الأخبارفضاء الرأي

راجعوا قانون الجنسيه بسرعة قبل فوات الأوان…./ الدكتور / محمد ولد الراظى

الدكتور محمد ولد الراظي/استاذ جامعي

الجالية السنغالية في موريتانيا تعلن إضرابا عن العمل والإضراب حق لكل عامل لكنه أبدا لا يكون باسم جالية ولا يكون باسم جماعة وطنية إلا حين يكون لحِق بها أذى بسبب هويتها وفي هذه الحالة تصبح قضيتها أزمة دبلوماسية تتفرغ لها الوزرات المختصة في البلدين لتجد لها الحلول اللازمة فالشعب السنغالي والشعب الموريتاني شعب واحد يفصل بينه مجرى مائي وكل ما يحصل من مشاكل قابل للحل بسهولة…
هل تأذى عامل سنغالي بسبب انتمائه الوطني !!!! وهل تعاقدَ عامل سنغالي فضاعت حقوقه لأنه يحمل الجنسية السنغالية !!!!
إضراب جالية عن العمل ليس إضرابا عماليا فلا عقود خاصة بالجاليات ولا أجور خاصة بها ولا مفتشيات شغل تبت حصرا في نزاعاتها مع معمليها ولا محاكم خاصة ولا مساطر ، فالعامل أيا يكون جزء من واقع قطاعي يجمعه وكل من يعمل فيه وهذا الإضراب الذي أعلن عنه مثير وقد يحمل أبعادا أخرى حين تسري العدوى داخل الجاليات الأخرى في حقبة ما بعد الهجرة القادمة من الجنوب ؛ إنه فصل جديد من فصول هذه الهجرة والتعامل معه قد يحدد مسارات ما بعده…..

لفت انتباهي بداية الأسبوع الماضي حشد كبير بمئات الأفراد يصطفون ضحى على قارعة طريق رئيس في نواكشوط ، شباب كلهم بين العشرين والثلاثين ، قسمات الوجوه إفريقية، يتجمهرون جماعات منفصلة يشي تمايزها أن مناشئ الأقوام مختلفة…..فأين قضى هؤلاء ليلتهم ؟ هل توجد مراكز إيواء داخل العاصمة يغدون منها ويروحون ؟ أم أن لهم حواضن مجتمعية يلوذون بها فترعاهم ؟

هؤلاء يتجمهرون بحثا عن عمل يدوي لا يقدرون على غيره فإن لم يحصلوا عليه قد ينخرطون في أعمال السلب والنهب وربما الحرابة والقتل وإن حصلوا عليه فقد أخذوه من أقوات شريحة وازنة من مجتمعنا أبطأت بهم الحيلة نتيجة لعوامل مجتمعية تاريخية أقساها وأكثرها بشاعة ؛ العبودية….

فماذا لو تنزاعوا مع أبنائنا في مرازقهم ؟ وكيف سيكون موقفنا حين يتعرض أبناؤنا للمضايقة في أرزاقهم داخل بلدهم ؟ وماذا لو حصلت صدامات بين الطرفين ، أبناء الأرض ، أهلها ، سقاتها وزراعها وحماتها من جهة وطرف وافد من جهة أخرى لا علاقة له بالأرض ولا يهمه إن احترقت ولا يهمه ضياعها ؟ وما الذي سنواجه به هذا العالم الظالم المفترس حين ندفع بواجبنا وحقنا المشروع في الدفاع عن مصالح شعبنا ويدفع هو بالدفاع عن ما يسميه بالقوانين والمواثيق الدولية ؟ ومن سينتصر لنا يوم نكون بين فكي كماشة ، أزمات داخلية من جهة يلعب فيها المهاجرون دورا كبيرا وضغط أجنبي من جهة أخرى خاصة إن كانت المنطقة تغلي والحدود ملتهبة وكل نقاط التماس الحدودي لها في داخلنا لواقط وصدى ؟ وماذا لو تحصل هؤلاء الوافدون على جنسية البلد فيتساوون في الحقوق مع أهلها الحقيقيين وماذا يقول القانون الموريتاني في موضوع الحصول على الجنسية ؟ وهل من بطون رخوة في هذا القانون تسهل عملية تجنيس الوافدين ؟

تحق الجنسية للأجنبي حين يقطن في موريتانيا لمدة لا تقل عن عشر سنوات وتحق الجنسية الموريتانية لأي مولود في موريتانيا من أبوين مجهولي الهوية وتحق الجنسية للمرأة الأجنبية حين تتزوج من موريتاني لمدة سنتين وتحق لكل مولود من أم موريتانية وأب أجنبي مجهول الهوية وتحق كذلك لأي مولود من أم موريتانية و أب أجنبي أنكر أبوته وتحق لكل مولود في موريتانيا من أبوين أجنبين حين البلوغ وأطفال التبني قد تحق لهم الجنسية الموريتانية باستكمال بعض الإجراءات واتباع بعض المساطر…….

