الأخبارمقالات و تحليلات

استعادة الأمن في البحر الأحمر … تطور مرحب به في منطقة مضطربة / بقلم : وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي،

إن اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في اليمن مع الولايات المتحدة، والذي تم التوصل إليه برعاية سلطنة عمان، يشكل تطوراً بناءً للسلام والاستقرار الإقليميين.

لقد كانت قناة السويس على مدى تاريخها بمثابة شريان حياة للتجارة الدولية، وتحمل على عاتقها عبء التجارة العالمية.

كان للتصعيد الإقليمي منذ عام ٢٠٢٣ تداعياته على حرية الملاحة في البحر الأحمر، وبالتالي على حركة السفن اليومية عبر قناة السويس. وكانت مصر الأكثر تضررًا، حيث خسرت حوالي ٨٠٠ مليون دولار شهريًا من إيرادات قناة السويس، بإجمالي قدره ٨ مليارات دولار منذ بداية حرب إسرائيل على غزة. وقد أبرزت الأحداث التي شهدها البحر الأحمر ضرورة ضمان الأمن البحري لضمان تدفق سلاسل التوريد العالمية. وإذا كانت هذه الأحداث قد كشفت شيئًا، فهي أنها أكدت على أهمية الملاحة البحرية كركيزة أساسية للأمن الإقليمي.

 

يُمثل اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في اليمن مع الولايات المتحدة، والذي تم التوصل إليه برعاية عُمان، تطوراً بنّاءً للسلام والاستقرار الإقليميين. فهو يُمثل خطوةً واعدةً نحو خفض التصعيد، ويُسهم في الوقت نفسه في تحقيق الهدف الأوسع المتمثل في تأمين الممرات البحرية الحيوية. ومن المتوقع أن يُخفف الاتفاق من حدة التوترات على طول أحد أكثر الممرات المائية استراتيجيةً في العالم، مُطمئناً الجهات المعنية بالشحن البحري العالمي، ومُدعماً لاستمرار تدفق التجارة الدولية عبر البحر الأحمر وقناة السويس. ولا يُسهم هذا التقدم في تعزيز قضية السلام فحسب، بل يُعزز أيضاً الثقة الدولية في أمن سلاسل التوريد العالمية ومرونتها.

 

لقد تغيرت الديناميكيات، وستُحقق استعادة الثقة البحرية والملاحة الآمنة للسفن فوائد اقتصادية كبيرة، تشمل خفض أقساط التأمين، واستقرار تكاليف الشحن، وضمان وصول البضائع إلى وجهاتها دون تأخير مفاجئ. على مر تاريخها، مثّلت قناة السويس شريان حياة للتجارة الدولية، حاملةً على عاتقها عبء التجارة العالمية. بربطها البحر الأبيض المتوسط ​​بالبحر الأحمر، تربط القناة القارات، وتختصر طرق الشحن بما يصل إلى 8900 كيلومتر، وتجعل الأسواق البعيدة في متناول اليد. تُقلل هذه الكفاءة التكاليف، وتُقلل الانبعاثات، وتُعزز الترابط الاقتصادي العالمي.

 

بفضل الاتفاقية الأخيرة، أصبح بإمكان السفن الإبحار بثقة أكبر، مما يسمح بنقل البضائع بسلاسة وسرعة وفعالية أكبر من حيث التكلفة بين أفريقيا وأوروبا وآسيا وغيرها. تُذكّر هذه الاتفاقية بأن التسوية السلمية للنزاعات، حتى وإن كانت بخطوات صغيرة، تعود بالنفع على الملايين، وتعزز شبكة التجارة الدقيقة التي تربط اقتصادنا العالمي. إنها فرصة سانحة للاقتصاد العالمي والأسواق للانتعاش، لا سيما بعد سنوات مؤلمة ناجمة عن الجائحة والأزمة الأوكرانية والصراع الدائر في غزة. يتوق الاقتصاد العالمي إلى أخبار سارة، وتُعدّ حرية الملاحة في هذا الطريق البحري الحيوي تطورًا مرحبًا به.

 

في غضون ذلك، يجب علينا معالجة الأسباب الجذرية للتصعيد الإقليمي في آنٍ واحد، حفاظًا على حالة الاستقرار الراهنة في البحر الأحمر. ولذلك، ستواصل مصر بذل قصارى جهدها لتحقيق وقف إطلاق نار دائم في غزة، وإيجاد أفق سياسي يعزز السلام والأمن بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مع تعزيز دور البحر الأحمر كشريان حيوي للملاحة والتجارة العالمية.

 

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى