تعليقا على فوز صديقه ولد التاه … الدبلوماسي الدولي أحمد سالم ولد أحمد يكتب : فألقت عصاها واستقر بها النوى..

المصدر : الكاتب
كنت من أوائل الموريتانيين الذين اقتنعوا بالمؤهلات الاستثنائية للدكتور سيدي ولد التاه، لم أصدر هذا الحكم مجاملة، وإنما بنيته على متابعة ملاصقة للرجل على مدى خمسين سنة، بدأت ذات مساء من شهر فبراير 1977، عندما دخلت القاعة رقم 25 من إعدادية البنين في العاصمة، فوجدت أمامي تلاميذ الفصل الأول الإعدادي (P3) يتلقون درسًا من مادة التاريخ والجغرافيا على يد الأستاذ المقتدر والمناضل السياسي الكبير التجاني ولد كريم -حفظه الله- الذي انتزعه منا في تلك الأيام المرحوم المختار ولد داداه، ليعينه مفوضًا ساميًا للشباب والرياضة، بعد أن انتُخب رئيسًا للمجلس الأعلى للشباب.
وجدت أمامي في الفصل لفيفًا رائعًا من التلاميذ، ربطتني بهم جميعًا أواصر أخوة وصداقة ما زالت متواصلة، لله الحمد، وإلى اليوم.
كنت أشد التصاقًا باثنين هما معالي الوزير محمد سيديا ولد محمد خالد، ومعالي الوزير سيدي ولد التاه، وما زلنا كما كنا، لله الحمد.
وجدنا، سيدي وأنا، وقتًا أرحب لسقي علاقاتنا عندما عشنا معًا ثمان سنوات في الخرطوم.
كنت في تلك الأيام أتنبأ لسيِّدي محمد الحافظ ولد بدي، الذي كان من المعاونين المقربين للدكتور سيدي في المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، بأن محطة سيدي المقبلة هي رئاسة البنك الإفريقي للتنمية، وقد أسستُ ذلك الاستشراف على المعاملة التفضيلية الرائعة التي يعامل بها الدول الإفريقية، قادة وقطاعًا عامًا وقطاعًا خاصًا.
بدأتُ حملتي الدعائية لتبوئه هذا المنصب مبكرًا، وكان ذلك بمقال كتبته بتاريخ 29 إبريل 2023، بعنوان: “حق لبلادنا أن تفتخر بالدكتور سيدي ولد التاه”.
مناسبة هذا المقال، كانت مشاركتي في الاجتماع السنوي للمؤسسات المالية العربية المنعقد بتاريخ 28 إبريل 2023 بالعاصمة المغربية الرباط، والذي يضم وزراء المالية العرب في اجتماع سنوي يستعرض حصيلة المؤسسات المالية العربية، وقد وبخ الوزراء في ذلك الاجتماع أغلب هذه المؤسسات لتواضع النتائج المتحصل عليها، وكان المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، الذي يقوده الموريتاني الدكتور سيدي ولد التاه، هو المؤسسة الوحيدة التي أُستثنيت من ذلك، وتمت تهنئتها على أدائها المتميز.
المؤسسات المعنية هي: الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وصندوق النقد العربي، والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، والمؤسسة العربية لضمان الاستثمار، والهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي.
أما مقالي الثاني، فكان بتاريخ 22 ديسمبر 2024، تحت عنوان: “الدكتور سيدي ولد التاه المدير العام للمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا: حصيلة ترفع رأس الرجل والبلد والمؤسسة”، وكانت مناسبته قرار فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ترشيح الدكتور سيدي ولد التاه لرئاسة البنك الإفريقي للتنمية.
نشرت مقالا ثالثًا تحليليًا لحظوظ المرشحين الخمسة المتنافسين على المنصب، وكان ذلك بتاريخ 7 فبراير 2025، وعنوان المقال هو: “38 نقطة قوة تجعل سيدي ولد التاه الأوفر حظًا في أن يكون – بإذن الله – الرئيس المقبل للبنك الإفريقي للتنمية”.
الغريب في الأمر أني كلما نشرت أحد هذه المقالات، تنصب عليّ الاتصالات المثبطة من بعض الأوساط الوطنية، تكاد تسخر مما أكتبه، وتقول إنه من المستحيل أن تفوز موريتانيا بهذا المنصب، وإنها بلد صغير لا وزن له، ولا يمكن أن تحصل على شرف قيادة أكبر مؤسسة مالية في القارة، وإن المنافسة في هذا السباق مع دول لها وزنها الكبير، وهي مدعومة من دول أخرى كبيرة ومساهمة رئيسية في البنك، إلى غير ذلك من الحجج.
لم يثنني هذا التثبيط، وهذه السخرية عن قناعتي، وواصلت حملتي، وازددت حماسًا عندما شرفني فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني – مشكورًا – باختياري ضمن منسقية الحملة.
وتجنبت الجدال مع المثبطين، مستحضرًا موقف نبي الله نوح عليه السلام:
﴿ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون * فسوف تعلمون﴾
اليوم، ها هي سفينة الدكتور سيدي ولد التاه تستوي على جودي “أبلاتو”، وهو اسم حي أبيدجان الذي يوجد فيه مقر البنك الإفريقي للتنمية، ولسان حاله يقول:
“بعدًا للمثبطين، والحمد لله رب العالمين.”