أخبار موريتانياالأخبارالرأي
من النجاح إلى الأزمة.. ما الذي حدث لمشروع آفطوط الساحلي؟ / بقلم المهندس ديدي محمدو

ولوضع الأمور في نصابها الصحيح وتوضيح الحقائق، نوضح أن دراسة المشروع قد أُنجزت مطلع عام 2002 بواسطة تحالف من المكاتب الاستشارية ضم: TAEP (الكويت)، SCP-Gersar (فرنسا)، وAFRECOM (موريتانيا) فبل أن يتم تحيينها فيما بعد من طرف تجمع المكاتب LAHMEYER و STUDI. وقد تضمن تصميم محطة المعالجة الأولية في بني نعجي مرحلتين أساسيتين من التجهيز:
1. المرحلة الأولى (قدرة إنتاج من المياه une eau pré traitée تصل إلى حدود 170,000 متر مكعب/يوم): صُممت هذه المرحلة لتلبية الطلب على المياه المعالجة مسبقًا حتى عام 2020، مع الأخذ في الاعتبار أعلى معدلات الاستهلاك خلال أيام الذروة السنوية حيث تم تحقيق هذه القدرة بإنشاء أربع وحدات ترسيب، تبلغ قدرة كل منها 42,500 متر مكعب/يوم، بهدف تغطية احتياجات نواكشوط بين عامي 2010 و 2020 والمقدرة بحدود 150000 متر مكعب في اليوم.
2. المرحلة الثانية (255,000 متر مكعب/يوم): أخذ تصميم منشآت المرحلة الأولى في الاعتبار إمكانية إضافة وحدتي ترسيب جديدتين بحلول عام 2020، مما يرفع القدرة الإجمالية إلى 255,000 متر مكعب/يوم d’eau pré-traitée .
هذه القدرة تفوق بكثير التوقعات المتوسطة للطلب على المياه في نواكشوط بحلول عام 2030، والذي قُدّر بـ 225,000 متر مكعب/يوم خلال أيام الذروة السنوية لذلك، تم تخصيص المساحات اللازمة لإنجاز هذه المرحلة الثانية أثناء بناء منشآت المرحلة الأولى.
يجب الأخذ في الحسبان أيضًا الكمية التي تنتجها محطة “إديني” والمخصصة لنواكشوط، والتي تصل حاليًا إلى 45,000 متر مكعب/يوم.
فيما يتعلق بخصائص مياه النهر ومحتوى المواد العالقة (MES)، فقد تمت أثناء دراسة المشروع، مراقبة جودة مياه النهر على مدار دورة هيدرولوجية كاملة. تم أخذ عينات منتظمة من قاع النهر عند نقطة مأخذ آفطوط الساحلي وتحليلها في مختبر مؤسسة بروفانس (SCP-Gersar) في فرنسا. أظهرت نتائج التحليلات المعطيات التالية :
– أن نسبة المواد العالقة (MES) تتراوح بين بضعة ملليغرامات/لتر خلال فترات انخفاض منسوب المياه، وتصل إلى حدود 500 ملليغرام/لتر في فترات ارتفاعه. وقد بيّنت القياسات التي أُجريت أن جودة المياه جيدة بعد بناء سد “دياما”، حيث أدى ذلك إلى انخفاض سرعة التدفق واستقرار المياه.
– قبل وصول الفيضانات، تكون المياه شبه صافية.
– أثناء الفيضانات، قد ترتفع قيم المواد العالقة، حيث تم قياس 440 ملليغرام/لتر في عينة أُخذت بتاريخ 7 أغسطس 1999.
– تشير البيانات المتاحة من دياما إلى قياس 740 ملليغرام/لتر في عينة أُخذت بتاريخ 1 سبتمبر 1989.
بناءً على هذه المعطيات، لم يتجاوز المحتوى من المواد العالقة 750 ملليغرام/لتر مطلقًا، وهي نسبة تسمح لعمليتي التلبد والترسيب بتخفيض هذا المحتوى إلى حوالي 10 ملليغرام/لتر فقط.
إن الأسباب الجذرية لأزمة العطش المستمرة في العاصمة نواكشوط لا ترتبط بتصميم المشروع، بل تعود بالدرجة الأولى إلى مشكلة ترتيب الأولويات خلال الفترة ما بين عامي 2010 و2019. حيث كان من المفترض، كما أوضحت دراسة المشروع، أن تبدأ أعمال المرحلة الثانية من التوسعة قبل عام 2020، لأن المرحلة الأولى كانت مصممة لتلبية الاحتياجات حتى ذلك العام فقط. بينما كانت المرحلة الثانية ستغطي الاحتياجات حتى عام 2030.
لذلك، تقع المسؤولية الأساسية على عاتق مسيري القطاع الذين تعاقبوا عليه في تلك الفترة، لعدم التزامهم بالتوصيات المحددة في الدراسات والمخططات التوجيهية المتعلقة بشبك مياه الشرب.
بالنظر لما سطره معالي الوزير الأسبق Abdel Kader Ould Mohamed في تدوينة على صفحته على الفيسبوك، والمتعلقة بتصريح الرئيس معاوية خلال إحدى جلسات مجلس الوزراء بخصوص منسق المشروع، فإنني أأكد أن المشروع قد أُدير بكفاءة عالية من قبل فريق من المهندسين الأكفاء، بقيادة المهندس الخبير في تسيير و إدارة المشاريع التنموية، السيد سيدي ولد محمد لمين ولد بيها، خريج Central de Paris. وقد شهد الممولون عند إنتها المشروع على كفاءته ونزاهته، حيث تم إنجاز هذا المشروع الأضخم في تاريخ البلاد دون أي تأخير زمني، وبخصائص فنية عالية، مع الاحتفاظ بمبالغ مالية كبيرة من التمويلات، والتي استفادت منها الشركة الوطنية للماء لاحقًا في تمويل العديد من أنشطتها، خاصة تلك المتعلقة بـالصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.
والمفارقة اللافتة اليوم أن المهندس سيدي ولد محمد لمين ولد بيها هو من كان وراء إنجاز مصفاة الترسيب الجديدة Le débourbeur في بني نعجي. ورغم أنه لم يكن مسؤولًا عن الجانب الإداري والمالي للمشروع، إلا أنه كرس وقته وصحته بالمرابطة لمدة سبعة أشهر في محطة بني نعجي للإشراف الفني على الأشغال الميدانية حتى تم إنجازها في هذه الفترة القياسية.
إن تنمية البلد لاتتطلب اكثر من وضع الأمور في نصابها الصحيح من خلال إشراك الكفاءات المشهود لها بالنزاهة في كل قطاع وزاري حتى تتحقق التنمية المنشودة.