف إطلاق النار في غزة.
وجاءت الهجمات الأميركية بعد أيام قليلة من تسليم رسالة من ترامب إلى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، سعيا لإجراء محادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني.
ورفض خامنئي الأربعاء إجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة.
لكن أربعة مسؤولين إيرانيين قالوا لرويترز إن طهران تشعر بقلق متزايد من أن الغضب الشعبي المتزايد بسبب الصعوبات الاقتصادية قد يتحول إلى احتجاجات حاشدة.
وقال مسؤولون أميركيون إن ضربات إسرائيلية على منشآت إيرانية العام الماضي، منها مصانع صواريخ ودفاعات جوية، أدت إلى تقليص القدرات العسكرية التقليدية لطهران. وكانت الهجمات ردا على هجمات إيرانية بصواريخ وطائرات مسيرة.
ونفت إيران سعيها لتطوير سلاح نووي. لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية حذرت من أن إيران تسرع بشدة تخصيب اليورانيوم إلى نسبة نقاء تصل إلى 60 بالمئة القريبة من نسبة 90 بالمئة اللازمة لصنع أسلحة نووية.
وتقول الدول الغربية إنه لا توجد حاجة لتخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى العالي في إطار أي برنامج مدني، وإن أي دولة أخرى لم تفعل ذلك دون إنتاج قنابل نووية.
وفي مؤشر واضح على الجهود الأميركية لتحسين العلاقات مع روسيا، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن الوزير ماركو روبيو تحدث مع نظيره الروسي سيرغي لافروف وأبلغه بالضربات الأميركية في اليمن. ويقول مسؤولون أميركيون وأوكرانيون إن روسيا تعتمد على أسلحة توفرها إيران في حربها في أوكرانيا تشمل صواريخ وطائرات مسيرة.