فماذا تعني عشر سنوات من عمر الدول وما الذي يمنع أبوين أن يتلفا أوراقهما ليصبحا بلا هوية فتحق الجنسية لكل مولود يلدانه ….كلها منافذ سهلة وسالكة لحصول المهاجرين على الجنسية الموريتانية أو ذرياتهم بين سنتين و عشر سنوات خاصة لمن يملك حواضن محلية وطنية قد تتكفل باستحصال ما يحتاجه من الأسباب المنصوص عليها !!!!! وكل أجنبي حين يُمضي خمس سنوات في البلاد ثم يتعلم لغة البلد وثقافته ويكون سجله الجنائي نظيفا يصبح من حقه أن ينال الجنسية الموريتانية…. ربما نجد هنا تفسيرا لأخبار متداولة من أن السلطات الأمنية قد اعتقلت بعض الأشخاص على خلفية احتضانه لأجانب يدرسهم بعض اللهجات المحلية بغية استكمال ملف استحقاق الجنسية بعد مضي خمس سنوات على وصولهم البلاد !!!!!

البصمة ضرورية في تحديد ومتابعة شخص بعينه ولكنها لا تمنعه من حقه في المطالبة بالحصول على الجنسية حين يتوفر على شرط من شروطها.

المجهودات التي تقوم بها السلطات الأمنية والإدارية في ضبط المنافذ الحدودية وتعقب المهاجرين مجهودات كبيرة لكنها بحاجة لإجراءات رديفة من قبيل غلق منافذ التجنيس كلها عبر مراجعة شاملة لقانون الجنسية الموريتانية على وجه الاستعجال بحيث لا يكون بإمكان أي أجنبي أن يحصل عليها وأن يكون القانون الجديد بمقاسات تؤمن البلد من مخاطر طوفان المهاجرين الذي يتوقع أن يزداد حجما وسرعة مع استغلال الغاز في البلاد ومع تزايد المخاطر الأمنية الإقليمية وتكالب الدول الكبرى على المنطقة…….

لا يمكن بناء مقاربة اقتصادية وتنموية صحيحة إلا بتوفر الأمن الداخلي واستقرار المجتمع ومقاربات ديمغرافية علمية مبنية على دراسات احصائية دقيقة للولادات وأسبابها والوفيات وأسبابها ومؤشرات الزيادة السكانية وأسبابها….

إن مشكلة الهجرة ليست أمرا هينا ولا يمكن ولا ينبغي استصغارها ولا يُقبل من عاقل أن يتجاهلها ، فهي خطر يحبو لكن بقوة ومشكلةُُ تتعمق وقنبلةُُ موقوتة ستنفجر يوم تحين اللحظة المناسبة لمن يتربص بنا…..ومن الأمور المعيبة أن نقارن هجرة هؤلاء بهجرة الموريتانيين داخل القارة ، فالموريتاني في مهجره لا يزاحم أهل البلد في أرزاقهم ولا يقدر وليس جزءا من سياسات محلية ولا رهانات داخلية في هذه البلدان ولا يقدر وغالبا ما يخرج من وطنه وبحوزته ما يعتاش عليه ويزكيه….فالهجرة الحميدة لا يطلب أصحابها غير السماح باستقرار مؤقت والاستفادة من فرص قائمة تنتج رزقا مقابل خدمة أما الهجرة غير الحميدة فتستهدف الاستيطان وتقاسم الأوطان وبين تقاسم خبز وتقاسم وطن…بون شاسع !!!

إن استقرار هؤلاء المهاجرين ليس استقرار وافدين أجانب فحسب مع ما يمثله ذلك من ضغط على كل الخدمات العمومية ولكنه استقرار لثقافات دخيلة علينا وعادات أقوام يختلفون معنا في الكثير من ضوابط السلوك ومحددات وكوابح القول والفعل وقد يستقر بيننا مسيحيون وقد يستقر بيننا وثنيون تحميهم قوى دولية وقوانين فلا تعود الأرض هي الأرض وتحل البلوى لا قدر الله..

أرجو أن تعزز السلطات العمومية ما تقوم به من اجراءات في مواجهة الهجرة بالسعي لإبرام اتفاقيات مع الدول جميعا تقضي أن تكون

نسبة المهاجرين منها إلينا لا تتجاوز نسبة المهاجرين منا إليها وإن تجاوزتها فتكون بنسب قابلة للضبط
والسيطرة……

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى